المغرب والإمارات يعولان على ريادتهما الإقليمية لتعزيز تعاونهما في مجال الطاقة المتجددة
الدار- خاص
في سياق العلاقات الثنائية المتميزة بين المغرب والامارات، وجهت القيادة الرشيدة في الامارات، الى استكشاف فرص الاستثمارات المشتركة مع المغرب في قطاعات حيوية تشمل الطاقة التقليدية، والغاز المسال، ومحطات التوزيع، ومشروعات الطاقة المتجددة، وغيرها من المجالات الواعدة، التي تعد اليوم نموذجا يحتذى للتعاون العربي.
ولم يكن اختيار الامارات ضيف شرف الدورة الخامسة عشرة من مؤتمر الطاقة الذي انعقد الجمعة 14 مارس الماضي، في العاصمة المغربية الرباط، اعتباطيا بل جاء نتيجة المكتسبات الكبيرة التي راكمتها الامارات في مجال الطاقات المتجددة.
في هذا الصدد، تكتسي الشراكة التي تجمع شركة “مصدر” مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والتي تهم مشروع أنظمة طاقة شمسية منزلية لتركيب 20 ألف نظام للطاقة الشمسية المنزلية في أكثر من ألف قرية مغربية، أهمية قصوى في سياق موسوم بتقلبات الأوضاع في أسواق الطاقة على الصعيد العالمي، حيث تشهد هذه الأسواق تقلباتٍ غير مسبوقة بسبب الاضطرابات الجيوسياسية العالمية، وعلى رأسها الحرب الدائرة رحاها بين روسيا و أوكرانيا، و تراجع الاستثمارات طويلة الأمد في قطاع الوقود الأحفوري، والتي تؤدي إلى نقص المعروض والإمدادات.
وقد بدأت دولة الإمارات مسيرة التحول في قطاع الطاقة قبل ما يزيد على 15 عاماً مع تأسيس شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر” كمبادرة متعددة الأوجه للتنمية المستدامة، وبناء القدرات في مجال الطاقة المتجددة، مع التركيز على تطوير التكنولوجيا النظيفة والفرص الاقتصادية المُجدية.
ويحذو شركة “مصدر” طموح كبير للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة على الصعيد العالمي، كما أكد على ذلك الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة عشرة من مؤتمر الطاقة، الذي انعقد مارس المنصرم، بالرباط.
في ذات الجلسة الافتتاحية قال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر : “هنا في المملكة المغربية الشقيقة، أنشأت “مصدر”، بالشراكة مع /المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب/، مشروع أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، لتركيب ما يقرب من 20 ألف نظاماً للطاقة الشمسية المنزلية في أكثر من 1000 قرية مغربية”.
وأضاف :” لدينا كذلك الاهتمام بتطوير مشروع محطة “نور ميدلت”، الذي تبلغ قدرته الإنتاجية 800 ميجاواط، والذي يعد أول مشروع محطة هجينة متطورة للطاقة الشمسية في العالم تستخدم مزيجاً من الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة”.
وتمثل المشاريع المشتركة بين دولة الإمارات والمغرب، ركيزة صلبة يمكن البناء عليها، خصوصاً مع قيام “مصدر” بتوسيع قدرتها العالمية بتوجيه من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث دخلت ثلاث من كبريات شركات الطاقة في دولة الإمارات، وهي شركة أبوظبي الوطنية للطاقة “طاقة”، وشركة مبادلة للاستثمار، وشركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك”، في شراكة استراتيجية لتطوير محفظة “مصدر” الرائدة للطاقة النظيفة، إضافة إلى تعزيز الجهود في مجال الهيدروجين الأخضر.
وما يعطي للعلاقات المغربية-الإماراتية، زخما كبيرا، هو تطلع دولة الإمارات إلى مواصلة التعاون مع المملكة في هذا المسار الزاخر بالفرص، حيث رسخت دولة الإمارات ريادتها في مجال الطاقة المتجددة، والعمل المناخي من خلال استضافتها لوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” منذ عام 2009، وتعزز ذلك باختيار الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 العام المقبل.
أما المغرب، فقد رسخ كذلك لنفسه مكانةً رائدةً في استخدام الطاقة المتجددة، والتي أصبحت توفر ما يقرب من 40% من احتياجات المملكة من الكهرباء، كما يزخر بالفرص الاستثمارية الواعدة في مختلف القطاعات.
وفي هذا الإطار، تُعتبرُ دولة الإمارات شريكاً طبيعياً في هذه الفرص، حيث تتصدر دولة الإمارات المركز الأول من حيث حجم الاستثمارات العربية في المغرب منذ عام 1976، وتجاوزت استثماراتها في المملكة ما يزيد على 20 مليار درهم إماراتي في قطاعات استراتيجية كثيرة، من ضمنها الطاقة، والمعادن، والبنية التحتية والاتصالات والسياحة، والعقار، والزراعة، والخدمات.
وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين المغرب والامارات، في المنتجات غير النفطية ما يقرب 2.2 مليار درهم إماراتي، وساهم صندوق أبوظبي للتنمية في تمويل 82 مشروعاً تنموياً في المغرب بقيمة بلغت حوالي 2.45 مليار دولار، كما أن شركة “طاقة” الإماراتية، التي أنشأت محطة الطاقة الحرارية في منطقة الجرف الأصفر، تعد المورّد الرئيسي للمكتب الوطني للكهرباء والمياه، حيث تغطي أكثر من 50% من الطلب المحلي في المملكة على الكهرباء.