الدار/ رضا النهري:
ما يجري حاليا في الولايات المتحدة من ارتفاع غير مسبوق في درجة العنف، وما جرى، تبعا لذلك، في مناطق أخرى من العالم، دفع العشرات من المثقفين والفنانين والكتاب، المحسوبين على اليسار، إلى إصدار عريضة نددوا فيها ما أسموه بعقلية العنف التي تجتاح حاليا عقلية اليسار.
من بين الموقعين على هذه العريضة العالمية، توجد أسماء بارزة في سماء الثقافة والفن العالمي، مثل الفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي، وغلوريا شتايمن ومارغريت أتوود وج.ك راولينغ ووينتون مارساليس، حيث تم نشر العريضة في المجلة الشهيرة “هاربرز”، المعروفة بتوجهاتها اليسارية.
الموقعون على العريضة عبروا عن قلقهم البالغ من ارتفاع منسوب العنف في المظاهرات الحاشدة التي عرفتها، خلال الأشهر الأخيرة، عدد من عواصم العالم، احتجاجا على مقتل المواطن الأمريكي الأسود، جورج فلويد، على يد رجال شرطة بيض.
عدد التوقيعات التي وصلت إلى أكثر من 150، دعا أصحابها إلى وقف احتقار رموز الآخرين، والتي وصفوها بأنها تصفية حساب مع الجناح المقابل، المتمثل في الجناح اليميني أو المحافظ، وهو ما أوصل الجميع إلى حافة الصفر، حيث تنعدم إمكانية الحوار وتصبح اللغة الوحيدة هي العنف ومحاولة تصفية الآخر حتى النهاية.
وقالت العريضة إن اليسار ينزاح إلى اعتماد نفس الطريقة التي يتبناها اليمين المتطرف، عبر تنحية الرأي المخالف نهائيا، وهذا فكر غريب على اليسار، الذي كان يعمد دائما إلى جعل الأفكار العتاد الرئيسي في حربه ضد الرجعية.
وحسب موقعي العريضة النخبوية، فإن الدعوات التي ترتفع الآن بضرورة الانتقام التاريخي من رموز الاستعباد ناتجة عن اعتماد منهج مطابق للفكر الاستئصالي الذي اعتمده رموز العبودية أنفسهم، وأن هذه الطريقة يدفع بالجميع إلى الزاوية الضيقة التي تنطلق منها، لاحقا، كل الشرور، بما في ذلك الحروب ومنطق الإعدام الرمزي، وحتى الجسدي، للآخر.
موقعو العريضة قالوا إن قوى اللاتسامح تتقوّى في العالم كله، وأن حليفها الأكبر هو الرئيس (الأمريكي دونالد ترامب)، الذي وصفته العريضة بأنه يتغذى مما يجري حاليا من اضطرابات، في محاولة لتحويلها لصالحه هو وحلفاؤه على المدى المتوسط والبعيد.