مجلة فرنسية تكشف دبلوماسي إسرائيلي من “أبي الجعد” أسهم في استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل
الدار / خاص
كشفت أسبوعية “جون أفريك” الفرنسية أن سفير إسرائيل السابق في الأمم المتحدة وباريس، ذي الأصل المغربي، يهودا لانكري، لعب دورا كبيرا الى جانب يهود مغاربة آخرين في مسلسل إعادة استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل”.
مهندس التقارب بين الرباط وتل أبيب
وأشارت الأسبوعية الفرنسية الى أن نائب رئيس الكنيست السابق، هو بلا شك أحد مهندسي هذا التقارب بين المملكة وإسرائيل، حيث لعب دورا كبيرا فضل عدم التوسع في الكشف عن خباياه احتراما لعادات و أعراف العلاقات الدبلوماسية، لكن الرجل، الذي وشحه الملك محمد السادس بوسام العرش في عام 2008، لا يخفي فرحته بإعادة استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب.
وقال يهودا لانكري، المنحدر من أبي الجعد :”بسبب أصولي المغربية، طبعا، لا يسعني إلا أن أبتهج بهذا الحدث الهام، حتى لو لم تنقطع الروابط بين البلدين بشكل كامل”، مضيفا :”بهذا الإعلان، يُنهي دونالد ترامب ولايته بقرار قويٍ”، مشددا على أن “الجالية اليهودية تنخرط بشكل فعال في تعزيز مغربية الصحراء”.
ويؤكد يهودا لانكري أن هذا الاستئناف الرسمي للعلاقات بين المغرب وإسرائيل، ينبغي أن يخدم السلام في الشرق الأوسط”، مبرزا أن “سعادتي لن تكتمل إلا عندما يتم إيجاد حل لسلام دائم، بحيث يكون التعايش السلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين ممكنًا”.
المغرب..جسر السلام في الشرق الأوسط
وأشار في هذا الصدد الى أن “تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيمر عبر المغرب، الذي سيكون الآن قادرًا على العمل من الداخل، وتفعيل الروافع لصالح السلام”، مشددا على أن ” استئناف العلاقات مع إسرائيل يعيد للمغرب دوره الرائد في مجال احلال للسلام”، واصفا قرار الملك محمد السادس ب”التاريخي”.
واعتبر الدبلوماسي الإسرائيلي أن “قرار الملك محمد السادس بإعادة استئناف العلاقات الدبلوماسية مع المغرب يتماشى مع خطوات والده الملك الراحل الحسن الثاني، وجده السلطان محمد الخامس، الذي يحتفظ الدبلوماسي بصورته في منزله، “مثل العديد من اليهود من أصل مغربي، حتى أولئك الذين ولدوا في إسرائيل” ، كما يوضح يهودا لانكري.
وقال يهودا لانكري ان ” اليهود المغاربة لن ينسوا أبدًا أن محمد الخامس وقف في وجه حكومة فيشي أثناء الحرب العالمية الثانية، بينما كانت البلاد تحت الحماية الفرنسية، رفض تسليمهم، معلنًا أنه في المغرب، لا يوجد مواطنون يهود أو مواطنون مسلمون، هناك مغاربة فقط … “.
طفولة ومراهقة في أبي الجعد
وقصى سفير إسرائيل الأسبق بفرنسا طفولته ومراهقته بين منقطة أبي جعد، حيث ولد، والدار البيضاء حيث أكمل تعليمه الثانوي في مدرسة ميمونيد الثانوية – وهي مؤسسة تابعة للتحالف الإسرائيلي الشامل الواقع في شارع دي لاندوشيني، في منطقة بورغوني الزيراوي.
