الذكرى المئوية لتأسيس الأردن..علاقات وطيدة مع المغرب أسسها التضامن والتفاهم
الدار / خاص
تحي المملكة الأردنية الهاشمية، اليوم الأحد، الذكرى المئوية الأولى لتأسيسها من دون احتفالات كبرى بسبب جائحة كوفيد-19.
ويصادف الـ11 أبريل من كل سنة، التاريخ الذي شكل فيه الأمير الهاشمي عبدالله الأول عام 1921 أول حكومة لإمارة شرق الأردن.
شيء من التاريخ
نشأت امارة شرق الأردن في مارس 1921، وقد انفصلت عن فلسطين التاريخية بعد أن انتشرت فيها قوات الأمير عبدالله، الابن الثاني للشريف حسين بن علي الذي قاد “الثورة العربية الكبرى” ضد الإمبراطورية العثمانية بدعم بريطاني، مقابل إقامة مملكة عربية يحكمها الشريف لم تر النور.
وتم تأسيس الإمارة رسميا في 11أبريل. في عام 1946، أُعلن استقلالها عن الانتداب البريطاني، وتحولت إلى “المملكة الأردنية الهاشمية”، وأصبح الأمير عبد الله ملكا بلقب الملك عبد الله الأول.
دعم أردني ثابت لمغربية الصحراء
يجمع المغرب والأردن، علاقات وطيدة ومتينة، تتميز بالتشاور المستمر والمثمر والتنسيق الدائم بين قائدي البلدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وأخيه صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حيال القضايا العربية والإقليمية والدولية وتطابق وجهات النظر في كثير من تلك القضايا.
وتجسد هذا التعاون، بعد أحداث الكركارات في نونبر 2020، حيث أشاد صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بالقرارات التي أمر بها جلالة الملك محمد السادس، لإعادة تأمين انسياب الحركة المدنية والتجارية في هذه المنطقة، كما هنأ جلالته على نجاح تلك العملية وإعادة فتح المعبر أمام المرور الآمن للأشخاص والبضائع من المملكة المغربية إلى الدول الإفريقية جنوب الصحراء.
وجسدت المملكة الأردنية هذه الرغبة من خلال افتتاح قنصلية عامة لها بمدينة الداخلة، لتنضاف إلى القنصليات العامة التي بادرت مجموعة من الدول الشقيقة والصديقة بافتتاحها في مدينتي العيون والداخلة.
وتعتبر هذه المواقف الأردنية التضامنية والمؤيدة لقضايا المغرب العادلة، امتدادا لما دأب عليه هذا البلد الشقيق، حيث سبق للمغفور له جلالة الملك حسين أن وجه رسالة إلى المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراهما، أكد فيها “دعم وتأييد المغرب في سائر الظروف والأحوال للوصول إلى الحق المغربي المشـروع والثابت في استرجاع صحرائه”، وقرر إرسال وفد أردني هام للمشاركة في المسيرة الخضراء سنة 1975.
وفي سياق سياسة التضامن بين البلدين، ودعما لجهود الأردن في مواجهة أعباء استقبال اللاجئين السوريين، أمر صاحب الجلالة الملك محمد السادس بإقامة مستشفى عسكري ميداني في مخيم الزعتري بالأردن في شهر غشت 2012.
علاقات متعددة المجالات
كما ارتقى البلدان بعلاقاتهما الثنائية من المستوى التقليدي إلى علاقات استراتيجية متعددة الجوانب تشمل إقامة مشاريع ملموسة في مجالات محددة كالطاقة المتجددة والزراعة والسياحة، إضافة إلى تبادل الخبرات في مجالات التأهيل المهني في التخصصات المرتبطة بقطاعات السياحة والصناعات الغذائية والبناء والأشغال العامة وإدارة الموارد المائية، وذلك تنفيذا لما ورد في البيان المشترك الصادر عقب زيارة العمل والصداقة التي قام بها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ابن الحسين إلى المغرب، يومي 27 و28 مارس 2019.
التعاون المغربي الأردني ينتظم في إطار اللجنة العليا المشتركة كآلية رئيسية يترأسها رئيسا حكومتي البلدين. وقد انعقدت آخر دورة لهذه اللجنة (الدورة الخامسة) بالرباط يومي 21 و22 أبريل 2016، وتوجت بالتوقيع على 16 نص قانوني ما بين اتفاق ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي، لتعزيز التعاون في مجالات مختلفة، خاصة التعليم العالي والصناعة والتجارة والبيئة والمياه. كما عرفت الدورة مشاركة متميزة لممثلي القطاع الخاص من البلدين.
وفي الشق الاقتصادي، انتقل حجم التبادل التجاري بين البلدين من 796 مليون و11 ألف و50 درهم سنة 2017، إلى 830 مليون و72 ألف و422 درهم سنة 2020، حسب معطيات لمكتب الصرف. من جهة أخرى، يتوفر البلدان على إطار قانوني يغطي مختلف الجوانب المرتبطة بالتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، سواء على المستوى الثنائي أو المتعدد الأطراف (اتفاق ثنائي للتبادل الحر واتفاقية أكادير واتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى).
المغرب والأردن.. واحات الاستقرار الأخيرة
أظهرت أحداث ما سمي بـ”الربيع العربي” التي اجتاحت المنطقة العربية، أن النموذج الملكي المغربي يبرز بشكل واضح كتجربة فريدة للإصلاح الهادئ بعيدا عن انعدام الاستقرار والحروب الطائفية. إنه نموذج قطع مع الدولة البوليسية وكرس ثقافة حقوق الإنسان وعزز التعددية الحزبية والسياسية وحقق التوازن المطلق بين مختلف القوى والسلط، دون الوقوع في فخ الانفلات أو التضييق.
لذلك تعتبر الملكية المغربية والملكية الأردنية تجربتان يحتاج العالم العربي أن يستلهم منهما الكثير من مقومات النجاح والاستقرار. إنهما بلدان لا يمتلكان الكثير من الموارد والثروات لكنهما يخوضان بشكل وتدريجي ثورة تغيير تؤسس لنظام ديمقراطي خالص في المستقبل بأقل كلفة ممكنة.