زيارة الوفد الإسرائيلي للمغرب..المملكة تجني ثمار سنوات من رعايتها للسلام العربي الإسرائيلي
الدار / متابعة
تكتسي الزيارة التي سيقوم بها، يوم غد الثلاثاء، وفد أميركي إسرائيلي يقوده جاريد كوشنر، مستشار البيت الأبيض وأعضاء من الحكومة الإسرائيلية، الى العاصمة الرباط، أهمية استراتيجية على مختلف الأصعدة والمجالات، بداء باحلال السلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وصولا الى الدفع بالنزاع العربي الإسرائيلي نحو الحل.
وستتجه الأنظار يوم غد الثلاثاء الى المغرب، حيث سيتم توقيع اتفاقيات تعاون بين الرباط وتل أبيب، بعد استئناف العلاقات بين البلدين، في وقت سابق من شهر دجنبر الجاري، وهي الخطوة التي حظيت بترحيب عربي ودولي بالنظر الى أهميتها، وأهمية المغرب في دعم القضية الفلسطينية وصناعة السلام العربي الإسرائيلي.
زيارة برهانات اقتصادية واعدة
وزيرة السياحة المغربية، نادية فتاح علوي، توقعت أن يزور المغرب 200 ألف سائح إسرائيلي في 2021 بعد إعادة استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب، مؤكدة في تصريح لقناة “كان” الإسرائيلية، أن عدد السياح الإسرائيليين الذين سيزورون المغرب سيتضاعف من 50 ألفا إلى 200 ألف بعد إطلاق رحلات جوية مباشرة بين المغرب وإسرائيل.
شركة طيران “العال” الإسرائيلية، أعلنت قبل أيام، أنها ستسير أول رحلة من إسرائيل إلى العاصمة المغربية الرباط يوم غد الثلاثاء، ستحمل وفدا أميركيا إسرائيليا مشتركا، فيما أوضح المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية في مؤتمر صحفي، اليوم الاثنين، أن “إسرائيل يوجد بها أكثر من مليون ونصف المليون يهودي مغربي، ويحافظون إلى حدود اليوم على التقاليد المغربية في مختلف حياتهم من أكل وغناء وفن ولباس”، مشددا على أن الاتفاقيات المرتقبة “مهمة جداً” للبلدين والشعبين.
تهاوي أطروحة “التطبيع” المؤدلجة
مباشرة بعد القرار الملكي القاضي بإعادة استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، شحذت عدد من التيارات الاخوانية سكاكينها لمعادة قرارات المغرب السيادية، واتهامه بـ”التطبيع” و “الخيانة” وشيطنة هذه الخطوة الملكية السامية، في محاولة للمزايدة على المملكة المغربية في دعم الشعب الفلسطيني، غير أن الاجماع الوطني الذي حظيت به هذه الخطوة الملكية التي تزامنت مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، لم تدرك أن المجتمع المغربي كان دائما يعتبر الثقافة العِبرية مكونا من مكونات الهوية المغربية، وأن دستور سنة 2011 نص على أن الثقافة المغربية رافد من روافد الثقافة المغربية المتعددة الروافد والمكونات.
وتندرج هذه الهجمات و المزايدة السياسوية المقيتة والعقيمة، ضمن التزمت الأيديولوجي للحركات والتيارات الدعوية، وليس عن رؤيا سياسية براغماتية واضحة، بمنطق الدولة البراغماتي الذي يخدم صالح المواطن المغربي، وقضاياه الاستراتيجية ويخدم كذلك قضايا الأمة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تحتاج اليوم الى خطوات شجاعة لرأب الصدع، واحلال السلام و التفاوض من موقع قوة وليس من موقع ضعف.
ويكتسي إعادة استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب أهمية قصوى، على المستوى السياسي و الإنساني، نظرا إلى وجود أكثر من مليون مغربي داخل إسرائيل، و كذا للمكانة التي خولها الدستور المغربي لهذه الجالية، خاصة في الفصل 17.
