بني ملال-خنيفرة: الثقافة واجهة حيوية للفعل المؤسساتي والتنموي
تحتل الثقافة مكانة متنامية في المشاريع التنموية لدى الفاعلين الترابيين بجهة بني ملال، من منطلق الوعي المتزايد بالأهمية الحيوية للقطاع في كل تنمية وتقدم منشودين بالجهة.
وتكتسي الواجهة الثقافية بتعبيراتها المختلفة، وضمنها الأنشطة الرياضية، تلك المكانة المطردة في السياسات العمومية والبرامج التنموية للفاعلين الجماعيين بالجهة، من خلال تسطير وبرمجة وإحداث العديد من المشاريع والبنيات الثقافية والرياضية المختلفة، كتجسيد وترجمة لهذا الوعي بمركزية الثقافة بمختلف تلويناتها في كل عملية تنموية متكاملة ومتوازنة.
وفي هذا السياق يمكن اعتبار مشروع بناء مركب ثقافي ورياضي بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، الذي شكل محور اتفاقية شراكة صادق عليها مؤخرا المجلس الجهوي لبني ملال- خنيفرة بكلفة تقدر ب60 مليون درهم، إضافة نوعية في مسار ترسيخ مقومات تنمية ثقافية واعدة ومتنوعة، تشمل الرياضة والثقافة بالجهة، يساهم فيها مختلف الفاعلين على المستوى المؤسساتي والترابي والمدني بالمنطقة.
ويرمي المشروع، المصادق عليه من قبل المجلس الجهوي ووزارة التربية الوطنية –قطاع التعليم العالي وجامعة السلطان سليمان ببني ملال، إلى تطوير كفاءات الطالب الرياضية والثقافية ومنح الجهة تمثيلا مشرفا على المستوى الوطني والدولي في مجال الرياضة الجامعية والثقافة عبر المشاركة في مختلف المنافسات والتظاهرات، من منطلق كون “الحس الرياضي والثقافي حصنا للطالب وجسرا لتنمية شخصيته، وآلية للتواصل والانفتاح”.
ويشتمل المركب الثقافي والرياضي، الذي يمتد على 2.5 هكتار، على مركز ثقافي يتكون من قاعة قراءات كبيرة، وورشات عمل وقاعات للوسائط المتعددة والكمبيوتر، وقاعة للندوات ، وقاعة مغطاة متعددة الرياضات (كرة اليد، والسلة والطائرة…) وفضاء رياضي لممارسة مختلف الألعاب الرياضية (كرة القدم، ألعاب القوى…) إضافة إلى معدات ثقافية ورياضية ومرافق صحية وحمامات…
وفي سياق متصل صادق المجلس الجهوي على مشاريع إحداث ثلاث مكتبات عمومية بإقليم أزيلال، بكل من جماعات تيدلي فطواكة، وتبانت، وأنزو بكلفة إجمالية تقدر ب 4.5 مليون درهم، وعيا من الفاعلين الجماعيين بالإقليم” بكون العمل الثقافي جزء لا يتجزأ من التنمية الشاملة” لهذه الجماعات.
وتهدف هذه المشاريع الثقافية، التي تشتمل على فضاءات للكبار والشباب والأطفال ومرافق صحية، إلى تشجيع القراءة والإقبال على الكتاب للمساهمة في “التنمية الفكرية والحضارية ونشر الثقافة بشكل عام”، وتوفير رصيد وثائقي حول الجهة يوضع رهن إشارة المستفيدين.
وتكمن الأهمية القصوى لهذه المشاريع الثقافية بالإقليم في مساهمتها الخلاقة في صقل مواهب وتطوير كفاءات وتعزيز انفتاحها وتنمية قدراتها الثقافية والرياضية بمنطقة تتميز بمجال جغرافي صعب وندرة المقومات والبنيات الثقافية وهيمنة الهشاشة والطابع القروي على نسيجها الاجتماعي، مما سيفتح آفاقا واعدة للفعل الثقافي وتطوير ديناميته من خلال تنظيم اللقاءات والندوات والأنشطة الثقافية، وتشجيع القراءة العمومية ونشر المعرفة والفكر الحي، وتطوير الديمقراطية المحلية.
هذا التوجه لترسيخ مكانة متميزة لقطاع الثقافة بالجهة، تعززه بشكل ملموس وعملي أيضا الاتفاقية التي تربط وزارة التقافة والاتصال بمجلس جهة بني ملال-خنيفرة وتخص تمويل مشاريع التنمية الثقافية إلي غاية 2021.
