عندما يصد جوزيب بوريل بجفاء نائبا برلمانيا أوروبيا مسيرا من قبل الجزائر
عادل الزعري الجابري
يكاد الأمر يكون بديهيا: عندما لا تسير الأمور على ما يرام في الجزائر، تركز الجارة الشرقية جهودها على دبلوماسية التأثير التي يشكل “المغرب” قطب رحاها. وعلى مستوى أوروبا، يجري تنفيذ استراتيجية إثارة القلاقل الجزائرية، بشكل رئيسي، على ميدان البرلمان الأوروبي بتواطؤ من بعض النواب الفاسدين.
إنه حال بيرناندو بارينا أرزا، المنتمي لحركة الباسك الانفصالية وعضو شرذمة الجزائر-بوليساريو، التي تنشط في أروقة البرلمان الأوروبي.
ففي سؤال لئيم، يرجح أن يكون من وحي السفارة الجزائرية ببروكسيل، حاول النائب الإسباني إثارة الجدل، من خلال استفسار المفوضية الأوروبية حول شراء المغرب “غير القانوني” لطائرات مسيرة عن بعد، في “انتهاك لحظر” يزعم بأنه مفروض من قبل الاتحاد الأوروبي على الأسلحة.
وبلغ هذيان النائب الإسباني ذروته عندما ربط الحصول على هذه المعدات بـ “احتلال” الصحراء المغربية “بالقوة”، داعيا المفوضية الأوروبية إلى التدخل أخذا بعين الاعتبار -حسب قوله- “عدم شرعية هذه الأفعال”.
لكن ما لبث الرد على طلبه أن جاء سريعا. حيث لم ينتظر رد فعل المفوضية الأوروبية على ترهات النائب الإسباني بالبرلمان الأوروبي طويلا.
فعلى لسان ممثلها السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، أكدت المفوضية الأوروبية أن المغرب له كامل الحق في الحصول على أية تكنولوجيا عسكرية، وذلك على مستوى الاتحاد الأوروبي برمته.
وهنا، حسم بوريل قائلا “لا يوجد حظر أوروبي على مبيعات الأسلحة للمغرب”.
وفي الواقع، فإن المغرب هو أحد البلدان المرخص بتصدير التكنولوجيا العسكرية من الاتحاد الأوروبي إليها، وذلك بموجب إطار ملزم قانونا.
وعلاوة على ذلك، يتم التأكيد على وضع المغرب في هذا الصدد بانتظام على أعلى مستوى، كما ذكر بذلك الممثل السامي في إحاطته بشأن الهلوسات السخيفة للنائب البرلماني المنحدر من الباسك، حيث ينشر مجلس الاتحاد الأوروبي كل سنة تقريرا مفصلا حول الصادرات المرخص لها. فالدليل على حق المملكة المشروع كان جليا على نحو يجعل بوريل ليس في حاجة إلى الإدلاء بالحجج. لقد كان كافيا بالنسبة للنائب الأوروبي، المتحكم فيه كطائرة حربية مسيرة عن بعد، العودة إلى قانون معروف لإشباع فضوله.
وعلى غرار باقي المواقف المماثلة، سقطت مناورة هذا النائب البرلماني الأوروبي المرخص من طرف الجزائر بذلك في الماء. فقد كان من الممكن أن تكون جهوده أكثر فائدة بالنسبة للرأي العام الأوروبي، لو أنه تحلى بالشجاعة لإثارة الانتباه إلى الخطر الحقيقي المتمثل في التسلح المفرط للجزائر، بتخصيص أزيد من 6 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق العسكري، ومن ثم، تحويل جزء كبير من هذه الترسانة إلى الميليشيات المسلحة لـ “البوليساريو”.
وللإشارة، دق تقرير أوروبي حول صادرات الأسلحة إلى المنطقة المغاربية ناقوس الخطر بشأن هذا الوضع. فقد حذر التقرير الذي أشرفت على إعداده مجموعة البحث والإعلام حول السلم والأمن، التي تتخذ من بروكسيل مقرا لها، من تحويل جزء من الأسلحة المحصل عليها من قبل الجزائر إلى “البوليساريو”، والتي تتألف من عدة وحدات مدرعة، لاسيما الدبابات من نوع (تي-55، تي-62)، والمركبات المدرعة من قبيل (إي إي-9، بي.إر.دي.إم-2)، والمركبات المقاتلة للمشاة (بي.إم.بي-1 إس، بي.تي.إر-60)، وقاذفات الصواريخ المتعددة (بي.إم-21)، والصواريخ الآلية 55، فضلا عن الصواريخ أرض-جو (إس.أ-6، إس.أ-7 غريل، إس.أ-8 غيكو وإس.أ-9 غاسكين).
وحسب نفس التقرير، فإن الجزائر توجد على رأس أكبر مستوردي الأسلحة التقليدية في العالم، محذرة المصدرين من مخاطر التكديس المستمر للأسلحة على استقرار البلاد، والاستعانة بها من أجل لجم الثورات الداخلية، والتهديد الذي تشكله على استقرار المنطقة وجوارها الأورو-متوسطي. وإذا ما أضفنا كل هذا إلى الارتباط المافيوي لـ “البوليساريو” بالجماعات الإرهابية التي تنشط بمنطقة الساحل والصحراء، فهناك ما يكفي لشغل نواب البرلمان الأوروبي الذين يوجدون في حالة خمول مزمنة، القلقين بشأن بلداننا!.