السفير الصيني في حوار حصري مع “الدار” يتحدث عن الصحراء خطاب الملك وحكومة أخنوش
الدار- أجرى الحوار رشيد محمودي، ترجمة المحجوب داسع
أكد سفير جمهورية الصين الشعبية بالرباط، “لي تشانغلين”، أن ” حل نزاع الصحراء المغربية يجب أن يتم في إطار العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل نهائي دائم ومتوافق عليه بين جميع الأطراف”.
وشدد السفير الصيني في حوار حصري مع موقع “الدار” على أن “حل هذا النزاع في الإطار الأممي يقتضي ضرورة تعيين مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة الى الصحراء، وإعادة إطلاق العملية السياسية بهذا الخصوص”.
وأشاد “لي تشانغلين” بخطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، مؤكدا بأنه ” خطاب يؤكد الرؤية الملكية الاستشرافية لمستقبل المملكة، والتحديات التي ينبغي رفعها”، مثمنا دعوة جلالة الملك الى إحداث منظومة وطنية متكاملة، تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد”.
كما ثمن السفير الصيني بالرباط دعوة الملك محمد السادس الى تأهيل المنظومة الصحية الوطنية، لمعالجة مختلف النواقص التي أظهرتها جائحة كوفييد19″.
من جهة أخرى، ثمن “لي تشانغلين”، مضامين البرنامج الحكومي الجديد، الذي قدمه عزيز أخنوش، أمام غرفتي البرلمان، مبرزا أن ” المغرب يتوفر على رؤية تنموية للمستقبل كما يتضح من خلال الخطاب الملكي والبرنامج الحكومي المقدم”.
من جهة أخرى، أوضح السفير الصيني أن ” تقرير النموذج التنموي الجديد مثير للاهتمام”، مبرزا أن ” السفارة الصينية تتوفر على نسخة من هذا التقرير بعد ترجمته من الفرنسية الى الصين، لأنه سيتيح للجانب الصيني التعرف على الأولويات التنموية الجديدة للمغرب في مجالات مختلفة، ومن ثم أخذها بغين الاعتبار في التعاون الثنائي بين البلدين، وتحديد فرص جديدة للتعاون ، ومعرفة أولويات المملكة لتقوية شراكة اقتصادية أكثر قوة مما عليه اليوم”، مجددا دعوته الى تكثيف الزيارات الثنائية بين الجانبين المغربي والصيني من أجل إعطاء دفعة جديدة لآفاق التعاون الثنائي”.
الدبلوماسي الصيني بالرباط، تحدث في هذا الحوار، عن المبادلات التجارية بين الرباط وبكين، مؤكدا أن ” الصين تعد أحد أهم شركاء المغرب على المستوى التجاري، حيث بلغ حجم المبادلات التجارية 6 مليار دولار سنة 2020، و 3.9 مليار دولار الى غاية شهر يوليوز من السنة الجارية، متوقعا أن يصل حجم هذه المبادلات بنهاية العام الجاري الى 5 مليار دولار”.
وذكر السفير الصيني بالرباط أن ” الاستثمار وخلق فرص الشغل يستأثر كثيرا باهتمام المغرب”، مشيرا الى أن ” هناك مشروع في مدينة القنيطرة تشرف عليه شركة صينية استثمرت عبر مرحلتين 300 مليون أورو في صنع إطارات الألمنيوم بقدرة تصنيع سنويا تصل الى 6 ملايين قطعة، و2 في المائة من إنتاجها موجه الى الأسواق المغربية، والباقي موجه نحو التصدير الى الولايات المتحدة الأمريكية، وأوربا”.
وتابع السفير الصيني في هذا الصدد :” لقد قمت بزيارة الى عين المكان، والتقيت المدير العام لهذه الشركة الصينية، وهو إطار مغربي يتمتع بمؤهلات مهنية كبيرة ورائعة. و هذا المشروع بمدينة القنيطرة يعد أحد أبرز المشاريع الصينية حاليا في المملكة المغربية”، مشيرا الى أن ” هنالك أيضا شركات صينية أخرى متخصصة في صناعة قطع السيارات، فضلا عن تجار صينين ينشطون في مشاريع صغيرة في صناعة الأحذية و الملابس، وغير ذلك من القطاعات”.
وأشاد لي تشانغلين بجودة التعاون الثنائي المغربي-الصيني في مواجهة جائحة فيروس “كورونا”، مشددا على أن ” المغرب والصين اشتغلا جنبا الى جنب من أجل تطوير تعاونهما الثنائي في ظروف صعبة”.
وأضاف في هذا الصدد، أنه “رغم توقف الزيارات الثنائية بسبب الجائحة، فقد تم القيام بمجهودات كبيرة من أجل مواصلة هذا التعاون الثنائي بين الرباط وبكين، حيث حل على سبيل المثال شباب مغاربة بالصين من أجل متابعة دورات تكوينية، وقد كانوا متحمسين لذلك”.
وقال السفير الصيني ان ” بلاده ترأست في 5 غشت المنصرم، أول منتدى للتعاون الدولي في مجال التلقيح، والذي عرف مشاركة السيد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، الذي ألقى كلمة بالمناسبة، كما شارك السيد رئيس الحكومة الأسبق، سعد الدين العثماني، عن بعد، في 19 غشت الماضي، في المعرض الصيني-العربي، وألقى بدوره كلمة بالمناسبة”.
وعلاقة بالتعاون الثنائي المغربي-الصيني في مجال التلقيح، قال السفير الصيني بالرباط :” لقد أتيت الى المغرب في الـ11 أبريل الماضي، بعد أن تسلم المغرب أولى جرعات التلقيح الصيني، وقد عشنا ثلاث مراحل في اطار مجهوداتنا المشتركة للحد من تفشي وباء كورونا”.
وأبرز في هذا الصدد، أن ” المرحلة الأولى همت تقديم الصين للمغرب كمية مهمة من المعدات الطبية، كما قام الجانب المغربي، أيضا بنقل مواطنين صينيين تقطعت بهم السبل في المغرب الى الصين، كما شهدت هذه المرحلة عقد لقاءات افتراضية بين الخبراء الصينيين ونظرائهم المغاربة في مجال الوقاية والحد من تفشي فيروس “كوفييد19”.
بالنسبة للمرحلة الثانية، يضيف الدبلوماسي الصيني بالرباط، ” فقد تسلم خلالها المغرب عبر أشطر وتنفيذا للشراكة الموقعة بين المغرب و شركة “سينوفارم”، كميات من اللقاح الذي تنتجه الشركة، وانطلاقا من شهر يوليوز المنصرم تم التسريع من عمليات تسليم اللقاحات، وقبل ثلاث أسابيع سلمت شركة “سينوفارم” كميات أخرى من اللقاح الى الجانب المغربي، وبمتم السنة الجارية، سيتم تسليم جميع الشحنات للجانب المغربي كما تنص على ذلك الاتفاقية المبرمة بين المغرب وشركة “سينوفارم”.
وأكد السفير الصيني أن “بلاده ستواكب المغرب في مشروع تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد- 19 ولقاحات أخرى، وذلك حتى يحقق سيادته الصحية، بخصوص التزود باللقاحات، مبرز أن ” الصين سعيدة جداً بتحقيق هذا المشروع الكبير مع المملكة المغربية”.
وأردف قائلا :” أعتقد أن هذا التعاون الثنائي بين المغرب والصين، مهم جدا ليس فقط بالنسبة للمغرب بل بالنسبة للصين أيضا. وإذا قمنا بإنجاح هذا التعاون فهذا يعني أن الشراكة الاستراتيجية التي تم التوقيع عليها في سنة 2016 خلال زيارة جلالة الملك محمد السادس الى الصين ستتم تقويتها واغنائها بمضامين جديدة”
وأضاف :” وأود التأكيد على أن الصين ستواكب المغرب في طموحه في تعزيز السيادة الصحية”، مشيرا الى أن ” اللقاحات التي سيتم تصنيعها في المغرب لن تكون موجهة فقط للاستهلاك المحلي بل أيضا لباقي دول افريقيا، كما أن جميع المشاريع التي يشتغل عليها الجانبين المغربي والصيني طوال هذه المدة في إطار الحد من تفشي وباء كورونا ستكون لها آثار إيجابية على المدى الطويل في التعاون المغربي الصيني”.
من جهة أخرى، تطرق السفير الصيني بالرباط لبعض المشاريع التي يتم حاليا العكوف على إنجازها في إطار التعاون الثنائي بين المغرب والصين، معطيا المثال بمشروع “طنجة تيك”، الذي أنهت الشركة الصينية جميع الأوراش الخاصة به، مبرزا أن ” الأشغال لاتزال متواصلة من أجل تشييد منطقة صناعية”، في حين يهم المشروع الثاني القطار الفائق السرعة بين الدار البيضاء- مراكش، مؤكدا في هذا الصدد أن ” هنالك شركة صينية شاركت في تصميم المشروع، وقد تم تسليمه للسلطات المغربية، وبعد ذلك ستقوم الشركة بمهام التعبئة والتمويل”، مشددا على أن ” جميع المشاريع المخطط لها في اطار التعاون المغربي- الصيني لاتزال متواصلة، لكن وجب الاقرار بأننا نعيش في وضعية استثنائية مرتبطة بتفشي وباء كورونا”.
السفير الصيني اغتنم فرصة حواره مع موقع “الدار” للحديث عن سهولة اندماج المواطنين الصينيين في المجتمع المغربي، مشيرا الى أن ” مواطني بلاده يندمجون بشكل سلس في المجتمع المغربي ويعيشون في وئام مع إخوانهم المغاربة”.
وقال :” نحن في المغرب جالية صينية صغيرة تضم أطباء، تجار، وكذا دبلوماسيين، واغلب الصينيين ينشطون في مجال الأعمال والتجارة الصغرى”، مشددا على أن ” المغرب يمثل دولة آمنة للصينين، ويشتغلون من أجل تحسين معيشهم في احترام تام للعادات والتقاليد والأعراف المغربية”.
وأضاف الدبلوماسي الصيني أن ” مواطني بلاده يحاولون تعلم بعض جوانب الثقافة المغربية حتى يتمكنوا من خلق، و إنجاح مشاريعهم الشخصية، والاندماج في المجتمع المغربي”، مقدما تشكراته الى جميع المغاربة على حسن كرمهم وضيافتهم تجاه الصنين، وتجاه الجسم الدبلوماسي الصيني”، مؤكدا أنه “بفضل كل هذه العناصر نشتغل في راحة في المغرب”.
وعلاقة بموضوع الطلبة المغاربة الذين يتابعون دراستهم في جمهورية الصين الشعبية، أكد السفير لي تشنغالين أن ” هناك فئتان من الطلبة المغاربة، الفئة الأولى تهم الطلبة الذين تقطعت بهم السبل والذين يتابعون دراستهم في الصين، و هناك فئة من هؤلاء الطلبة الذين دخلوا الى المغرب بعد تفشي فيروس كورونا في مدينة ووهان، وهناك فئة أخرى حصلت على منح للدراسة في الصين لكنه بعد تفشي الوباء على الصعيد العالمي لم تتمكن من الالتحاق بمؤسساتها الجامعية”.
وقال :” بالنسبة للصين ومن أجل الحفاظ على المكتسبات الاستراتيجية فيما يخص مواجهة وباء “كوفييد19″، نولي اهتماما للفئة الثانية من الطلبة المغاربة، وأعتقد أنها مسألة وقت حتى يتمكنوا من العودة الى الصين لمتابعة دراستهم”.