موعد للترافع الدبلوماسي عن الصحراء.. لماذا تخلفت شبيبة البيجيدي؟
الدار/ افتتاحية
لم تستطع شبيبات بعض الأحزاب السياسية أن تثبت جدارتها الدبلوماسية في مناسبة غير مسبوقة زار فيها أعضاء شبيبة الحزب الديمقراطي الأمريكي المغرب. وبينما مثلت هذه الزيارة فرصة نادرة لتفاعل هذه الهيئات الشبابية مع نظيرتها الأمريكية والانخراط في الدينامية الوطنية الهادفة إلى الترافع عن مغربية الصحراء، انشغل شباب هذه الأحزاب مرة أخرى بالحسابات السياسية الضيقة وبصراعات المواقع والمصالح. فرفضت قيادات شبيبات حزبية مغربية حضور اللقاء الذي نظمته شبيبة حزب الأصالة والمعاصرة بمناسبة زيارة الوفد الأمريكي، على الرغم من تلقيها دعوة من قيادة البام.
هذه المقاطعة التي قامت بها شبيبات هذه الأحزاب السياسية، وعلى الرغم من أن أسبابها الرسمية لم تعلن، إلا أن الكثير من المراقبين أرجعوها إلى أنها شكل من الاحتجاج على وقوف حزب الأصالة والمعاصرة وراء إلغاء لائحة الشباب الوطنية من القوانين الانتخابية، وضخ مقاعدها الثلاثين لصالح اللوائح النسائية الجهوية. ومن الواضح أن حماسة الأمين العام للبام عبد اللطيف وهبي في الدفاع عن مقترح إلغاء لائحة الشباب ترك لدى قيادات الشبيبات الحزبية أثرا بالغا إلى هذا الحد الذي يجعلها تقاطع لقاء مهما من الناحية الدبلوماسية خصوصا مع أهمية الوفد الأمريكي الحاضر عن الحزب الديمقراطي. فقد ضم الود كلاّ من جوشوا هاريس-تيل، رئيس منظمة شباب الحزب الديمقراطي الأمريكي، وكاريسا ماكفادن، نائبة رئيس منظمة شباب الحزب الديمقراطي، ودانييل غلوفر، عضوة المكتب التنفيذي لمنظمة نساء الحزب الديمقراطي، وهيذير براون، عضوة الحزب الديمقراطي ومديرته السابقة.
وتكمن أهمية هذه الزيارة التي يقوم بها الوفد الأمريكي في السياق السياسي والتاريخي الذي جاءت فيه بالنظر إلى أنها تأتي بعد الجهود الكبيرة التي بذلت على مستوى انتزاع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء. وما يعطي لهذه الزيارة أهمية كبيرة في هذا الإطار هو أن الوفد الشبابي الأمريكي يزور مدينة الداخلة ليؤكد بالملموس أن لا مجال للتراجع الأمريكي عن القرار الذي سبق أن وقعه الرئيس السابق دونالد ترامب. وهذا ما أكدته تصريحات أعضاء الوفد. فقد دعا وفد “الديمقراطيين الأمريكيين الشباب”، يوم الجمعة بالداخلة، المستثمرين إلى التوطين الاقتصادي بالجهة التي تختزن إمكانات اقتصادية هائلة. وقال جوشوا هاريس تيل، رئيس “الديمقراطيين الأمريكيين الشباب” ” توجد فرص عديدة بالداخلة يتعين أن ينتهزها المستثمرون وأن يتقاسموا عوائدها مع إفريقيا”.
لقد كان تخلّف الشبيبات الحزبية من قبيل شبيبة العدالة والتنمية وشبيبة حزب الاستقلال.. مثلا عن هذا اللقاء ضربا صريحا في وحدة الجبهة الوطنية فيما يتعلق بمغربية الصحراء. كما أنها أخلفت موعدها مع لحظة من لحظات الترافع المهمة عن هذه القضية، وذلك لاعتبارات انتخابية على ما يبدو. فالظاهر أن هذه الشبيبات لا تريد أن تظهر شبيبة حزب الأصالة والمعاصرة بمظهر السباق إلى اقتحام الخطوط الدبلوماسية الدولية وتفعيل الدبلوماسية الموازية للأحزاب، التي لطالما طالب بها الجميع. ماذا لو قدمت شبيبة العدالة والتنمية في شخص رئيسها الوزير أمكراز عرضها الخاص أمام أعضاء الوفد الأمريكي، لإظهار المكانة التي يحتلها بعض شباب الأحزاب في المؤسسات السياسية للبلاد؟
لقد أظهرت هذه الحادثة أن الوعي الوطني لدى الكثير من الهيئات السياسية لا يزال مرتبطا بضمان المصالح والمكتسبات الانتخابية. كما أن حسابات التنافس والصراع السياسي كثيرا ما تحجب المواقف الوطنية المُجمع عليها. ومن غير المستغرب أن تسلك هذه الشبيبات الحزبية هذا السلوك ما دام هذا الشبل من ذاك الأسد، فهي تتوارث عموما ثقافة سياسية من قيادات أحزابها التي لا تزال تنظر إلى العمل السياسي باعتباره جملة من المكتسبات لا باعتباره أولا قائمة من الواجبات الوطنية.