ويتعلق الأمر بمحاور إنعاش وتنمية الثقافة الشفاهية واللامادية؛ وتأهيل البنيات الثقافية والمكتبات القروية والخزانات الوسائطية.
كما تهم هذه الاتفاقيات ترميم القصبات التاريخية والمخازن الجماعية، ويتعلق الأمر على سبيل المثال بالقصبة الزيدانية والقصبة الإسماعيلية ثم إحدات المسرح الجهوي الكبير؛ وإحدات المعهد الجهوي للموسيقى والكوريغرافيا وفروعه الإقليمية.
كما ترتبط وزارة الثقافة والاتصال بعدد من اتفاقيات الشراكة مع الجماعات الترابية بالجهة لتعزيز العرض الثقافي، نذكر من بينها اتفاقية مع المجلس الجماعي لمدينة الفقيه بن صالح، تخص تمويل المشاريع المبرمجة بالمحور الخاص بالتنمية الثقافية، وتهم إحداث مكتبة وسائطية وتنشيط المركب الثقافي وإحداث ثلاث نقط للقراء بأحياء المدينة.
كما تهم الاتفاقيات أيضا إحداث دار الثقافة ببلدية سوق السبت، وتجهيز دار الثقافة وترميم وصيانة قصر “تودمرين” ببلدية أولاد عياد ، وإحداث مكتبة عمومية بجماعة أولاد بورحمون، ودار الثقافة بجماعة بني شكدال ومثيلاتها بكل من جماعات لكريفات وبراديا وأهل الربع، ثم دار للثقافة ومكتبة عمومية بدار ولد زيدوح.
وتربط إقليم خنيفرة بوزارة الاتصال عدة اتفاقيات، من بينها إحداث “متحف منجمي إغرم أوسار” بمركز تغزى بجماعة الحمام، من أجل ترميم وصيانة وتثمين الموقع الأثري “إغرم أوسار” وإجراء المزيد من الحفريات الأثرية وتشجيع البحوث العلمية حول هذا الموقع.
وهناك أيضا اتفاقية شراكة وتعاون تهم النهوض بالتنمية الثقافية بإقليم خنيفرة خلال الفترة الممتدة ما بين 2019-2021، بشراكة بين وزارتي الثقافة والاتصال والداخلية (المديرية العامة للجماعات المحلية) ، ومجلس جهة بني ملال-خنيفرة، والمجلس الإقليمي لخنيفرة، وعدد من الجماعات الترابية بالإقليم (خنيفرة ومريرت وأجلموس ومولاي بوعزة وسيدي لامين والبرج وسيدي عمر).
وتهدف هذه الاتفاقية إلى تحقيق قفزة نوعية لإنعاش قطاع الثقافة بالإقليم عبر الحفاظ على الموروث الثقافي، وتشجيع المواهب وتنمية قدرات شباب المنطقة ، والتعريف بمؤهلات التراث المحلي، ومواكبة الشأن الثقافي على الصعيد المحلي وتقريب الإدارة من المواطنين عبر إحداث مندوبية إقليمية، والتعريف بالثقافة الأمازيغية وتشجيع السياحة الجبلية وتشجيع القراءة في إطار ثقافة القرب.
وهناك أيضا اتفاقية أخري تهم إحداث معهد سوسيو-ثقافي ورياضي بأجدير بجماعة أكلمام أزكزا، تهدف إلى تعزيز الأنشطة الاجتماعية والرياضية والثقافية على المستوى الإقليمي والجهوي، وتزويد إقليم خنيفرة بمعهد سوسيو-ثقافي ورياضي رفيع المستوى ذي إشعاع وطني ودولي.
ويساهم في هذا المشروع كل من وزارة الداخلية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى، والمجلس الجهوي لبني ملال-خنيفرة، والمجلس الإقليمي لخنيفرة، ومجموعة الجماعات الترابية الأطلس وجماعة أكلمام أزكزا. كل هذه الاتفاقيات والمشاريع المنجزة والمسطرة تؤكد بجلاء القناعة الراسخة لدى مختلف الفاعلين بجهة بني ملال-خنيفرة بأهمية الثقافة في إرساء نموذج تنموي بالجهة يدمج مختلف الفئات والقطاعات الاجتماعية والفضاءات المجالية في هذه الدينامية الاقتصادية الواعدة والمتكاملة الأبعاد.
المصدر: الدار- وم ع