يتميز الضحك، الذي يعد أحد المؤشرات يعبر بها الإنسان عن سعادته، بفوائد صحية عديدة ومتنوعة، من أبرزها تخفيف الضغوطات والتوترات النفسية التي يتعرض لها الإنسان، خاصة في زمن الجائحة … فهو ربيع القلب، ومجلب الراحة النفسية.
وعلى هذا الأساس تكمن أهمية تنظيم أنشطة وعروض فكاهية متعددة ومتنوعة من شأنها إدخال البهجة والسرور على نفوس الناس، لما لها من تأثير يعود بالنفع على الصحة النفسية والبدنية، وتحسين المزاج بما يحفز على مزيد من البذل والعطاء.
ففي زمن (كوفيد-19)، الذي قيد حياة الناس وأضر بصحتهم، تفشت أنواع عديدة من التوترات النفسية لم تكن بهذه الحدة في السابق، كما ظهرت الحاجة للتخلص من هذه الظواهر، وهنا تحديدا تبرز أهمية المهرجانات المختصة في الفكاهة والضحك، من بينها مهرجان الدار البيضاء الدولي للضحك، الذي يوفر من خلال عروضه المتنوعة والمتعددة الأشكال، فسحة للضحك والفكاهة، فضلا عن خلق جسور التواصل بين عشاق هذا اللون الفني، ونسج علاقات إنسانية مبنية على المحبة ونبذ كافة أشكال العنف والكراهية والأحقاد.
ومن أجل الوقوف عن كثب على أهمية الضحك بالنسبة للإنسان، وإبراز بعض جوانب فوائده الجليلة من خلال تنظيم عروض فكاهية، خاصة في هذه الظرفية الصعبة الناتجة عن فيروس كورونا، اعتبر لطفي برجي رئيس مهرجان الدار البيضاء الدولي للضحك، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الإنسانية في أمس الحاجة لمثل هذه التظاهرات التي تركز على الضحك، لأن الأمر يتعلق بلغة يفهما العالم برمته، خاصة في ظل الجائحة التي خلقت وضعا غير طبيعي أثر بشكل سلبي على الصحة النفسية للناس جراء الحد من التنقلات التي أملتها الأزمة الصحية المرتبطة بتفشي فيروس كورونا (كوفيد-19).
وواصل أن جمعية الثقافة والفن لأصدقاء جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، الجهة المنظمة لهذا المهرجان، اختارت تحدي الصعاب بعد أن كانت تحتفي بهذا العرس الفكاهي، ابتداءا من سنة 1994، في لقاءات مباشرة مع الجمهور، لكن الظروف الاحترازية التي يعيشها العالم حاليا، حتمت إقامة هاته التظاهرة الفنية، هذه السنة، عبر منصات رقمية وطنية ودولية مختلفة.
وأشار إلى أن المنصات الرقمية قربت المسافات بين الفنانين الفكاهيين الذي يمثلون، إلى جانب المغرب، عددا من بلدان الأجنبية، والجمهور العريض على منصات التواصل.
وأوضح أن النسخة ال16 من مهرجان الدار البيضاء الدولي للضحك، التي نظمت ما بين 15 و19 أبريل الماضي تحت شعار “الضحك يجمعنا في زمن كورونا”، تعتبر استمرارية لهذا المشروع الفني والثقافي والتواصلي بين شعوب العالم، وتلاقى الثقافات.
وذكر أن المولوعين بالضحك كانوا طيلة خمسة أيام على موعد مع عرس كوميدي وفني بأزيد من ثلاثة عروض يومية نشطها عشرات الفنانين، ومئات من الطاقات الشابة الواعدة في فن الكوميديا الذين تباروا أمام لجنة متخصصة، كان هدفهم الوحيد رسم البسمة على محيا عشاق المهرجان خاصة في ظل هذه الظروف الصحية الصعبة.
وأوضح أن دورة هذه السنة من هذا المهرجان شارك فيها باقة من نجوم الكوميديا المألوفين إلى جانب ووجوه أخرى جديدة من المغرب وبلدان أخرى من بينها على الخصوص بلجيكا، والكامرون، والسينغال، وفرنسا، وروسيا، وجورجيا، ومصر.
كما تضمن برنامج نسخة 2021 مشاركة فرقة مسرح الضحك للجميع من روسيا، وفرقة “باخفا” لفن الدمى من جورجيا، إلى جانب تقديم مجموعة من العروض على منصات رقمية مختلفة وطنية ودولية، أشرف المخرج برجي لطفي على تأطير الطاقات الشابة الواعدة خلال ثلاثة أيام ل”ماستر كلاس”، فضلا عن تكريم ثلة من الفنانين المغاربة والأجانب .
ومن أجل إتاحة الفرصة للوجوه الشابة، أفرد المهرجان سهرة كاملة لهذه الطاقات الواعدة والتي اجتازت مباراة الاختيار بنجاح. فبالإضافة إلى العروض الفكاهية، تضمن برنامج المهرجان محترفات تكوينية، ومائدة مستديرة لمناقشة محور الدورة الذي احتفى بالنكتة المغربية بين الأمس واليوم بتنسيق مع مختبر الثقافة والعلوم والآداب العربية التابع لكلية الآداب عين الشق، والذي عرف مشاركة ثلة من الأساتذة الجامعيين والباحثين في هذا الميدان.
وتبقى الإشارة إلى أن الفكاهة، التي تعد الوجه الآخر للضحك، انتشرت على مر العصور والتاريخ بالنسبة لكل شعوب المعمور، فهي حاضرة في جميع حضارات العالم، لأنها تعد نزهة النفس، وقد جرى تأليف كتب عديدة عن الهزل والضحك، كما كتبت أشعار فيها الكثير من السخرية التي تبعث على الضحك وتحمل منسوبا كبيرا من الهزل والضحك.
المصدر: الدار- وم ع