لبيرو والمغرب خلال 2020… عزم على غاية الارتقاء بمستوى التعاون الثنائي
لم تكن السنة، التي تشارف على نهايتها، لتمر دون أن يضيف المغرب والبيرو لبنة جديدة في صرح علاقاتهما المتميزة، ومواصلة تعزيز سبل تعاونهما للارتقاء به بشكل أكبر على كافة الأصعدة.
وما فتئت هذه العلاقات بين المملكة والبلد الجنوب أمريكي تتعزز باستمرار، لاسيما بعد الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى البيرو سنة 2004، والتي أكدت على الإرادة والعزيمة الراسختين لتسخير كل الإمكانات واستغلال كل الفرص الممكنة للرقي بالتعاون الثنائي إلى أفضل المستويات وإرساء شراكة نموذجية تشكل مثالا يحتذى في إطار التعاون جنوب – جنوب.
فالبعد الجغرافي لم يكن ليحجب الوشائج الثقافية التي تربط بين المغرب والبيرو، أو يحول دون تقييم الإمكانات الاقتصادية الهائلة، التي يزخر بها البلدان، والعلاقات الدبلوماسية والسياسية الممتازة التي تجمعهما منذ أزيد من نصف قرن. لقد باتت الظروف مواتية أكثر من أي وقت مضى للرباط ولليما لتعزيز تعاونهما الاقتصادي والرفع من حجم المبادلات التجارية الذي يظل دون مستوى التطلعات.
أما القطاعات التي يمكن أن تشكل عصب هذا التعاون فهي متعددة ولعل أبرزها الفلاحة إذ أن المملكة هي مصدر رئيسي عالمي للفوسفاط، فضلا عن ازدهار قطاع صناعة السيارات والطيران بالمغرب. كما يمكن التعاون في مجال الطاقات المتجددة والسياحة.
وينضاف الى ذلك ريادة البلدين في منطقتيهما على مستوى العديد من المجالات وهو الشيء الذي يفسح المجال لتعزيز التبادل التجاري، لاسيما وأن المغرب يعد بوابة لولوج الأسواق الإفريقية بالنسبة للبيرو فضلا عن كونه ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا، التي تربطه بها أزيد من ألف اتفاقية.
كما أن المملكة، الفاعل الرئيسي والمخاطب الموثوق به بالمنطقة، ترى في البيرو منصة اقتصادية وتجارية يمكن الاعتماد عليها لولوج أمريكا الجنوبية، لاسيما دول مجموعة الأنديز في إطار استراتيجية المغرب المتمثلة في الانفتاح على أسواق جديدة وتنويع الشركاء.
ولربط القول بالفعل، تم وضع خارطة طريق لمواصلة توطيد علاقات التعاون والصداقة التي تربط البلدين في مختلف المجالات، وذلك خلال اجتماع المشاورات السياسية بين البيرو والمغرب الذي انعقد بليما في سنة 2018.
وفي حديثه عن التعاون الثنائي، أشاد رئيس البرلمان البيروفي السابق، مانويل أرتورو ميرينو دي لاما، في أكتوبر الماضي، بجودة العلاقات التي تربط بلاده بالمغرب، وأكد استعداد البيرو لتعزيز التعاون مع المملكة ليشمل كافة المجالات.
وقال ميرينو دي لاما، خلال مباحثات أجراها مع سفير المغرب لدى البيرو، السيد أمين الشودري، إن بلاده والمملكة “يجمعهما تعاون نموذجي متعدد الأبعاد”، مبرزا الدور الذي يمكن أن تضطلع به المؤسستان التشريعيتان بالبيرو والمغرب للتقريب بين البلدين والشعبين.
وتم خلال هذا اللقاء، الذي تميز بحضور العديد من أعضاء البرلمان، التوقيع على خطة عمل مجموعة الصداقة البرلمانية البيروفية المغربية، الذي تضم برلمانيين من أحزاب سياسية مختلفة.
من جهة أخرى، أشاد البرلمان البيروفي بقرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، وبفتح قنصلية بمدينة الداخلة.
وقالت المؤسسة التشريعية، في ملتمس صادقت عليه، “نهنئ المملكة ونرحب بقرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف رسميا بالسيادة الكاملة والتامة للمغرب على الصحراء، وبفتح قنصلية في مدينة الداخلة”، مجددة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها الرباط باعتبارها “الحل الوحيد الواقعي والقابل للتطبيق” لتسوية النزاع المفتعل حول الوحدة الترابية للمملكة.
في السياق ذاته، رحبت بتدخل المغرب لاستعادة الأمن بمنطقة الكركرات بعد المناورات المزعزعة للاستقرار، التي قامت بها +البوليساريو+ على مستوى الحدود المغربية الموريتانية، ودعت المجتمع الدولي إلى ثني المجموعة الانفصالية عن استفزازاتها.
كما أن المغرب والبيرو يتقاسمان الرؤى ذاتها ويتبنيان مواقف متطابقة بشأن العديد من القضايا الإقليمية والقارية والدولية وهو ما يترجم جليا في التنسيق الثنائي أو على المستوى المتعدد الأطراف للدفاع عن العديد من القضايا مثل تعزيز المبادئ الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان والنهوض بالتنمية البشرية والعدالة الاجتماعية وحماية البيئة والهجرة وحفظ الأمن والسلم الدوليين.
وهكذا، فإن المغرب والبيرو تحدوهما إرادة قوية لمواصلة توطيد علاقاتهما والارتقاء بها إلى مستوى تعاون متعدد الأبعاد لتعزيز التعاون في كافة المجالات، وإعطائه بعدا جديدا من خلال استغلال جميع الإمكانات والفرص المتاحة بالبلدين.
المصدر: الدار- وم ع