حكومة أخنوش تعبُر سنتها الأولى.. زخم المنجزات يُقبر الجدل ويرسّخ ثقافة المبادرة والعمل
الدار/ افتتاحية
تَعبُر اليوم حكومة عزيز أخنوش سنتها الأولى منذ تنصيبها في سياق زخم غير مسبوق من الأوراش والمنجزات التي بصمت هذه التجربة التنفيذية بصبغة العمل والمبادرة بعيدا عن الجدل والنقاشات السياسية العقيمة، وفي أفق آمال ربح رهانات المشاريع الكبرى التي أطلقتها بدءً بإصلاح المنظومة التربوية مرورا بأوراش التشغيل وتحسين الأوضاع الاجتماعية للشغيلة وصولا إلى أكبر مشروع يشهده المغرب منذ استقلاله والمتعلق بتنزيل تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية. وبينما لا يزال البعض من عرّافي التحاليل والمصادر الوهمية يستعجلون تعديلا حكوميا، تستمد حكومة عزيز أخنوش كل يوم طاقتها وتطلعاتها من الثقة الملكية الراسخة في هذه التركيبة التي اجتمع فيها ما تفرّق في غيرها من الحكومات السابقة.
فلأول مرة ومنذ أكثر من عشر سنوات نعيش سنة حكومية كاملة بعيدا عن مضيعة الوقت وفي أجواء مثالية من الانسجام والتناغم بين مختلف مكوناتها الثلاث، بعيدا عن التراشق وحروب “الصابوطاج” ومنطق “كل يغني على ليلاه”. فعلى الرغم من انتماء الأحزاب الثلاثة: التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال إلى مرجعيات وتجارب إيديولوجية مختلفة إلا أنها نجحت تحت قيادة رئيس الحكومة في تحقيق الحد المطلوب من توحيد الرؤى وتجميع التصورات وتعبئة المواقف المشتركة بصدد الكثير من القضايا الراهنة المطروحة على الساحة، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو التنموية. لقد حاول البعض استثمار بعض الاختلافات الطبيعية التي يمكن أن تطفو على السطح بخصوص مواقف الوزراء من بعض الملفات إلا أن ذلك لم يخرج عن دائرة النقاشات التي يعيشها كل جهاز تنفيذي يتميز بحيوية ودينامية خاصة على مستوى الأداء والاقتراح.
وفي ظل هذا التناغم والانسجام يصبح الحديث عن أي تعديل حكومي في الوقت الراهن مجرد رجم بالغيب لا يستند إلى أي أساس، بالنظر إلى أن جل الوزراء الذين ينتمون إلى هذه الحكومة يعملون وفق خارطة طريق مرسومة بدقة وواقعية، عبّر عنها التصريح الحكومي الذي أعلنه رئيس الحكومة، ثم البرنامج الذي عرضه أمام مجلس النواب ويمتد ما بين 2021 و2026. وتسير الحكومة منذ تنصيبها بخطى حثيثة نحو الوفاء التدريجي بكل الالتزامات التي خطّتها في هذا البرنامج، وبينما حقق الحوار الاجتماعي مكتسبات مهمة على مستوى الزيادة في الحد الأدنى للأجور وتحسين أوضاع بعض الفئات الاجتماعية كالأطباء وغيرهم، فإنه يتحول لأول مرة في تاريخ الحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام إلى سلوك مُمأسس منضبط للزمن التنفيذي والإداري وتحكمه قواعد وتوجيهات واضحة.
لقد تزامن تنصيب هذه الحكومة مع تفاقم كل المؤشرات الاقتصادية الوطنية المتأثرة بالأزمة الدولية، ولم تسلم بلادنا من تداعيات ارتفاع أسعار المحروقات في السوق الدولية ومن انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية واستمرار موجة الجفاف، وعلى الرغم من كل هذه الإكراهات الظرفية والبنيوية إلا أن حكومة عزيز أخنوش نجحت إلى حد بعيد في التخفيف من صدمة الأزمة الاقتصادية على القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة ومن انعكاساتها أيضا على المقاولات الوطنية والسوق المحلية. وفي الوقت الذي نتابع فيه بشكل يومي مظاهر الخصاص الهائلة التي تعرفها أسواق بعض البلدان المغاربية والعربية على مستوى التزويد بالمواد التموينية الأساسية، والارتفاع الصاروخي في مستويات التضخم بشكل أدى إلى انهيار كامل لأسواق العملات في بعض البلدان، من الضروري أن نعترف لهذه الحكومة بقدرتها الكبيرة على التحكم في هذه التداعيات وتحصين السوق الوطنية من تأثيراتها والحفاظ على ثوابت الاقتصاد الوطني وعلى رأسها أسعار صرف الدرهم ومعدلات التضخم.
لكن الأهم من كل هذه التوازنات الماكرو اقتصادية التي نجحت حكومة أخنوش في ضمان استقرارها، هو التفعيل الرسمي للنزعة الاجتماعية لهذه الحكومة. لقد كان لحكومة عزيز أخنوش في سنتها الأولى شرف المساهمة في وضع الأسس المتينة للدولة الاجتماعية كما تصوّرها جلالة الملك محمد السادس في أعقاب جائحة فيروس كورونا، واتخاذه لقرار تاريخي يقضي بتعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية لكل المغاربة. وقد التقطت هذه الحكومة بحسٍ سياسي ملحوظ هذه الإشارات الملكية ولم تتأخر في إطلاق هذا الورش الضخم وتخصيص ميزانية هائلة لتفعيله، وتعبئة كل القطاعات والمؤسسات والموارد البشرية الضرورية لإنجاحه، على الرغم من كل إكراهات الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثر الاقتصاد الوطني بها. لم تتأخر هذه الحكومة التي يحلم البعض بتعديل لتركيبتها في أن تخوض إذن حروبا تنفيذية على مختلف الجبهات وفضلت ثقافة العمل على التمترس خلف ستار الجدل.