أخبار الدار

خبراء لـ”الدار”: اختيار بركة لتسليم الرسالة الملكية إلى الرئيس الموريتاني مؤشر لتجاوز “أزمة شباط”

الدار/ عفراء علوي محمدي

في تعليقهم على حدث تسليم نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، لرسالة من الملك محمد السادس إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، اليوم الاثنين بنوكشوط، اعتبر متتبعون كثر أن في ذلك دلالة قوية على نية المغرب لطي صفحة النزاع مع موريتانيا، والذي كان قد تسبب فيه الأمين العام السابق للحزب، حميد شباط، بعد تصريحات أثارت ضجة واسعة قبل سنتين، اعتبر فيها أن موريتانيا "جزء لا يتجزأ من التراب المغربي".

واعتبر المحللون أن اختيار الملك محمد السادس للأمين العام لحزب "الميزان" لتقديم رسالته إلى الرئيس الموريتاني ليس اختيارا عبثيا، فهو محاولة لإنهاء الأزمة الدبلوماسية بين البلدين من خلال الحزب الذي تسبب فيها في السابق، "وكذلك محاولة للصلح من خلال تمتين العلاقات بين الدولتين الجارتين، على أساس مرتكزات تاريخية تجمع بينهما"، وفق تعبيرهم.

وفي هذا الصدد، قال محمد شقير، المحلل السياسي والأستاذ الباحث في العلوم السياسية، إن زيارة بركة لموريتانيا "تبرز التوجه الجديد الذي ينهجه المغرب في سبيل تحريك العلاقات بين البلدين بشكل إيجابي، ومن أجل إذابة التوتر القائم"، مشيرا إلى أن المغرب يعمل على استقطاب موريتانيا للتعاون معه، سواء على الصعيدين الاقتصادي أو السياسي.

وأكد شقير، في تصريحه لموقع "الدار"، أن المغرب يعمل على توطيد علاقته مع موريتانيا منذ مدة، "أي منذ اعتماد السفير المغربي بنواكشوط، وذلك مهم في الظرفية الحالية، أي بعد اقتراب موعد الجولة الثانية للمحادثات حول الصحراء، بمقر الأمم المتحدة بجنيف".
وعن رمزية بعث الأمين العام لحزب الاستقلال، يقول شقير إن "هناك إشارة قوية إلى ضرورة توطيد العلاقات الشخصية، وذلك لتدارك التصريحات التي أثارها أمين العام السابق لحزب الاستقلال، والتي كانت قد أغضبت السلطات الموريتانية"، معتبرا أن في ذلك إفادة للمغرب وحزب الاستقلال على حد سواء.

من جهته، قال خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، إن لزيارة بركة لموريتانيا دلالات كثيرة "تتحدد من خلال الشخص المبعوث أولا، فعلى الرغم من أنه لم يعد يملك أي مسؤولية حكومية، إلا أن إرساله تم لتدارك الأزمة التي كان تسبب فيها الأمين العام السابق للحزب، شباط، وكذا لإعطاء بعد جديد للعلاقات المغربية الموريتانية"، على حد قوله.

من جهة أخرى، أكد الشيات أن العلاقات بين البلدين في تحسن جيد، فالمغرب "يسعى منذ فترة إلى تحسين علاقته بموريتانيا، منذ تعيين السفير المغربي بموريتانيا واستقباله من طرف الرئيس الموريتاني، والمشاركة في لقاءات مع دول الصحراء، شارك فيها المغرب ونواكشوط".

ولمواجهة الأزمات التي تتسبب فيها بعض الدول المعادية، بسبب توجه المغرب لإفريقيا وتكريس مكانته إقليميا وقاريا، "على المغرب تثمين علاقاته مع موريتانيا وجميع دول الجوار حسب نسق تدريجي متصاعد، والمغرب يراهن على شراكته مع موريتانيا في إطار رابح رابح، وهو أمر من الممكن أن يساعد البلدين من الناحية الاقتصادية ونواحي أخرى"، وفق تعبيره.

وحول إمكانية دخول نزار بركة في تشكيلة حكومية بعد هذا التكليف، قال المحلل السياسي، في تصريح لموقع "الدار" أن "كل شيء محتمل، فهذه إشارة ربما إلى أن يكون حزب الاستقلال عنصرا فاعلا ومحوريا في الحكومة المقبلة، لكن الحكومة على كل حال لا تتشكل الحكومة عن طريق الإشارات السياسية، ولكن عن طريق صناديق الاقتراع، وذلك إن استطاع الحزب الدخول في تحالفات أو تصدر الانتخابات".

بدوره، اعتبر نوفل البعمري، المحلل السياسي المختص في الشؤون الصحراوية الديبلوماسية، إن الرسالة الملكية التي قدمها بركة لرئيس موريتانيا لها بعدين اثنين: الأول يتعلق بالتكامل الديبلوماسي الذي يريد المغرب أن ينهجه بين الدبلوماسية الرسمية والموازية، وهذه الأخير "قد تكون ممر الدبلوماسية الرسمية في بعض المحطات خاصة عندما يتعلق الأمر بجيران المغرب". حسب تعبيره.

وأما البعد الثاني، حسب الخبير السياسي، فيتعلق باستغلال فرصة تواجد بركة في موريتانيا من أجل تجديد التواصل بين القائدين كعربون محبة وتقدير متبادلين بينهما، والتأكيد على الرغبة المتنامية للمغرب في أن تكون علاقته بجيرانه علاقة أخوة وطبيعية، خصوصا وأن الأمين العام السابق للحزب، كاد يتسبب في أزمة دبلوماسية مع موريتانيا بسبب تصريحاته غير الدبلوماسية، وتكليف بركة بهذه المهمة هو تأكيد بأن تلك المواقف لا تمثل المغرب ولا حزب الاستقلال وأنه تم تجاوزها من الجانبين". يسجل البعمري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 − خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى