محمد بن زايد في زيارة رسمية إلى كوريا الجنوبية
مباحثات وجولات، أجراها اليوم الثلاثاء، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، في أول أيام زيارته إلى دولة كوريا الجنوبية، تفتح آفاقا جديدة من التعاون والشراكات البناءة بين البلدين.
وزار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كلا من النصب التذكاري في"مقبرة سيؤول الوطنية"، ومركز أبحاث وتطوير أشباه الموصلات في شركة "سامسونج للإلكترونيات"، ومقر الجمعية الوطنية "البرلمان الكوري".
وعلى هامش أول أيام الزيارة، وقعت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" ثلاث اتفاقيات إطارية مع شركات كورية للطاقة، لبحث فرص التعاون المشترك.
وكان الشيخ محمد بن زايد، وصل إلى كوريا الجنوبية، الثلاثاء، في زيارة تستغرق يومين، وتشمل لقاء مع الرئيس مون جيه-إن الأربعاء.
وعقب وصوله، قال الشيخ محمد بن زايد، في تغريدة على توتير، "وصلت إلى كوريا الصديقة في زيارة متجددة لبلد تجمعنا به علاقات استراتيجية قوية، نتطلع إلى فتح آفاق جديدة من التعاون والشراكات البناءة لما فيه خير بلدينا وشعبينا الصديقين".
النصب التذكاري.. وكلمات معبرة
وفي مستهل زيارته الرسمية، زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان النصب التذكاري في"مقبرة سيؤول الوطنية"، ووضع إكليلا من الزهور أمام النصب الذي يرمز إلى ضحايا الشعب الكوري الذين قدموا أرواحهم لأجل بلدهم.
وفي كلمات معبرة، دون الشيخ محمد بن زايد في كتاب الزوار كلمة قال فيها: "إن تخليد ذكرى الذين ضحوا بأنفسهم دفاعا عن أوطانهم، وإبقاء هذه الذكرى حية في عقول وقلوب الأجيال، هو أقل ما يمكن تقديمه إليهم، وهذا المعلم الوطني البارز يخلد سيرا تركت بصمات مؤثرة في تاريخ كوريا وتطور شعبها".
ومقبرة سيؤول الوطنية تأسست في 15 يونيو 1955 لتضم رفات الراحلين ذوي الاستحقاقات الوطنية من مقاتلين وجنود فقدوا أرواحهم في الحرب الكورية (1950-1953) أو في حرب فيتنام (1955-1975).
شركة سامسونج للإلكترونيات
وفي ثاني محطات الزيارة، زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مركز أبحاث وتطوير أشباه الموصلات في شركة "سامسونج للإلكترونيات" في مدينة هواسونغ في العاصمة سيؤول.
وقام بجولة في صالات عرض سامسونج للجيل الخامس وأشباه الموصلات وخط إنتاج الشرائح الإلكترونية.
وتبادل الشيخ محمد بن زايد خلال الجولة مع نائب رئيس مجلس إدارة سامسونج للإلكترونيات "جاي لي"، الحديث حول سبل تعزيز التعاون بين شركة سامسونج للإلكترونيات والشركات الإماراتية في عدة مجالات، مثل اتصالات الجيل الخامس، وأشباه الموصلات، والذكاء الاصطناعي.
كما شملت الجولة عرضا حيا لأحدث تقنيات الجيل الخامس من "سامسونج"، حيث قامت طائرة دون طيار تحلق فوق مصنع هواسونغ بإرسال حي لفيديو عالي الوضوح صور بزاوية 360 درجة إلى جهاز الواقع الافتراضي الذي كان يرتديه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى جانب عرض آخر يوضح سرعة واستقرار اتصالات الجيل الخامس من خلال البث المتزامن للعديد من محتويات الفيديو فائقة الوضوح على الشاشة التلفزيونية "QLED بتقنية 8K" التي تعد الأحدث في هذا المجال.
وفي لفتة ترحيبية من الشركة، قدمت عرضا تقديميا لصور زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى كوريا خلال عام 2006.
واجتمع الشيخ محمد بن زايد مع كبار المسؤولين في شركة "سامسونج"، حيث تناول الحديث رؤية الشركة لتطور التطبيقات وبرامج الذكاء الاصطناعي واهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بالتقنيات والعلوم المتقدمة كافة.
