زيارة الملك إلى موريتانيا بعد نجاح عملية “الكركرات”..تليين لمواقف نواكشوط وعزلة أكبر للجزائر والبوليساريو
الدار / المحجوب داسع
ستشكل الزيارة التي يعتزم جلالة الملك محمد السادس القيام بها الى الجمهورية الموريتانية فرصة لبحث الوضع الإقليمي والتطورات الأخيرة في المنطقة، وهي الزيارة التي أعرب الملك محمد السادس، الجمعة، عن استعداده للقيام بها، وذلك خلال اتصال هاتفي جمعه مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني.
الزيارة يأتي الإعلان عنها عقب نجاح العملية العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة الملكية المغربية بالكركارات، والتي تمت في إطار أقصى درجات ضبط النفس والحكمة، كما أراد ذلك الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة المغربية.
ويرى المتتبعون لملف الصحراء المغربية، وللعلاقات المغربية الموريتانية، أن الإعلان عن هذه الزيارة مباشرة بعد عملية الكركرات، يشكل نقطة تحول جديدة في مسار تحرير المعبر الحدودي، الذي يزود موريتانيا بالمواد والبضائع الاستهلاكية الأساسية، كما أن الزيارة تعكس قوة التأييد الذي حظيت به العملية على مستوى المنطقة، وبقاء الجزائر معزولة ومتمسكة بأسطوانته المشروخة، و بمواقفها التقليدية من هذا النزاع المصطنع حول الصحراء المغربية.
وتلقى النظام الجزائر، الراعي الرسمي لجبهة البوليساريو، صفعة قوية، اذ سعى طيلة السنوات الماضية الى ضمان سلبية الموقف الموريتاني في قضية الصحراء المغربية، غير أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، بإعلان نواكشوط الوقوف على مسافة الحياد الصامت، رغم الضرر الاقتصادي الكبير الذي لحقها من جراء اغلاق المعبر الحدودي من طرف ميليشيات وعصابات الكيان الوهمي.
وإذا استحضرنا الأهمية الاستراتيجية لمعبر الكركرات الحدودي بالنسبة لموريتانيا، وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية خلال الأيام التي تلت اغلاقه من طرف عصابات البوليساريو، سنستشف أن موريتانيا تتجه صوب تغليب المعطى الاقتصادي في علاقاتها مع المغرب، وهو ما يعني بالنسبة للمملكة ضمان مزيد من سلاسة الموقف الموريتاني بشأن الصحراء، وعزلة أكبر للجزائر وشرذمة البوليساريو.
وجرت مياه كثيرة تحت جسر العلاقات المغربية الموريتانية خلال السنوات الماضية، خصوصا في مرحلة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، التي تميزت بفتور في العلاقات، غير أن الاتصال بين الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني، مباشرة بعد عملية الكركرات يعني شيئا واحدا استعداد البلدين لتدشين مرحلة جديدة في العلاقات بينهما، وإعطاء هذه العلاقات زخما أكبر، أخذا بعين الاعتبار التحركات والاستفزازات المتكررة التي تقوم بها الجبهة في المنطقة، وتفريخها للإرهابيين، بحسب ما تؤكده التقارير الدولية.
ومايعطي دلالات عميقة للزيارة التي ينوي جلالة الملك محمد السادس القيام بها الى موريتانيا، هو كون نواكشوط معنية بقضية الصحراء المغربية، وباعتبار أن موقفها يتراوح تاريخيا بين الحياد السلبي والحياد الايجابي وفقا للضغوط التي تمارسها عليه الجزائر، كما أن الزيارة تحاول أيضا ادماج موريتانيا في معادلة حل هذا النزاع المصطنع حول مغربية الصحراء.