الدار/ رضا النهري:
عادة ما يبدأ الناس في التوجه إلى الشواطئ نهاية يونيو وبداية شهور يوليوز، ثم تكتظ الشواطئ أكثر في غشت، لكن ما يحدث اليوم يشي وكأن الناس يحسون بأن فيروس كورنا اغتصب منهم حقهم في البحر، مع أن الصيف في بداية بدايته.
في المناطق المحسوبة على رقم 1، حسب التقويم الصحي للفيروس، اكتظ الناس مبكرا في الشواطئ منذ اليوم الأول لإباحة ذلك، وبدا الكلام عن التباعد الاجتماعي في الشواطئ شبيها بالتباعد الاجتماعي بين المصطاف ومياه البحر، فكل شيء امتزج مع بعضه فيما يشبه مشهدا سرياليا من أفلام الكوميديا السوداء.
هناك كثيرون، عادة ما لا يأبهون بالبحر، كانوا من الأوائل الذين احتلوا الشواطئ، وسيستمرون في فعل ذلك كل يوم تقريبا، في محاولة انتقامية من فيروس حرمهم من نعمة العيش السوي طوال أشهر، مع أنه كان بإمكان هذا “الكوفيد” أن يتمتع بالعمر المديد ويستمر في اقتراف عربدته لسنوات، وأن تكون حصيلته كارثية.
المنتقمون من زمن “الكوفيد” لم يفعلوا ذلك في البحر فقط، بل على اليابسة أيضا، وقضوا الساعات الطوال في الشوارع والمقاهي منذ اليوم الأول لتخفيف الحجر، وكثيرون استغنوا عن الكمامات وكأنهم توصلوا بالخبر اليقين بأنه تم اعتقال فيروس كورونا وإيداعه السجن، أو ترحيله خارج البلاد.
وفي الشوارع الرئيسية للمدن المغربية وعلى ممرات الكورنيش كانت قوافل السيارات رهيبة وداخل كل واحدة أسر بكاملها، والجميع خرجوا يكتشفون عالم ما “بعد كورونا”، مع أنه لا أحد يملك ولو ربع اليقين بأن الفيروس رحل وصار له ما بعده.. بل العكس يمكن أن يكون صحيحا.. وبصورة صادمة.
ما يحدث في المغرب حدث في بلدان كثيرة، بعضها عانت من معدلات مهولة في أرقام الوفيات بسبب الفيروس. ففي إسبانيا صار السكان يتزاحمون مع السياح على الشواطئ، إلى درجة أن السلطات اضطرت لإغلاق شواطئ معينة بسبب الازدحام، وجرت احتفالات صاخبة في عدد من المدن ربط فيها المحتفلون نهاريهم بليلهم.
وفي فرنسا احتفل عشرات الآلاف من الناس باليوم العالمي للموسيقى في تجمعات صاخبة كان الغائب الأكبر فيها هو الكمامة، أما التباعد الاجتماعي فقد حدث فعلا، لكنه تقلص من متر إلى أقل من سنتمتر.
إنه جنون الخروج من مائة يوم من الحجر.. فماذا لو كانت المدة سنة أو سنتين..؟