محللون: ليست في مصلحة أمريكا وفرنسا الوقوف بجانب بوتفليقة
الدار/ عفراء علوي محمدي
اعتبر مراقبون للشأن الدولي، أن الموقف الرسمي الذي أدلت به وزارة الخارجية الأمريكية، وأعلنه رئيس الوزراء الفرنسي، أمس الأربعاء، بخصوص التظاهرات الاحتجاجية التي تعرفها الجزائر، ضد ترشح الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، لولاية خامسة، (اعتبروا) أن جميع الدول تتابع عن كثب ما يجري بالمنطقة، وإعطاء موقف صريح بشأن التطورات السياسية الجزائرية، بالضرورة سيعكس مصلحة خارجية للدولة في القضية.
وأكد محللون للعلاقات الدولية، أن ليس من مصلحة أي طرف خارجي أن ينتخب بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، وبالنسبة له يعتبر شخصا غير صالح لممارسة مهام الحكم أو التفاوض مع بلدان الجوار على المستوى الاقتصادي.
ودعت وزارة الخارجية الأمريكية السلطات الجزائرية إلى احترام حق المواطنين في التظاهر السلمي، بينما صرح رئيس الوزراء الفرنسي، إدوار فيليب، في مقابلة تلفزيونية، أن الجزائريين هم الذين لهم الحق في اتخاذ القرارات بشأن مستقبلهم، وليست جهة أخرى خارجية.
وفي هذا الاتجاه، قال محمد شقير، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الدولية والدبلوماسية، إن ما يجري في الجزائر "سيحظى باهتمام جميع دول الجوار، وهذا أمر طبيعي، خصوصا وأن بعضها تنتهز الفرصة للتعليق وإصدار المواقف"، موضحا أن التصريحين الأخيرين لكل من فرنسا وأمريكا "جاءا مباشرة بعض خرجة أحمد قايد صالح الذي أشار، في خطابه الأخير، إلى أن الجيش لن يسمح بتجاوز الحدود وسيعمل على الحفاظ على الاستقرار، ولن يسمح لأي قوى خارجية أن توظف الحراك لصالحها" وفق تعبيره.
وأكد المحلل السياسي، في تصريحه لموقع "الدار"، أن الخلفية من وراء الخرجتين "هي محاولة إبراز الاهتمام الدولي والإقليمي بما يجري في الجزائر، لأن تداعيات ذلك قد تتسبب في عدم استقرار المنطقة"، مبرزا أن أمريكا وفرنسا لا تريد إعادة تجربة الحرب الأهلية التي وقعت في الجزائر، وما ترتب عنها من ضحايا وخسائر مادية وبشرية في تسعينيات القرن الماضي.
وبخصوص خرجة رئيس الوزراء الفرنسي، اعتبر شقير أن التوقيت الذي جاءت فيه "يثبت أن فرنسا تريد الرد على موقف أمريكا في هذا الشأن، لتبين أنه ليس من حق واشنطن الخوض في أمور تخص فرنسا وحدها، على مستوى التنافس بالمنطقة"، واعتبرها رسالة مبطنة للولايات المتحدة الأمريكية حتى لا تلج منطقة نفوذ فرنسا.
من جهته، قال عز الدين خمريش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إن موقف الولايات المتحدة الأمريكية من الأحداث التي تجري في الجزائر، واضح وصريح بالمقارنة مع الموقف الفرنسي، وهو نابع من كون أن هاته الاحتجاجات "يجب أن تحترم، كما يجب على السلطات الجزائرية أن تحترم إرادة الشعب الجزائري".
واعتبر خمريش، في تصريحه لموقع "الدار"، أن تصريحات الدول الخارجية بخصوص ما يحدث في الجزائر "يدخل في باب المراقبة الدولية لمبادئ حقوق الإنسان وللممارسة الديمقراطية في بعض البلدان"، وذلك بالنظر لما تعيشه الجزائر من أحداث وصفها بـ"المؤلمة"، والاحتجاجات المناهضة التي جاءت نتيجة "ترشح الرئيس الجزائري الذي يعاني من مجموعة من الأمراض المزمنة، ولا يقو حتى على تقديم ملف ترشيحه، الشيء الذي يثير الشكوك الدولية حول هذا سلوك النظام الجزائري في هذا الصدد"، وفق تعبيره.
وأكد خمريش أن على سلطات أي بلد أن تحترم إرادة الشعب، "خاصة حينما يتعلق الأمر بالنظام الجزائري البعيد كل البعد عن الممارسة الديمقراطية"، مؤكدا أن جل الانتخابات في الجزائر تمت فبركتها ليظل بوتفليقة رئيسا لمدى 20 سنة، وهذا "غير صحي" حسبه.
وسجل المتحدث نفسه أن تصريح فرنسا "جاء محتشما في هذا الخصوص، ولم يعط موقفا قاطعا من قضية ترشيح بوتفليقة"، واعتبر، في الوقت ذلته، أن رسالة رئيس الوزراء الفرنسي، "تبرز، بشكل مضمر، سندها للشعب الفرنسي، وانتقادها لنظام بوتفليقة، وإشادتها بمسألة الاحتجاج السلمي الذي ينسجم وإرادة الشعب الجزائري، ويتوافق مع جميع المواقيف الدولة والحقوقية"، حسب قوله.