وأعرب، خلال الاجتماع، عن سعادته بزيارة هذا الصرح التقني العلمي المتقدم، والتعرف عن قرب على أحدث ما ينتجه المركز من أشباه الموصلات من الجيل الخامس، معربا عن تمنياته لهم بمزيد من النجاحات والابتكارات.
بعدها زار "الغرفة النظيفة"، وهي معامل مبنية خصيصا لأغراض البحث العلمي أو الصناعات الدقيقة جدا، خاصة الصناعات الإلكترونية، تسمى بهذا الاسم لأنها نظيفة إلى حد انعدام الغبار فيها، ويتم التحكم بنقاء الهواء والضوء المسموح مروره في الغرفة.
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كتب في سجل كبار الشخصيات، قائلاً: "إن ما اطلعت عليه في مركز أبحاث وتطوير أشباه الموصلات في شركة سامسونج للإلكترونيات يبعث على الإعجاب والتقدير .. صناعات متطورة وابتكارات رائدة توفر حلولا لحياة أفضل".
وتابع: "ونحن في دولة الإمارات نهتم بمواكبة فنون الابتكار وعلوم التقنيات المتقدمة وندعم الشراكات التي تحقق جودة الحياة لمجتمعنا".
وتعطي الإمارات الابتكار أهمية كبيرة في السوق المحلية، وأطلقت العام الجاري فعاليات شهر الإمارات للابتكار 2019 من العاصمة أبوظبي، ويمتد لمختلف الإمارات، بهدف تحويل الابتكار إلى منهج عمل وأسلوب حياة.
البرلمان الكوري.. وإشادة كبيرة بالإمارات ودورها
ومن الأبحاث العلمية إلى المباحثات البرلمانية، حيث كانت زيارة مقر الجمعية الوطنية "البرلمان الكوري" ثالث محطات أول أيام زيارة الشيخ محمد بن زايد.
وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ومون هي سانغ رئيس الجمعية الوطنية الكورية مباحثات حول علاقات التعاون بين البلدين الصديقين في مختلف الجوانب.
وتناول الجانبان عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتبادلا وجهات النظر بشأنها، منها تطوير الاستفادة المتبادلة من الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي.
وأبدى رئيس البرلمان الكوري الجنوبي إعجابه بالإمارات وبسياساتها، وبين أن زيارته الأخيرة إليها التي جرت في ديسمبر الماضي تركت لديه انطباعا جميلا عن دولة الإمارات.
وأشار إلى أن الإمارات دولة مثالية تتمتع بالاستقرار السياسي والانفتاح وتقود السلام والاستقرار في المنطقة.
وأعرب عن تمنياته بأن تكون زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى كوريا فاتحة خير على منطقة شبه الجزيرة الكورية التي تترقب نتائج القمة بين الرئيس الأمريكي ورئيس كوريا الشمالية.
كما أعرب عن تمنياته أن تشهد العلاقات الاستراتيجية المتميزة التي تجمع البلدين الصديقين تطورا وتقدما مستمرين، مشيرا إلى أن الجمعية الوطنية تدعم العلاقات القائمة بين البلدين بغض النظر عن التيارات الحزبية في الجمعية.
ولفت إلى أن مشروع براكة يمثل أهم رموز التعاون بين البلدين، منوها بأن المشروع يمثل نجاحا مهما لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
وتطرق رئيس الجمعية الوطنية إلى مشاركة جمهورية كوريا في الألعاب الأولمبية الخاصة التي تستضيفها عاصمة دولة الإمارات أبوظبي في شهر مارس المقبل بفريق يتكون من 150 لاعبا يشاركون في 12 لعبة.
وبين أن هذه أضخم مشاركة لكوريا في هذه البطولة، مضيفا أن كوريا تدعم هذه البطولة من خلال إيفاد عدد من نواب الجمعية من مختلف الأحزاب الوطنية لتشجيع الفريق الكوري المشارك.
وثيقة الإخوة الإنسانية.. رسالة سلام
ونوه رئيس البرلمان الكوري الجنوبي إلى أن زيارة البابا فرنسيس ، بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى الإمارات، ووصفها بأنها رسالة سلام من الإمارات إلى العالم.
وفي سياق حديثه عن جهود السلام في المنطقة والعالم قال، الشيخ محمد بن زايد إن دولة الإمارات منذ تأسيسها ترسل رسالة إيجابية إلى العالم بأن هناك أملا وتفاؤلا في إرساء السلام والاستقرار والعيش المشترك في منطقة الشرق الأوسط.
