الدار/ رضا النهري:
الذين يعتقدون أن فيروس “كورونا” حدث تاريخي بكل المقاييس، لم يجانبوا الصواب، لأننا يجب أن نغير الكثير من عاداتنا وسلوكياتنا مستقبلا، وربما إلى الأبد، وسيمتد تغيير السلوك إلى أشياء أكبر بكثير مما كنا نعتقد، مثل طرق بناء منازلنا ووسائل سفرنا وأشياء كثيرة أخرى.
الآسيويون بدؤوا مبكرا في اختراع وسائل التعايش مستقبلا مع فيروس كورونا، أو مع مشتقاته، مثل اختراع وسائل النقل العمومي، مثل القطارات والحافلات، بمقعد واحد في كل صف، وانعدام الراكبين وقوفا، وأجهزة تعقيم قرب كل كرسي، وطبعا فإن كل هذا سيكون له ثمنه، أي أن الإنسان سيضطر مستقبلا إلى أداء ثمن كل هذه التغييرات، وطبعا، ستصبح الحياة أغلى مما كانت عليه.
التفكير لم يقتصر فقط على القطارات والحافلات، بل وصلت أيضا إلى الطائرات، التي بدأت تفكر منذ الآن في إلغاء مقاعد الوسط، بحيث سيوجد في طائرات المستقبل مقعدين في كل جانب، مع مسافة قصيرة بين كل مقعد، وبدورها فإن الطائرات ستحتوي على كل وسائل التعقيم، وسيمتد ذلك من الطائرات إلى المطارات التي ستعرف ثورة جذرية في وسائل وأجهزة عملها.
لكن ما لم يكن يتوقعه الكثيرون هو أن تمتد تأثيرات فيروس كورونا إلى المنازل المستقبلية، والتي يجب أن تخضع بدورها لمقاييس بناء مختلفة، خصوصا في ظل حديث البعض من كون البشر يجب أن يتعايشوا مع “الكوفيد” لمائة سنة مقبلة، وربما إلى الأبد، وهذا ما ستكون له تبعاته الكثيرة، والمتعبة أيضا، صحيا ونفسيا واقتصاديا.
ويسير المهندسون العقاريون إلى طموح كبير يجعل من منازل المستقبل تستجيب لمتطلبات كثيرة فرضها الفيروس، مثل التوفر على مكتب للعمل بكل الوسائل لضمان العمل عن بعد في أي وقت، ومكان خاص بعقد جلسات أو اجتماعات أو مؤتمرات عن بعد، ومطابخ تضم أماكن مغلقة بإحكام لا يصلها الفيروس، وأبواب تفصل بين مرافق المنزل تقفل بإحكام أو تفتح بأزرار تحكم خاصة لا تكون في حوزة الأطفال.
منازل المستقبل، لن تغفل أيضا حياة الأطفال، وخصصت لهم مساحات أكبر للعب من أجل قضاء وقت أكبر في المنزل، مع كل التجهيزات الضرورية للدراسة بعيدا عن المدارس، حين يتطلب الأمر ذلك.
وعموما، فإن منازل المستقبل ستصمم على أساس أنها ستعوض الناس عن الخروج إلى الشارع، وهذا ما يتطلب الكثير من الإبداع من طرف المهندسين، وأيضا الكثير من الصبر والتروي والتعود من طرف الناس.