يشكل المتحف الأولمبي الوطني، الذي يصور ملحمة الرياضة بالمملكة، فضاء لحفظ التراث الرياضي والجماعي وضمان نقله إلى الأجيال الشابة.
وتقوم فكرة المتحف على عرض كل ما يخص الرياضة المغربية قديما وحديثا وإعطاء لمحة عن الانجازات التي حققها الأبطال الأولمبيون خلال المشاركة في الدورات الأولمبية والشخصيات الرياضية الوطنية التي ساهمت في انضمام المملكة للحركة الأولمبية الدولية.
ويسرد المتحف، الذي يقع بمقر اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية التي تأسست سنة 1959 وتولى رئاستها حينها جلالة المغفور له الحسن الثاني ولي العهد آنذاك (من 1959 إلى 1965)، بما يشتمل عليه من محتويات ورمزيات وصور، تاريخ المشاركات الرياضية للمنتخبات الوطنية في مختلف المحافل والدورات الأولمبية.
كما يزخر المتحف بالعديد من الميداليات منها الميداليتان الأولمبيتان اللتي أحرزهما سعيد عويطة ونوال المتوكل في دورة الألعاب الأولمبية للوس أنجلس سنة 1984، والبدل الرياضية والتذكارات والدروع والهدايا المختلفة والتي تعود الى المشاركات السابقة للرياضيين في مختلف الأنواع الرياضية.
كما تتضمن أروقة المتحف معرضا للصور تؤرخ للمشاركات المغربية في دورات الألعاب الأولمبية.
ويشمل الفضاء أيضا معرضا لصور الأبطال وأزياء الوفود المغربية الموحدة منذ أولمبياد 1984 ومجموعة من الطوابع المخصصة للألعاب منذ 1960، تم تحريرها خصيصا بواسطة البريد، ومراسلات ووثائق رسمية تعود لإنشاء اللجنة الوطنية الأولمبية، ولعل من أبرزها البرقية التي تم إرسالها إلى اللجنة الأولمبية الدولية لطلب المغرب بالانضمام إليها.
ففي أبريل 1959 تم إرسال برقية إلى مقر اللجنة الأولمبية الدولية موقعة من طرف وزير التعليم، آنذاك السيد عبد الكريم بنجلون التويمي، والذي أخبر من خلالها اللجنة الأولمبية الدولية بإنشاء اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية، التي وضعت تحت الرئاسة الفعلية لجلالة المغفور له الحسن الثاني.
وتشكلت اللجنة التوجيهية الأولى للجنة الوطنية الأولمبية المغربية من شخصيات رمزية أعطت لهذه المؤسسة الجديدة طابع الشرعية ومن بينهم الحاج محمد بنجلون (النائب الأول للرئيس)، ومحمد بنهيمة، والمعطي بوعبيد (وزير العمل والشؤون الاجتماعية آنذاك)، وعمر بوشتة، ومحمد مجيد، ومحمد بلحسن تونسي الملقب بير جيغو، أحد أساطير كرة القدم المغربية.
وعلى إثر الطلب الذي وجهته اللجنة الأولمبية الوطنية المغربية إلى اللجنة الأولمبية الدولية والصادر في 5 ماي 1959، صادقت الدورة العادية ال55 للهيأة الدولية التي عقدت في ميونيخ في 25 ماي من نفس السنة، على إدماج المغرب في الأسرة الأولمبية الدولية.
ويعود أول ظهور للمغرب في الألعاب الأولمبية الصيفية لسنة 1960، ومنذ ذلك الحين شارك في كل الدورات اللاحقة باستثناء دورة 1980، وحقق خلال 13 دورة شارك فيها 23 ميدالية.
واعتبر عبد اللطيف إدمحمة ،الكاتب العام للجنة الوطنية الأولمبية المغربية، أن المتحف الأولمبي هو اعتراف بعطاءات الأبطال الأولمبيين المغاربة، وذاكرة حية لتاريخ الحركة الرياضية الوطنية.
وأشار إدمحمة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن الموروث الرياضي الذي يضمه هذا المتحف يبدأ بأول وثيقة تؤرخ لانضمام المغرب للحركة الأولمبية الدولية، وتتمثل في طلب الاعتراف باللجنة الوطنية الأولمبية المغربية الذي بعث بها رئيس اللجنة آنذاك جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني الذي كان وليا للعهد.
وقال إن هذه الوثيقة التاريخية، التي تؤثت المتحف كرمزية للذاكرة الرياضية، هي تعبير على أن الاهتمام بالرياضة كان في أعلى مستوى في الدولة المغربية.
وأضاف إدمحمة، أن المتحف الأولمبي يضم فضلا عن وثائق تاريخية وتذكارات وميداليات، صور جميع الرياضيين الذين نالوا ميداليات في مختلف الدورات الأولمبية التي شارك فيها المغرب تؤرخ لأمجاد الرياضة الوطنية وإنجازاتها.
ويضم المتحف، يضيف الكاتب العام للجنة الوطنية الأولمبية، أيضا شرائط مصورة لأقوى اللحظات التي طبعت المشاركة المغربية في الألعاب الأولمبية منذ دورة روما 1960 حيث نال العداد عبد السلام الراضي أول ميدالية وكانت فضية مسابقة الماراطون.
من جانبها، أشارت ليلى العمراني ،المسؤولة عن الأكاديمية الأولمبية، التابعة للجنة الوطنية الأولمبية المغربية، أن المتحف يسطر مختلف المراحل التي مرت منها الرياضية الوطنية ومشاركات المملكة في الدورات الأولمبية، كما يحكي قصصا عن أبطال خاضوا ملاحم رياضية رائعة بصموا خلالها على انجازات لازالت خالدة.
وأوضحت أن المتحف وحتى يلعب دوره كاملا في التعريف بالحركة الأولمبية الوطنية وإشاعة القيم الأولمبية ،التي تعد جوهر الألعاب وهي التميز والصداقة والإحترام، في أوساط الشباب حيث ينظم زيارات لتلاميذ المدارس وطلبة الجامعات والجمعيات الرياضية.
وشددت ليلى العمراني على أن هذه الزيارات الأولمبية تعتبر برنامجا بيداغوجيا يروم التحسيس بأهمية الممارسة الرياضية منذ الطفولة وترسيخ الذاكرة الرياضية لدى الزائرين.
وتبقى الروح الرياضية للألعاب القيمة الحقيقية للقيم والأفكار والأهداف الأولمبية التي تساهم في بناء عالم أفضل عن طريق استثمار ممارسة الرياضة في تعليم الشباب.
المصدر: الدار- وم ع