عبادي: التسلح يُفضي الى الخوف و”الأجيال الرقمية” تحتاج الى خطاب مقبول
الدار / خاص
دعا الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، الى مصاحبة الأجيال “الرقمية” المعاصرة؛ جيلي “Z” و“Alpha”، وتوجيهها لتملك القيم الحضارية الماثلة في السيرة النبوية العطرة، قصد العكوف على هذه الإشكالات الحارقة التي تواجه عالم اليوم”.
وأكد الدكتور أحمد عبادي، الذي كان يتحدث، بالرباط، في الجلسة الافتتاحية الشرفية، للمؤتمر العالمي حول “القيم الحضارية في السيرة النبوية: نحو رؤية مستقبلية للسيرة النبوية”، والذي نظمته “منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)”، بالشراكة مع “رابطة العالم الإسلامي” و”الرابطة المحمدية للعلماء”، تحت رعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أن ” تملك الأجيال الراهنة لهذه القيم الحضارية، تحدي صعب، لأن الأمر يقتضي بلورة خطاب مقبول، ووظيفي نافذ قابل للتملك من قبل هذه الأجيال، المصحوب بالحقائب التكوينية اليسيرة الاستعمال لكي تتمكن هذه الأجيال، من القيام بالتأثير الوظيفي الحميد، وليس التأثير الذي نرى سريانه اليوم على شبكات التواصل الاجتماعي”.
وفي هذا الصدد، أوضح الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، أن ” الرابطة المحمدية أعدت في هذا الصدد من خلال مختلف مراكزها البحثية والعلمية، جملة من الدراسات، و المؤلفات في استحضار لـبعد “المصفوفات الرقمية المعاصرة”، وما تطرحه من تحديات لدى الأجيال الراهنة”، مشيرا في هذا السياق، الى أن ” الرابطة قررت اطلاق سلسلة من التكوينات لتكوين “المؤثرين” و “المؤثرات” على الانترنت، حسب مضامين هذه الدراسات العلمية التي تم اعدادها من قبل باحثي وباحثات المؤسسة”.
وبعد أن أبرز الدكتور أحمد عبادي أن “موضوع “القيم الحضارية في السيرة النبوية نحو رؤية استشرافية مستقبلية”، موضوع مخصوص ذي طبيعة مخصوصة، وذي أهداف مخصوصة، شدد على ضرورة تشبيك التئامي بين المنظمات العلمائية، والذي بدأ بين رابطة العالم الإسلامي، والرابطة المحمدية و”الايسيسكو”، استحضارا للقول الحكيم لأمير المؤمنين في حديث الامام البخاري، طيب الله ثراه، حين عقد فصلا وبابا في كتابه الشامخ الجامع فقال: “باب العلم قبل القول والعمل”، وعلمه وفقهه كما قيل في تراجمه”.
وأشار ذات المتحدث، الى أن ” علماء الإسلام ينصون على أن الدين الاسلامي له مدخلان؛ أحدهما بعد الآخر، نحو كل بهي منيف جميل، وهما بابي “الجلال”، و “الجمال”، لذلك، يضيف الدكتور أحمد عبادي، ” لابد من الدخول من باب “الجلال”؛ جلال الله تعالى وجلال أوامره، والإناطة، والالتزام بها بعد تحقيق وتنقيح وتخريج مناطاتها، ثم بعد ذلك يأتي باب “الجمال”، الذي هو باب التعلق وباب التآسي، وباب الاستحضار، والائتمان بسيد الخلق، عليه أزكى الصلاة والسلام، تعلقا بمحية الباري جل وعز، مصداقا لقوله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
وتابع الدكتور أحمد عبادي، أن “منظومة أرحم الراحمين والدخول من بابي “الجلال”، و“الجمال” هو الذي يؤدي الى كل الكمال، والذي نجد فيه أن البشرية وحدة انطلاقا من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا).
من جهة أخرى، قال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، ان ”أسرة الإسلام تتهددها اليوم خمسة إشكالات حارقة؛ ينبغي النظر والعكوف عليها من هذه العدسة الحكمية النبوية المنيرة؛ أولها ما قد أظهرناه مما كسبت أيدينا من فساد في كوكب الأرض، وكيف يمكن أن نلتئم من صوب هذه العدسة الحكمية، و القوة الاقتراحية المنيرة لكي نصلح ما أفسدناه، وماهي القيم المؤسسة لذلك، وكيف يمكن العكوف على هذا الصوب لتندهق من عينه ومعينه جملة من التنويرات”.
الاشكال الثاني، بحسب الدكتور أحمد عبادي، هو سم الخوف الزعاف والتسلح الشديد الذي نلجأ إليه لمحاربة بعضنا البعض، والتوجس الذي يتملكنا بعضنا من بعض”، مبرزا أن ”الدول تنفق حوالي 17 تريليون دولار على التسلح”، في حين يتمثل الاشكال الثالث فيما يبدو في الأفق الأعلى من معالم مزعجة من امكان الاحتراب لا قدر لله بين كبار هذا العالم، حيث يدور الحديث عن حروب، و أسلحة لم يعرف لها مثيل قبل اليوم، وتهديدات مبطنة عن نشوب حروب كبرى، وإمكان وقوع اشتباكات”.
وأضاف المتحدث ذاته، أن ”الاشكال الرابع يتمثل في هذا الهدر البحثي، اذ تنجز كل سنة في عالمنا 80 مليون أطروحة، بلا فائدة واضحة، وبالتالي كيف يمكن أن نهندس وندخل بالخواريزميات لكي نوجه هذه الأبحاث لحل هذه الإشكاليات العملية والوظيفية الحارقة التي نواجهها في اطار “حكامة بحثية”، في حين يتمثل الاشكال الخامس في الادمانات، وحاجة أسرتنا الإنسانية إلى مزيد من الحكمة.
يشار الى أن هذا المؤتمر العالمي، عرف تكريم الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، تقديرا لجهوده في إبراز أدوار مؤسسة العلماء وإغناء البحث العلمي والدراسات الإسلامية، اذ سلمه الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو الدرع الذهبي للمنظمة.
وقال الدكتور سالم بن محمد المالك، إن “هذا التكريم يأتي تقديرا وعرفانا لما يقدمه الدكتور، عبادي والرابطة المحمدية للعلماء من جهود في تفكيك خطاب التطرف وتمنيع الشباب ضده، ومن دعم لا محدود لقضايا المسلمين في العالم أجمع”.