وأردف: "ولذلك تشرفنا بزيارة تاريخية لشيخ الأزهر وبابا الفاتيكان إلى دولة الإمارات تمخضت عن توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التي تهدف إلى تحقيق السلام بين الأديان".
ووثيقة الإخوة الإنسانية وقعها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة مطلع الشهر الجاري.
وتضمنت الوثيقة التي شهدت تفاعلاً دولياً وإقليمياً عدداً من الثوابت والقيم، منها قيم السلام، وثقافة التسامح، وحماية دور العبادة، وحرية الاعتقاد، وعلاقة الشرق والغرب، ونشر الأخلاق، ومفهوم المواطنة، وحقوق المرأة الطفل، فضلاً عن حماية الفئات الضعيفة.
شراكة استراتيجية
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على الشراكة الاستراتيجية مع جمهورية كوريا، وأن زيارته إلى الجمعية الوطنية تأكيد للطبيعة المؤسسية التي تجمع علاقاتنا الثنائية، وأن هناك إعجابا بالثقافة الكورية ونمط العمل والابتكار والتقدم في المشهد الكوري.
وأعرب عن تطلعه لعلاقات خير متنامية بين البلدين الصديقين لعقود قادمة، مشيرا إلى أن جسور التعاون قوية ومتينة وصلبة، ونحن دائما نطمح إلى الأفضل في هذه العلاقات.
كما أعرب عن تمنياته في نجاح القمة التي ستعقد بين الرئيس الأمريكي ورئيس كوريا الشمالية من أجل إحلال السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية.
ثلاث اتفاقيات
وعلى هامش زيارة الشيخ محمد بن زايد، وقعت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" ثلاث اتفاقيات إطارية مع شركات كورية للطاقة لبحث فرص التعاون المشترك في مجالات الاستكشاف والتطوير والإنتاج، والاستثمارات المحتملة في مجال التكرير والبتروكيماويات، ونقل شحنات النفط والغاز الطبيعي المسال وتحميلها على السفن.
تم توقيع الاتفاقيات مع كل من: مؤسسة الغاز الكورية الجنوبية "كوغاز"، ثاني أكبر مشترٍ للغاز الطبيعي المسال في العالم، والتي أجرت دراسة جدوى بشأن تزويد السفن بالغاز الطبيعي المسال في ميناء الفجيرة، ومع شركة النفط الوطنية الكورية "كنوك"، التي تمتلك نسبة 30% من أسهم شركة الظفرة للبترول التابعة لأدنوك، وتسعى إلى زيادة تخزين النفط في كوريا بنحو 24 مليون برميل حتى عام 2025، ومع شركة "جي إس إنرجي"، التي تعد شركة كورية مستقلة للطاقة وتمتلك نسبة 10% في شركة الظفرة للبترول و3% من أسهم شركة أدنوك البحرية.
قمة جديدة.. ودفعة قوية
ومن المقرر أن يجري الشيخ محمد بن زايد، الأربعاء، مباحثات مع رئيس كوريا الجنوبية، مون جيه-إن، في لقاء يعد الثاني خلال أقل من عام بعد القمة التي جمعتهما خلال زيارة "مون" لأبوظبي في مارس الماضي، في أول زيارة يقوم بها لدولة في منطقة الشرق الأوسط منذ تولي منصبه الرئاسي في 10 ماي 2017.
وتم خلال تلك الزيارة الاتفاق على رفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية الخاصة"، وهم ما تم ترجمته بالفعل خلال الفترة الماضية عبر تعزيز التعاون في مختلف المجالات وتبادل الزيارات وتوقيع العديد من الاتفاقيات.
وتعطي زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى سيؤول دفعة جديدة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ونقلة نوعية في مستوى التعاون، وخصوصا في ظل ما يتوافر للعلاقات بين البلدين من مقومات التطور والتقدم، خاصة في مجالات الاستثمار وتكنولوجيا المعلومات والطاقة، ولا سيما بعد نجاح التعاون بينهما في مجال الطاقة النووية السلمية.
وتعد دولة الإمارات أكبر شريك تجاري لكوريا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي ثاني أكبر مزود بالنفط بالنسبة إلى كوريا، وبلغ إجمالي الاستثمارات الكورية في دولة الإمارات خلال العام الماضي نحو 1,9 مليار درهم (511 مليون دولار)، ما يعكس زيادة في التعاون الثنائي في قطاع الأعمال.
المصدر: الدار – العين الإخبارية الإماراتية