مؤشرات قوية تنذر بانتهاء دور الأسد.. والسر في الضوء الأخضر الذي صدر من بوتين
وسط تكهنات بتغيير جذري في مواقف روسيا وإيران تجاه بقاء بشار الأسد على رأس النظام السوري، يدور جدل حول التوقيت ومدى واقعية الأمر والدوافع وراء هذا التغير إن صحت التوقعات.
وتكتسب روسيا وإيران أهمية استراتيجية في سوريا حيث أنقذ تدخلهما في العسكري والعنيف في الأزمة السورية نظام الأسد من سقوط شبه محقق.
وتنفي الدولتان حدوث أي تغير في الموقف من الأسد، حيث قال حسين أمير عبد اللهيان، وهو دبلوماسي إيراني رفيع سابق يشغل الآن منصب مستشار رئيس البرلمان الإيراني إن “مشروع إطاحة بشار الأسد كذبة أميركية صهيونية كبيرة”.
وأكد أمير عبد اللهيان في تغريدة يوم الأحد، أن “الأسد هو الرئيس الشرعي لسوريا والقائد العظيم لمحاربة الإرهاب التكفيري في العالم العربي”.
وكانت تغريدته ردا على التكهنات التي يجري تدوالها في الآونة الأخيرة حول اتفاق كل من طهران وموسكو على استبدال الأسد، بحسب ما أورده موقع راديو فاردا المتابع للشأن الإيراني.
وفي 17 أبريل، نشر السفير الروسي السابق لدى دمشق ونائب الرئيس الحالي للمجلس الروسي للشؤون الدولية الحالي، ألكسندر أكسنينوك، تقييما متشائما للوضع في سوريا شكك فيه في قدرة قيادتها على حله.
وكتب أكسنينوك “دمشق ليست مهتمة بشكل خاص بإظهار مقاربة مرنة وبعيدة النظر”.
وأضاف أن حدوث “تسوية مستدامة أمر مستحيل إلا إذا تم القضاء على الأسباب الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية للنزاع والعقلية التي تسببت فيه”.
وفي الوقت ذاته، أثار نشر مقال ينتقد الفساد المالي للرئيس السوري في صحيفة يملكها يفغيني بريغوزين وهو حليف مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
هذا إلى جانب استطلاع يشير إلى أن شعبية الأسد في روسيا تراجعت إلى 32 في المئة، وظهور تكهنات بشأن حملة إعلامية روسية منسقة تؤشر بشكل علني على استياء موسكو من حليفها السوري، ويبدو أن هذه الحملة 1تتم بضوء أخضر أصدره بوتين.
تلك التكهنات غذتها أيضا حقيقة أن اقتصاد سوريا في الوقت الراهن مدمر تحت عبء توفير الخدمات الأساسية والضرورية للمواطنين، إلى جانب عزلة البلد لفترة طويلة عن الأسواق الدولية بسبب العقوبات الغربية.
ولم يعد يفصل السوريين سوى القليل عن بدء دخول قانون “قيصر” الذي أطلقته الولايات المتحدة الأميركية للضغط على النظام السوري، حيز التنفيذ، حيث من المرتقب أن يبدأ العمل بالقانون في يونيو المقبل، إذ يوفر للولايات المتحدة الوسيلة “للمساعدة في إنهاء الصراع في سوريا من خلال تعزيز المُساءلة لنظام بشار الأسد”.
ولا تزال التهديدات الأميركية بفرض عقوبات اقتصادية إضافية على الدولة السورية مستمرة، في الوقت الذي رفضت واشنطن رفع عقوباتها السابقة بعد انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-١٩).
كان مجلس الشيوخ الأميركي أقر في ديسمبر الماضي، حزمة وثائق وتشريعات بينها “قانون قيصر” لتضييق الخناق على نظام بشار الأسد، حيث ينص القانون على فرض إجراءات إضافية ضد الجهات التي تدعم العمليات العسكرية لقوات النظام السوري وخاصة روسيا وإيران.
وسيكون لقانون قيصر آثار اقتصادية مؤلمة على النظام السوري، في وقت تراجعت فيه قيمة الليرة السورية خلال الأشهر القليلة الماضية إلى مستوى أقل بـ27 مرة عن قيمتها قبل الحرب الأهلية.
وكتبت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في الثامن من مايو الجاري أن “هناك أمل ضئيل أن روسيا وإيران- أكبر حلفاء الأسد، وكلاهما يواجه عقوبات ودمارا اقتصاديا الآن بسبب فيروس كورونا- تستطيعان القيام بالكثير للمساعدة” على بقاء النظام السوري أكثر.
وإضافة إلى ذلك، يرى محللون أن موسكو تشعر باستياء كبير إزاء تصرفات رامي مخلوف ابن خال الأسد الذي يعتبر أغنى رجل أعمال في سوريا.
ويعرف على نطاق واسع أن مخلوف البالغ من العمر 50 عاما يروج للتجارة مع إيران والعالم العربي مهمشا المصالح التجارية الروسية في سوريا.
وبحسب التكهنات، فقد توصلت موسكو وطهران أخيرا إلى اتفاق لإطاحة الأسد وتدمير إمبراطورية مخلوف المالية في سوريا.
لكن يبدو أنه من خلال إذعانه لمطالب موسكو بكبح هيمنة مخلوف على الاقتصاد السوري، يأمل الأسد أن يبقى في السلطة وترشيح نفسه قريبا لولاية رئاسية أخرى.
وعلاوة على ذلك، يبدو أن طهران قررت هي الأخرى الركوع لمطالب موسكو بما في ذلك القضاء على دور مخلوف في سوريا.
يأتي ذلك فيما أمرت الحكومة السورية الثلاثاء بإجراء حجز احتياطي على أملاك مخلوف وعائلته لضمان دفع ما تقول السلطات إنها مستحقات مالية للدولة في ذمة شركة سيرتيل للاتصالات.
وأعلن مخلوف الأحد أنه السلطات السورية حددت موعدا لاستقالته من رئاسة شركة سيرياتيل، لكنه قال إنه لن يتخلى عن منصبه.
ونشر مخلوف الذي بقي بعيدا عن الأضواء طيلة سنوات الحرب الأخيرة، في أواخر أبريل وفي مايو الجاري ثلاثة تسجيلات على الإنترنت وجه فيها انتقادات لاذعة للسلطات وقال فيها إن الحكومة السورية تهدد بتوقيفه وبالحجز على شركة الاتصالات التي يملكها ما لم يسدد للدولة 50 في المئة من أرباح شركته.
وقال إن السلطات تطالب سيرياتل بدفع 185 مليون دولار، مطالبا الأسد بالتدخل، وإعادة جدولة المدفوعات.
ويرى مسؤولون غربيون أن مخلوف ومن خلال إمبراطوريته الهائلة لعب دورا رئيسيا في تمويل نظام الأسد خلال الحرب.
وتشمل نشاطاته الاقتصادية العديد من المجالات إلى جانب الهواتف المحمولة، بينها العقارات وتجارة النفط، ويعتقد أنه يسيطر على ما بين 60 إلى 70 في المئة من اقتصاد سوريا.
المصدر: الدار ـ وكالات