وعن هذه الفترة يقول يهودا لانكري :” هذه السنوات محفورة في ذاكرتي على أنها سنوات جيدة جدًا. مع عائلتي، عشنا حياة بسيطة ولكنها سعيدة. كان الانفصال عن وطننا وأصدقائنا مفجعًا، ما زلت أتذكر دموع أمي في 28 دجنبر 1964 عندما غادرنا إلى إسرائيل”، يتذكر الرجل، الذي يحتفظ بالحالة المدنية حتى اليوم لوالديه وبطاقة هويته الوطنية موسومة بخاتم المملكة المغربية
ويؤكد أنه عاش في كنف السلام بين المسلمين واليهود في المغرب، وهو ما كان له بالغ الأثر على شخصيته وعلاقاته مع بالآخرين.
وبعيدا عن الجانب العاطفي، يرغب السفير الأسبق لإسرائيل في الأمم المتحدة، أن يرى في هذه التجربة المغربية درسا بناء: لا حتمية في العداء بين اليهود والمسلمين، قائلا : “السلام بين المسلمين واليهود، عاش في جسدي. نشأت في المغرب صاغت وجهة نظري وسمحت بعلاقة أخرى مع الآخر. لم يؤثر ذلك على شخصيتي فحسب، بل أيضًا على عملي الدبلوماسي. في أصعب لحظات التوتر، أتشبث بهذه الذكرى، هذه التجربة الإيجابية للعيش المشترك بين العرب واليهود”، معبرا عن قناعته بأن “النموذج المغربي للتسامح” يمكن أن يستلهم إلى وينقل الشرق الأوسط.
وتابع يهودا لانكري :”ليس لدى اليهودي العراقي نفس العلاقة للانفتاح على المسلمين مثلها مثل اليهودي المغربي. وينطبق الشيء نفسه على جميع اليهود الذين قدموا من بلدان أخرى، وخاصة العرب، حيث قد يكونون قد عانوا من الظلم وحتى الاضطهاد … “.
ويشدد هذا الدبلوماسي المخضرم على أنه يزور المغرب بانتظام – مثل 70 ألف إسرائيلي آخرين، الذين يأتون إلى المملكة كل عام، للقاء أصدقاء طفولته، مرة أخرى أو للتأمل في قبور أسلافه، ولا سيما جده بابا حدو ، الذي يحمل اسمه الأول وهو أحد قديسي أبي الجعد.
أبي الجعد…أرض المعرفة والروحانية
من الواضح أن الدبلوماسي الإسرائيلي يضع المغرب تحت جلده. ولد يهودا لانكري في أبي الجعد عام 1947 في عائلة متواضعة، من أب حرفي – عمران – وأم خياطة – رحمة، عاش طفولة سعيدة، تميزت بصداقات قوية مع الجيران أو الرفاق المسلمين الذين سيصبحون أكثر. فيما بعد الشخصيات الرئيسية في الحياة السياسية في المغرب.
أنجبت أبي الجعد، مدينة الشرفاء، حيث دُفن سيدي بوعبيد الشرقي (شريف من القرن الخامس عشر، مؤسس الزاوية التي تحمل الاسم نفسه)، عددا من الأسماء التي تتقلد اليوم عددا من المناصب الدبلوماسية في إسرائيل والمغرب، كالشرقاوي والمنصوري والمالكي، و الآخرون .علاوة على مولاي الطيب الشرقاوي ، وزير الداخلية في حكومة عباس الفاسي، محمد الشرقاوي، وزير في حكومات الستينيات، سفير سابق للمغرب في فرنسا، ومتزوج من للا مليكة ، شقيقة الملك الراحل الحسن الثاني.
ويصر يهودا لانكري على التأكيد على أن اليهود والمسلمين يمكنهم العيش في سلام، وهذا ليس أمرا مستحيلا، مؤكدا أن “إعادة استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية يمثل في ذلك أملًا هائلاً لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وختم الدبلوماسي الإسرائيلي حديثه بتذكر عبارة للملك الراحل الحسن الثاني، قالها في 3 ماي 1999 في مراكش أمام وفد من الوزراء والبرلمانيين الإسرائيليين: “لسنا بحاجة إلى تعزيز الحياة اليومية اليهودية والمسلمة في المغرب، فهي موجودة بالفعل. ما نريده هو أن يتم اختبار هذا التقارب بين الإسرائيليين والفلسطينيين وجيرانهم في العالم العربي.