الرباط تحتضن مسيرة “الإفراج عن معتقلي أحداث الحسيمة”
الدار/
بعد أسبوعين ونيف، من تثبيت الأحكام إستئنافيا بمحكمة البيضاء، على ناصر الزفزافي، قائد مظاهرات أحداث الحسيمة، ومجموعة من قادة الاحتجاجات التي أطلق عليها “الحراك الريف”، احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، التي فجرتها وفاة بائع سمك بالحسيمة.
احتضنت الرباط، اليوم الأحد مسيرة التضامن مع حراك معتقلي أحداث الحسيمة، لـ“لتعبير عن الاستنكار للأحكام الابتدائية التي أيدتها محكمة الاستئناف في الدار البيضاء”، حسب ما قالت أوساط حقوقية، حضرت المسيرة.
ورغم دعوات التجييش الافتراضي والواقعي، لم تتجاوز مسيرة الرباط، اليوم الأحد، للتضامن مع معتقلي أحداث الحسيمة، 3000 مشاركا، شكلت فيهم جماعة العدل والإحسان الحيز الأكبر بحوالي 99 بالمائة من عدد المشاركين، مع حضور باهت ومحدود لعائلات بعض المعتقلين.
ويؤشر حضور جماعة العدل والإحسان ضمن هذه المسيرة، على ركوبها على كل الأحداث المجتمعية بالمغرب وتحويلها لتوترات اجتماعية.
المسيرة التي دعت لها “اللجنة الوطنية لدعم حراك الريف ومطالبه العادلة”، انطلقت من باب الأحد في اتجاه قبة البرلمان؛ بحضور أحزاب اليسار المعتدل (الاشتراكي الموحد، المؤتمر الوطني الاتحادي)، واليسار الراديكالي (النهج الديموقراطي)، والكونفدرالية الديموقراطية للشغل، والجمعية المغربية لحقوق الانسان، وهيئات حقوقية ونقابية وإعلامية أخرى؛ وعبرت عن “التضامن مع قضية المعتقلين”، مطالبةً من الدولة بـ“التدخل العاجل لحل هذا الملف سياسيا بعيدا عن المقاربات الأمنية والقضائية”، ومؤكدة على أن الحل هو “إصدار عفو شامل ومراجعة كل الاحكام القضائية”.
وفي تصريح لـ“الدار” قال أحمد الزفزافي، والد ناصر الزفزافي، الذي كان يقود مظاهرات أحداث الحسيمة، أن الأحكام الصادرة كانت “قاسية ولا تتناسب مع الاحتجاجات السلمية التي شهدتها منطقة الريف 2016”.
الزفزافي الأب الذي كان محاطا بشباب من مختلف الأعمار، والذين شكلوا دونه سياجا بشريا أربك المسيرة، ومنع الإعلام من الوصول إلى عائلة المعتقلين، أشار إلى أن “الذين أصدروا الأحكام لا يستطيعون إثبات تهمة واحدة”.
وأضاف “أقسم بالله سأنتحر أمام الشعب، إذا ثبتت تهمة واحدة في حق المعتقلين”، حسب تعبيره.
“التنديد بكل الاعتقالات والمحاكمات، والمطالبة بكل جميع المعتقلين، سواء حراك الريف أو جرادة وغيرهم”، هذا ما قاله أحمد الهايج رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لصحيفة “الدار”، مطالبا بـ“إلغاء جميع المتابعات في حقهم”.
واعتبر الهايج، أن المعتقلين لم يقترفوا جرما سوى “أنهم مارسوا حقهم، في الاحتجاجات السلمية، المطالبة بالحقوق، وهو الحق المكفول بالقوانين والدستور المغربي، والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب”.
وأضافا أن “الأحكام التي صدرت في حق نشطاء حراك الريف جائرة وغير منصفة، ولا تخدم المصلحة الوطنية والاستقرار الاجتماعي والديمقراطية والتنمية”، مشددا أنها “تزيد في الاحتقان وتكرس انعدام الثقة بين المواطنين، والدولة والمؤسسات”.
وفي تصريح لها على هامش مشاركتها في المسيرة الوطنية التضامنية مع معتقلي حراك الريف، قالت نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، لـ“الدار”، إن المسيرة الشعبية التي نظمت بالدار البيضاء، جاءت من أجل “المطالبة بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي حراك الريف، والإعلان عن المساندة اللامشروطة”.
وأكدت نبيلة منيب، أنها “مؤمنة بعدالة قضيتهم”، وأن “المطالب التي رفعها نشطاء الحسيمة، تعتبر مطالب مشروعة من أجل النهوض بجهتهم وبحقها في التنمية”. وأوضحت منيب في معرض تصريحها لصحيفة “الدار”، أن “حراك الريف السلمي أعطى دروسا للجوار، للمنطقة المغاربية والعربية”، مضيفة “الدولة خاطئة في المقاربة الأمنية، التي لا تخدم سوى مافيات المصالح، والمفسدين الذين يسطون على خيرات البلد، في ظل الإفلات من العقاب”.
“غياب سياسيين حقيقيين أكفاء سبب في الأوضاع التي يعيشها المغرب”، تقول منيب، مضيفة “وغياب الشجاعة”، ومعتبرةً أن “الشجاعة يجب أن تكون قرينة للكفاءة”.
وأكدت رئيسة حزب "الشمعة"، أن الحكومة التي تسير البلاد، “طفولية على الحقل السياسي، وغير كفؤة وانتهازية، أعجبتها الكراسي”.
“المسيرة تلبية لنداء عائلات المعتقلين، للتعبير عن الغضب الشعبي من الأحكام الصادرة في حقهم يوم الـ5 أبريل الحالي”، هكذا تحدث أمين عبد الحميد، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الأسبق، لـ“الدار”، موضحاً أنها “أحكام مبنية على تهم ليست معقلنة ولا علاقة لها بما جرى على أرض الحسيمة من أحداث”.
وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة قضت بالحكم، على كل من ناصر الزفزافي، الذي كان يتزعم الحراك، ونبيل أحمجيق الرجل الثاني في الحراك، وسمير إغيد ووسيم البوستاتي بالسجن مدة 20 سنة نافذة، بعدما أدانتهم بـ“تهمٍ التآمر والمس بأمن الدولة”.
وبالتهم نفسها، حوكم محمد حاكي ومحمد بوهنوش وزكريا أدهشور بالحبس لمدة 15 عاما، بينما قضت محكمة البيضاء على مجموعة ثالثة من سبعة أفراد، بالسجن لمدة 10 أعوام بعدما دانتهم بتهم مماثلة.