ومن شأن إعادة فتح مكاتب الاتصال الإسرائيلية في المغرب، و استئناف الرحلات الجوية المباشرة أن يفتح المجال أمام أبناء الجالية المغربية اليهود، على غرار باقي جاليات العالم للدخول إلى بلدهم، والقيام باستثمارات على اعتبار أن المغرب بلد مواطنة لا يفرق على أساس الانتماء الديني، ولأن الملك هو أمير المؤمنين، ومن بينهم المسيحيون واليهود.
وما يضفي على استئناف المغرب لعلاقاته واتصالاته الدبلوماسية مع إسرائيل، خصوصية خاصة، هو كون بإسرائيل تضم أكبر جالية داخلها من المغاربة، وهو ما يحاول التيار الدعوي المعادي لاستئناف العلاقات مع إسرائيل، تجاهله. فإسرائيل تضم ما يقارب مليون يهودي من أصل مغربي، وهذا الأمر يجعل اليهود المغاربة الجالية الأكبر ضمن الجاليات الموجودة في إسرائيل، وفقا لإحصائيات رسمية صادرة عن مؤسسات إسرائيلية.
المغرب..رائد السلام العربي الإسرائيلي
لعبت المملكة المغربية دورا بارزا في دفع عجلة السلام العربي الإسرائيلي إلى الأمام، منذ توقيع اتفاقية “كامب ديفيد”، وصولا إلى إعادة استئناف العلاقات بين البلدين وفتح السفارات وخطوط الطيران، ومكاتب الاتصال المغلقة من سنة 2002.
لفهم هذا الدور، يتعين الرجوع الى عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي لعب دورا بارا في جلوس مصر وإسرائيل إلى طاولة واحدة، علما أن الدول العربية آنذاك كانت ترفض إجراء أي حوار مع إسرائيل، وصولا إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد في 17 شتنبر 1978 بين الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن. وجاءت تلك الاتفاقية بعد 12 يوما من المفاوضات بمنتجع كامب ديفيد الرئاسي في ولاية ميريلاند.
وكشف المسؤول السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، يوسي ألفر، في كتابه الموسوم بعنوان “بحث إسرائيل عن حلفاء في الشرق الأوسط”، أن المغرب لعب دورا كبيرا في ترتيب زيارة أنور السادات إلى إسرائيل، إذ بدأ الأمر بـ”لقاء بين الملك الحسن الثاني ومدير الموساد إسحاق حوفي أفضى إلى لقاء ملكي آخر مع الوزير الأول الإسرائيلي إسحاق رابين، والذي حلّ بالمغرب بشكل سري ومرتديا باروكة شعر أشقر”.
وأبرز الكاتب، أنه بعد هذه الاجتماعات المغربية الإسرائيلية، احتضنت المملكة لقاءات سرية بين مسؤولين إسرائيليين وآخرين مصريين، وهكذا أعد الحسن الثاني لأول لقاء مصري إسرائيلي في المملكة، حيث التقى موشى ديان وزير الخارجية الإسرائيلي، وحسن التهامي نائب رئيس الوزراء برئاسة الجمهورية المصرية.
ويجمع الباحثون في العلاقات العربية الإسرائيلية، على أن المغرب لعب دورا بارزا في اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، وذلك من خلال اتصالات قبل توقيع المعاهدة، برعاية من الملك الحسن الثاني، حيث كانت تربط الملك علاقة جيدة مع شيمون بيريز، تم توظيفها بشكل جيد في التواصل بين الجانبين المصري والإسرائيلي”.
وفي عهد جلالة الملك محمد السادس، تواصل المملكة المغربية لعب دورها كاملا في عملية السلام العربية مع إسرائيل، حيث أسهمت المملكة في الوصول اتفاقات السلام التي وقعتها الدول العربية مؤخرا مع إسرائيل، وهو الدور الذي ستستمر في لعبه مستقبلا بتأثير أكبر في سياق مفاوضات حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين.