هيام بحراوي
يشهد قطاع التمور انتعاشة قوية هذه الأيام، فالمغاربة مقبلين على شهر رمضان، والتمر يعد عنصرا مهما في مائدة الإفطار. تموين السوق الوطنية بهذا المنتوج وحسب البلاغات الحكومية يسير في منحى جيد انطلاقا من مخزونات الإنتاج الوطني ، التي بلغت حسب بلاغ رئاسة الحكومة، 160 ألف طن، بزيادة 12 في المائة مقارنة بنفس الفترة من الموسم الماضي .
المنتوج الوطني وتراجع الاستهلاك
درب “ميلان” بحي الفرح في مدينة الدار البيضاء، حيث تباع التمور بالجملة، المنتوجات المعروضة كثيرة، ولكن غالبية المعروض من التمور مستوردة من بلدان عربية شقيقة. تمور دول الخليج متواجدة بكثرة وبأثمنة وجودة مناسبة. موقع “الدار” زار سوق الجملة للتمور، الذي يكتسي شعبية واسعة، وقف عن كثب عن نوعية التمور المعروضة، والكميات الهائلة من الصناديق والعلب التي رتبت بعناية فائقة.
ووسط انشغال التجار بزبائنهم الذين يقبلون على شراء التمور خلال هذه الفترة قبيل شهر رمضان، تحدثنا إلى أحدهم الذي قام بشراء كميات وفيرة من التمور العربية وخاصة التونسية والجزائرية ، و التي أكد أن المغاربة يقبلون على شرائها خلال هذه الفترة، بالنظر لسعرها المنخفض ولجودتها فهي تترواح بين 35 درهم و45 درهم للكيلو غرام الواحد.
تاجر آخر من مدينه زاكورة، أوضح في تصريح له، أن المنتوج الوطني من التمر متوفر بشكل كبير هذه السنة، مشيرا أنه هناك أنواع من التمور تتواجد بكثرة في شهري شتنبر وأكتوبر، وأن المتواجدة حاليا هي “بوزكار، بوستحمي، الجيهل ، بوفقوس، المجهول، بوسكري”، والأثمنة تتراوح بين 15 و100 درهم حسب نوعية التمر، موضحا أن التمور التونسية والجزائرية و الخليجية تفوقت هذه السنة على التمور المغربية، لأن في نظره ” المنتوج الوطني يبقى ثمنه مرتفعا بالمقارنة مع التمور المستوردة”.
وعلى الرغم من غلاء سعر التمر المغربي هذا العام، إلا أن عددا من المواطنين يفضلون شراءه لجودته ولثقتهم في المنتوج الوطني ، الذي يقولون يكون حديث الإنتاج و الجني مقارنة بالتمور المستوردة، التي حسب تعبير عدد منهم ، تكون “مشبعة بالمواد الحافظة و غالبا ما تكون أقل طراوة بالرغم من ظروف تعليبها و التي تسمح بالحفاظ عليها لوقت أطول”.
التمور المستوردة وتعزيز التنافسية
محمد تاكدة، عضو في جمعية مستوردي الفواكه الجافة ، أكد لموقع “الدار” أن التمور المستوردة من مصر والجزائر والسعودية والإمارات، تعزز التنافسية ، وتؤثر على الأسعار لصالح المستهلك المغربي ، الذي يضيف بإمكانه اليوم شراء المنتوج الوطني المتواجد بوفرة في السوق، حيث وصل سعر “المجهول صغير الحجم” وهو نوع من أنواع التمر، لـ 40 درهم للكيلو غرام الواحد وهو السعر الذي لم يكن في السابق.
وأشار المتحدث، أن منتوج التمر متوفر بشكل يسد حاجيات المستهلك المغربي خلال هذه الفترة، سواء من التمور المحلية وكذا التمور المستوردة.
وأشار تاكدة، أن ارتفاع أثمنة التمور، في هذه الظرفية راجع للوضع الدولي ولعمليات الشحن التي تتم عبر الموانئ، مشيرا أن مجموعة من الدول ألغت التعرفة الجمركية لتسهيل عمليات الاستيراد ومن ضمنها مصر والسعودية.
ومن ضمن التمور التي تجد إقبالا كبيرا التمور القادمة من الجزائر، والتي رغم دخول أنواع أخرى من التمور العربية ، لا زالت بحسب المهنيين تنافس بقوة المنتوج المغربي وذلك راجع للثمن الذي يناسب القدرة الشرائية للمغاربة.
الزيادة في الأسعار
رغم قلة التساقطات المطرية هذه السنة، فإن مهنيي قطاع التمور ، أكدوا أن الجفاف لا يؤثر على إنتاج التمر في المغرب، فالمنتجين حسب وصفهم قادرين على تجاوز أزمة الجفاف بالاعتناء بالنخيل ، مشيرين أن ارتفاع أسعار المنتوج الوطني راجع إلى الزيادة في ثمن المحروقات وما له من أثار على نقل البضائع ، الآتية من مدن الجنوب حيث الأصناف الجيدة من التمور.
فصنف “المجهول” كان حتى وقت قريب بسوق الجملة يتراوح سعره ” ما بين 65 و 90 للكيلو غرام الواحد ، أما حاليا فيصل ما بين 120 إلى 150 درهما للكيلو غرام الواحد ، حسب الأنواع .
الأنواع الأخرى من التمور الوطنية وهي ” بوفقوس” الذي يباع بحسب ما كشف عنه تجار سوق الجملة، بـ 45 درهم ثم “الجيهل” بـ 50 درهم ثم بوستحمي بـ 15 درهم ، وهي الأسعار التي يقولون تتقلب حسب العرض والطلب.
التمور الجزائرية
كل سنة يطرح إشكال جودة التمور الجزائرية التي يتم استيرادها، وسط تخوف المهنيين من كساد بسوق التمور بسبب الإجراءات التي ترافق وجود آلاف الأطنان من التمور في ميناء الدارالبيضاء.
حسب مصدر من المهنيين بقطاع التمور، فإنهم كانوا قد قرروا العام الماضي بعدم استيراد التمور الجزائرية ، بسبب الخسارة التي يتكبدونها من جراء “الشائعات” التي يتم تناقلها والتي تضر بهم كمهنيين، موضحا ” هذه التمور تتواجد بكثرة في ميناء الدار البيضاء ، تنتظر انتهاء الإجراءات لخروجها للسوق”.
يشار أن جميع أنواع التمور تدخل إلى المغرب بطرق قانونية وتخضع لمسطرة خاصة.
“أونسا” ومراقبة جودة التمور
المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ، هو المسؤول عن مراقبة مختلف المنتجات الغذائية التي تدخل عبر الموانئ والمطارات. مصالح المراقبة، التابعة له، راقبت، إلى حدود يوم الثلاثاء الماضي، حوالي 36 ألف طن من التمور، ورفضت ولوج 424 طن من مجموع التمور المستوردة إلى السوق الوطنية.
وأوضح جواب كتابي للمكتب “أن التمور تخضع على غرار جميع المنتجات الغذائية للمراقبة المنتظمة عند الاستيراد، وأن هذه العملية تتم عبر ثلاث مراحل”.
وأوضح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، أن مصالح المراقبة التابعة له، قامت خلال سنة 2021 بمراقبة 112 ألف طن من التمور عند الاستيراد، كما رفضت دخول 1949 طنا من التمور إلى السوق الوطنية، نظرا لعدم مطابقتها للمعايير المعمول بها.
وإلى حدود يوم الثلاثاء الماضي راقب المكتب 35769 طنا من التمور، ولم يسمح بدخول 424 طن من مجموع التمور المستوردة للسوق الوطنية.
كما أكد المكتب أن مصالحه أخذت عينات من التمور على مستوى مستودعات التخزين ونقاط البيع قصد التأكد من مطابقتها لمعايير السلامة الصحية، موضحا أن نتائج التحاليل المخبرية التي تم إجراؤها، إلى حدود الآن، أثبتت أن جميع العينات مطابقة لشروط السلامة الصحية.