الدار/ رضا النهري:
إذا كان من شيء علمنا إياه فيروس “كورونا”، فهو أنه من الصعب وضع مخططات طويلة الأمد، سواء على المستوى الشخصي أو المهني، وسيكون من الصعب لاحقا أن يثق الناس في المخططات الطويلة المدى، بحيث سيعمدون فقط إلى رسم أفق لحياتهم على مدى أسابيع أو أشهر.
من بين ابرز الأمثلة على ذلك، ما حدث لمخرج تلفزيوني أسترالي شهير، إيف لوك، وزوجته الممثلة الإسبانية، ماريا آلبينيانا، وحماتها العجوز، الذين وجدوا أنفسهم، فجأة، وسط شقة بمدينة بلنسية الإسبانية، يمضون اليوم تلو الآخر من دون أفق، بعد أن كانوا رتبوا كل شيء لحفل زفاف كبير، سيأتيه الضيوف من القارات الخمس.
غير أن كل شيء انقلب بشكل درامي منذ الخامس عشر من مارس الماضي، ووجد المخرج، والعريس في آن، وعروسه، والممثلة أيضا، والحماة القادمة من أستراليا، أنفسهم مجبرين على عدم مفارقة الشقة لأزيد من شهرين بعد أن أصبح حفل الزفاف في خبر كان.
لكن المثير أن العريسين الشابين، قررا أن يخلقا حدثا ثقافيا وتلفزيونيا غير مسبوق. وبما أن العريس مخرج والعروس ممثلة، فلم يكن يعوزهما سوى هاتف محمول، من طراز جيد، لكي يبدى في تصوير مسلسل عن حالة الحجر، وهو المسلسل الذي يعد بنجاح كبير، والذي يحمل عنوان “ملغى”، في إشارة إلى حفل الزفاف الملغى.
المسلسل لم يستند إلى سيناريو مسبق، فموضوعه واقعي جدا، وهو الحياة اليومية في ظل الحجر الصحي، وممثلوه ثلاثة أشخاص، العريس والعروس والحماة، والتفاصيل هي كيف يقضون أيامهم، ليل نهار في الحجر، أي أن أن كل واحد من الممثلين الثلاثة لن يؤدي دورا مكتوبا من قبل، بل يؤدي فقط دوره الطبيعي كما يعيشه.
ويبدو أن هذه الفكرة قد تثير استغراب الكثيرين، وهو ما ترد عليه العروس ماريا بالقول إنهم فعلوا ما كان يجب أن يفعلوه، أي أنها ممثلة وزوجها مخرج فقررا أن يصورا السلسلة، ولو كان يشتغلان في مخبزة لاستمرا في صنع الخبز. أي أنهما لا يقوما سوى بالاستمرار في مزاولة عملهما، لكن في ظروف مختلفة تماما.