“ديبلوماسية القنصليات” تدق آخر مسمار في نعش “بوليساريو” وتعزز سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية
الدار / المحجوب داسع
شكل افتتاح قنصليات لدول إفريقية شقيقة بمدينتي العيون و الداخلة، إضافة الى الإمارات العربية المتحدة، في انتظار قنصلية للمملكة الأردنية الهاشمية، مكسبا دبلوماسيا كبيرا للمغرب يخدم طرحه في قضية الصحراء المغربية، ويفند كل الأطروحات الانفصالية التي يروج لها خصوم الوحدة الترابية للمملكة، جبهة “بوليساريو” وصنيعتها الجزائر.
ولم يكن النظام الجزائر و الكيان الوهمي، يعتقدان يوما أن 15 دولة افريقية ستفتتح قنصليات لها بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وأن دولة مثل الامارات بثقلها الإقليمي والدولي ستقدم هي الأخرى على افتتاح قنصلية بكبرى حواضر الصحراء، مدينة العيون، قبل أن تطلق الأردن رصاصة الرحمة على “بوليساريو” بإعلان عزمها افتتاح قنصلية بالعيون، في خطوات غير مسبوقة عربياً أرعبت خصوم الوحدة الترابية للمملكة، وأكدت مصداقية الطرح المغربي في قضية الصحراء المغربية.
هذه الاستراتيجية الدبلوماسية الجديدة للمملكة المغربية، وفقا للمتتبعين لملف الصحراء، ليس وليدة الصدفة بل هي ثمار عمل مضني وجاد قام به المغرب بعد عودته الى حظيرة الاتحاد الافريقي في يناير 2017 ، و عززته الزيارات المكوكية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس الى عدد من البلدان الافريقية، وتوقيع عدد من الاتفاقيات معها على مختلف الأصعدة، كما اعتبرت هذه الاستراتيجية الدبلوماسية، بحسب المتتبعين، تغليبا للمغرب لمقاربة “رابح-رابح” القائمة على تبادل المصالح و المكاسب، واستثمار مربح في التعاون جنوب-جنوب.
والنتيجة اليوم هي تعزيز المغرب لـ“سيادته” على أقاليمه الجنوبية ، واكتساب دعم إقليمي ودولي يقوي طرح المملكة الواقعي والجاد لمبادرة الحكم الذاتي، في انتظار أن تفتح بلدان عربية أخرى لقنصلياتها، الذي أصبحت مسألة وقت فقط بعدما أصبحت تقتنع تماما بأن الحركية التنموية في الأقاليم الجنوبية تُظهر التباين الكبير بين الأطروحة المغربية التي تتأسس على التعمير والتنمية في ظل الاستقرار والوحدة، و الأطروحة الانفصالية التي تتأسس على التخريب والبلطجة في ظل الفوضى والتفرقة، وزعزعة الاستقرار، و ما اغلاق ميليشيات “بوليساريو” لمعبر الكركرات لأسابيع الا أكبر مثال على ذلك.
وبلغ عدد القنصليات بالصحراء الى اليوم، 15 قنصلية، 8 منها بالعيون و7 بالداخلة، كما أن كل مناطق القارة الإفريقية ممثلة بالصحراء من خلال 6 دول من غرب القارة، و5 من وسطها، إضافة إلى 3 دول من جنوب القارة ودولة من شرق إفريقيا.
وبالعودة الى القانون الدولي، وخاصة اتفاقية جنيف لسنة 1963، سنجد أن “فتح قنصلية في دولة ما هو إقرار بسيادتها على الإقليم، كما أن القنصلية في العلاقات الدولية هي مفتاح لتطوير العلاقات الإدارية والاقتصادية والتعاون المتعدد الأطراف مع الدولة المعنية، مما يبطل كل المزاعم التي مفادها أن افتتاح هذه القنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة تحركها أجندات خارجية وما الى غير ذلك من الترهات.
مسار قضية الصحراء المغربية سيعرف تطورا ملحوظا، بافتتاح الامارات لقنصلية بمدينة العيون، عقب اتصال هاتفي أجراه جلالة الملك محمد السادس، و أخيه ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لتصبح بذلك أول دولة عربية تُقدم على هذه الخطوة في انتظار افتتاح الأردن لقنصليتها هي الأخرى.
الخطوة الإمارات تسفه الاتهامات الباطلة والأخبار الزائفة، بخصوص دور الإمارات المتنامي في موريتانيا ومنطقة الساحل، و ما راج من مغالطات تضليلية حول توتر العلاقات بين الرباط و أبوظبي، كما أن خطوة أبوظبي تؤكد أن المغرب ينتهج دبلوماسية اقتصادية وسياسية تعتمد على ربط المبادرة (الحكم الذاتي) بسياق دولي يحتاج للأمن والاستقرار، وليس للإرهاب والتطرف العنيف، الذي تروج له جبهة “بوليساريو” مدعومة بالنظام الجزائر، في منطقة أحوج ما تكون اليوم للاستقرار والطمأنينة.