الدار/ رضا النهري:
بسرعة، يمكن تعريف “إريك البلجيكي” بأنه أشهر لص للوحات الفنية عرفته أوربا في القرن العشرين. كان فخورا بعمله، بل يعتبره عملا شريفا، ومات يوم الأحد 21 يونيو، بعد 80 عاما حافلة بالمغامرات.
إريك يحمل اسما بلجيكيا قحا، وهو ريني ألفونس فان دير بيرغ، لكنه اشتهر، كغيره من مشاهير اللصوص “الظرفاء” باسم شهرة وهو “إريك”، مضيفا إليه لقب البلجيكي حتى يضفي على نفسه تشويقا أكبر.
كان عمل إريك هو السطو على لوحات فنية ثمينة من متاحف كبيرة وشهيرة في أوربا، واستطاع الحصول على عدد قياسي من اللوحات الشهيرة، التي كان يبيع بعضها ويحتفظ بالبعض الآخر، وهو ما جعله يعيش في بحبوحة إلى أواخر عمره.
ولد ألفونس، أو إريك، في مدينة “نيفيلس” البلجيكية سنة 1940، وكبر مع الفترة الذهبية لازدهار الفنون التشكيلية بعد الحرب العالمية الثانية، وعوض أن يكون فنانا يصنع اللوحات، قرر أن يكون لصا يسرقها، وهذا ما منحه شهرة تفوق شهرة الرسامين أنفسهم.
وكما هو حال الكثير من لصوص الفن، حظي إريك بتعاطف قطاع عريض من الصحافيين البلجيكيين والأوربيين، شأنه شان لصوص الأبناك، الذين عادة ما يحظون بتعاطف شعبي، على اعتبار أنهم ينفسون عن الحقد الاجتماعي ضد طبقة معينة. لكنه لم يكن يتورع عن شراء بعض الولاء عن طريق بعض اللوحات.
عاش إريك حياة غريبة في تناقضاتها، فقد كان أكثر من لص وأقل من فنان، إلى درجة أنه كان يتوفر على حس نقدي فني يتجاوز موهبة الكثير من النقاد، وهذا ما خول له بيع الكثير من لوحاته بأسعار مغرية، وأحيانا كان يبيعها كوسيط وليس كلص.
في آخر عملية له، أدين إريك بعشر سنوات سجنا حين ضبط متلبسا بسرقة لوحات فنية ثمينة من متحف بلجيكي وأودع سجنا هرب منه بعد بضعة أشهر ليتوجه إلى مدينة برشلونة حيث استقر وأدار منها عملياته الجديدة ضد المتاحف الإسبانية.
بعد سنوات محيرة للأمن الإسباني واختفاء آلاف اللوحات الفنية، قرر إريك تسليم نفسه وإعادة 1500 لوحة فنية مسروقة مقابل العفو عنه، وبقيت آلاف اللوحات الأخرى مجهولة المصير، وفي النهاية اختار إريك الاستقرار في مدينة مالقة بالجنوب الإسباني، حيث دعة العيش وامتلاء الأرصدة، إلى أن رحل بعد نوبة قلبية مفاجئة.