أخبار الدار

مراقبون: حركة التوحيد والإصلاح تستغل مدارس خصوصية لتمرير خطابها الدعوي

الدار/ عفراء علوي محمدي

في ردهم على إعلان عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، بأن مدارس "أرض السلام" الخصوصية، التي كان يدبر ملكيتها في عهد ولايته، بالإضافة لمطبعة تربوية ضخمة، أصبحت تعود الآن لحركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي للحزب، أعرب مراقبون كثر عن انزعاجهم من استغلال الحركة لمدرسة تربوية تقوم على تمرير خطابات إيديولوجية معينة إلى المتعلمين.

وبغض النظر عن أحقية الحركة في تدبير مدرسة خصوصية من عدمها، بحكم أنها حصلت على الترخيص الخاص بالجمعيات التي لا تتوفر على صبغة المنفعة العامة، وهو الترخيص الذي يمنعها من إقامة أنشطة استثمارية وربحية، والاكتفاء فقط بمساهمات الأعضاء والدعم العمومي، يرى المراقبون ذاتهم أنه "من الخطورة أيضا أن تدير حركة دعوية معروفة بخطابها المتطرف مدرسة تربوية"، مبدين تخوفهم على مستقبل الجيل الناشئ الذي سيتتلمذ على يد أساتذتها، و"هم بلا شك أعضاء من الحركة نفسها" على حد تعبيرهم.

في السياق ذاته، قال سعيد ناشيد، الباحث المغربي في قضايا التراث والشأن الديني، إن امتلاك الحركة للمدارس "يعيد الأمور إلى نصابها الأصلي، لأن هذه المدارس التي كانت في ملكية قادة العدالة والتنمية وضمنهم عبد الإله ابن كيران هي في الأصل خاضعة لإيديولوجية الحزب والحركة الدعوية، كما تم إنشاؤها لأغراض حزبية وانتخابية صرفة".

وسجل ناشيد، في تصريحه لموقع "الدار"، أنه يعرف بعضا من هذه المدارس عن قرب، و"هي التي تقوم على تدريس إيديولوجية الحزب التي تدافع عن المبدأ الانقلابي القائم على انسحاب الدولة"، وذلك منذ فترة تشكيله للحكومة التي عرفت "ضعف مردودية الدولة على مستوى التعليم العمومي، مقابل تقوية مدارس القطاع الخاص"، على حد تعبيره.

وأكد الباحث أن إضعاف التعليم العمومي لا علاقة له بمنطق الربح والسوق، بل إن الأمر يتعلق أساسا "بالعداء الغريزي بين الإسلام السياسي ومنطق الدولة التي تدير التعليم العمومي، لأنها تقوم على القوانين والمؤسسات الحديثة، فدائما ما كان الإسلام السياسي يربط الدولة بالاستعمار، ويستعمل مصطلحات الطاغوت في السر والجهر، ويدافع عن مرحلة ما قبل الدولة، وينهل هذا العداء من رصيده وتراثه الفقهي الفقهي الذي يتحدث عن الغزوات، والفوضى، ومرحلة التوسعات الإمبراطورية، ومرحلة التدافع والاستقواء والولاء، ودار الحرب ودار الإسلام وغيرها من المفاهيم" مبرزا أن المدارس تقوم بتلقين هذه الأفكار للناشئة، ليتربى فيهم عداء كبير للدولة.

واعتبر الباحث المغربي أن هذه المدارس "تساهم في تعزيز خطاب التطرف، كما أن المفاهيم التي يزرعونها في عقول المتعلمين هي قنابل موقوتة قد تنفجر في أية لحظة، لأنهم يربون التلاميذ على معاداة المرأة والأقليات، والتآمر ضد غير المسلمين، ويزرعون فيهم اعتقادا خاطئا يتجلى في كون أن هناك مؤامرة ضد الإسلام، ولذلك وجب الدفاع عنه ونصرته، تجييسهم ضد "أعذاء المسلمين"، وكل هذه الأمور، يسجل ناشيد، "شديدة الخطورة، لأن معظم رموز التطرف مرت من تنظيمات دعوية على شاكلة العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح" وفق تعبيره.

من جهته، قال محمد عبد الوهاب رفيقي، المحلل والباحث في مجال الدراسات الإسلامية، إن "هذه المؤسسات تعتمد كل الأشكال الإيديولوجية المتطرفة، من قبيل الفصل بين الجنسين، وتدريس المواد الدينية غير المقررة في النظام التعليمي، إضافة إلى تمرير أشكال من الدعاية الإيدلولوجية في المواد الأخرى".

ولا يجد الباحث مانعا في أن تمتلك الجمعيات والهيئات الحقوقية المدارس والمؤسسات التعليمية بجميع أنواعها، لكن "شريطة أن يكون النظام التعليمي والتربوي بتلك المؤسسة خاضا للنظام التعليمي العام الذي تحدده الوزارات المعنية"، وبالتالي، يشدد رفيقي "لا يجب لهذه المؤسسات التي تعتمد أنظمة إيديولوجية في تعليمها أن تخرج إلى الوجود بأي حال من الأحوال، لأن القانون يمنع ذلك، ويراقب التجاوزات".

وزاد مستنكرا "هذه الأمور لا ينبغي السماح بها مطلقا، بل يجب للنظام التعليمي أن يكون خاضعا بشكل كلي للقانون، وليس من حق كل مواطن أو مؤسسة أو جمعية أن تتخذ لها ما شاءت من المدارس الخاصة".

ومن جهته، قال إدريس الكنبوري، المحلل السياسي والمتخصص في الجماعات الإسلامية، إن المدارس، من حيث المبدأ "لا يمكن أن تروج للسياسة والإيديولوجيا، سواء كانت عمومية أو خصوصية، وإذا تم ذلك فلابد للدولة من أن تتخذ إجراءات صارمة في الموضوع".

وأفاد المتحدث ذاته أن هذه المدارس "تعتمد على أساتذة ملتحين وأستاذات ملتزمات باللباش الشرعي، كما تفرض على التلميذات الالتزام بهذا اللباس أيضا، وتخصص حصصا دينية متنوعة كما يتم استعمال أساليب خاصة في الحديث، خاصة بالحركة الدعوية".

وزاد الكنبوري، في تصريحه للموقع، أن "الدولة ستحاسب المسؤولين إذا ما تبين أن حركة التوحيد والإصلاح تستغل مدارسا لدعاية الانتخابية وتمرير قناعاتها السياسية، فلا يمكن أن تسمح بالأمر، وتضيع مستقبل التلاميذ"، مبرزا أن لا مانع في أن تملك الحركة مدارسا من هذا القبيل، إذا كانت تحترم المناهج التعليمية المقررة، دون خوض فيما هو إيديولوجي أو سياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر − إحدى عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى