الدار/ تحليل
السلوك الذي بذر عن الاتحاد الجزائري لكرة القدم الذي أهدى قميص المنتخب الوطني الجزائري لبعض المعلقين والمحللين في قناة الكاس واستثنى المحلل المغربي أسامة بنعبد الله يعكس المستوى الصفري الذي بلغه النظام الجزائري بكافة مؤسساته ومسؤوليه وممثليه. عندما يحصي الاتحاد الجزائري لكرة القدم المشاركين في هذه الجلسات الرياضية داخل القناة القطرية ويصر على استثناء محلل مغربي من الهدية الرمزية فهذا يعني أننا أمام عقلية طفولية عُصابية تتحكم في قرارات المؤسسات الجزائرية، فنحن هنا لا نتحدث عن سلوك فردي صادر من المحلل الجزائري تجاه زميله المغربي، وإنما هو قرار “مدروس” ومتعمد غرضه بعث رسالة الحقد والضغائن والقطيعة.
لو أن هذا الأمر صدر عن مسؤول مغربي في الجامعة الملكية لكرة القدم تجاه أي مواطن من بلد آخر، لما كانت المسألة مرت هكذا دون أي اهتمام. لقد كان من المحتمل ترتيب عقاب وعلى الأقل عتاب على هذا القرار الصبياني الذي يسيء لأصحابه أكثر مما يسيء لمن كان موجها ضده، والدليل على ذلك الموقف الشهم الذي عبر عنه جل المشاركين في تلك الجلسة الرياضية وإصرارهم على لوم المحلل الجزائري على سلوكه الذي يتعارض تماما مع الشهامة والنخوة العربية علما أن الأمر يتعلق بمناسبة عربية خالصة وناجحة مثلتها تجربة كأس العرب. وما يدل على أن سلوك المحلل الجزائري ليس سلوكا فرديا وإنما هو قرار جزائري مؤسسي هو أن لا أحد من عقلاء هذا البلد، إن بقي فيه عقلاء، انتقد هذا السلوك أو عبر عن تبرئه مما قام بها الاتحاد الجزائري لكرة القدم.
لقد تميزت مباراة ربع النهاية بين المنتخب الوطني المغربي والمنتخب الجزائري بروح رياضية عالية، وعبر كل اللاعبين المشاركين فيها عن حسّ عالي من المسؤولية والانضباط، وانتهت المباراة في أجواء جد عادية. لكن الاتحاد الجزائري على ما يبدو لا يريد أن تنتهي هذه الكأس دون أن يبث وينفث سموم النظام الجزائري تجاه المغرب والمغاربة، ويعبر بصدق عن حقيقة ما يدور في دواليب القرار السياسي والرياضي الجزائري تجاه المغرب. ماذا لو كان المغرب هو الفائز في هذه الكأس العربية؟ هل كانت الجزائر ستعلن الحرب على المغرب رغم أن الأمر لا يعدو أن يكون لعبة رياضية عابرة؟
لكن عموما نحن في المغرب نفهم كثيرا هذا السلوك الذي بذر عن مؤسسة رياضية، لأنه في الحقيقة لا توجد مؤسسة رياضية في الجزائر، إنها كلها مؤسسات عسكرية مغلفة بغلاف الرياضة. نعم نحن نتحدث عن نظام يخترق فيه الجنرالات كل المؤسسات ويتخذون كل القرارات، ويعينون على رأس المسؤوليات كل من يتقاطع مع تلك الرؤية العدائية تجاه المغرب والمغاربة. ما قام به الاتحاد الجزائري لكرة القدم ليس في الحقيقة سوى انعكاس للعقلية العسكرية الحاكمة في البلاد، والتي تضع على رأس ثوابتها الإساءة للمغرب والنيل منه ولو تطلب الأمر اللجوء إلى حركات صبيانية كهذه التي تم التعبير عنها رسميا أمام ملايين المشاهدين في قناة رياضية عربية وبحضور صحافيين ومحللين رياضيين من كل الأقطار العربية.
لقد كان الاتحاد الجزائري لكرة القدم يعتقد أن استثناء المحلل المغربي من هدية المنتخب الوطني سيحقق النكاية والتشفّي المرجو من مثل هذا الفعل، لكنه أتى بنتائج عكسية ورطت المسؤولين الجزائريين وفضحتهم أمام الأشقاء العرب الذين استنكروا هذا السلوك. وقد أبرزت هذه الفضيحة أن العسكر في الجزائر لا يضمرون فقط الحقد والكراهية والعداء للمغرب، بل إنهم يمتلكون رصيدا هائلا من الغباء السياسي الذي يجب أن يُحاكموا عليه.