أخبار الدارسلايدر

اعتذار قناة الجزائر يُظهر قوة المغرب الدبلوماسية ويفضح نظام العسكر

الدار/ تحليل

الاعتذار الذي قدمته قناة الجزائر الدولية عن نشر خريطة غير معتمدة من الجامعة العربية، اعتذار على الرغم من الخبث الذي ينطوي عليه، إلا أنه يمثل صفعة لإعلام العصابة العسكرية في الجزائر، ولهذا النظام الذي يبحث عن أي وسيلة يسيء من خلالها للمغرب وسيادته ووحدته الترابية. لم يكن نشر هذه الخريطة التي تجتزأ الصحراء المغربية خطأ غير مقصود كما ذكرت القناة الجزائرية الدولية في بيان الاعتذار الذي نشرته، فنحن في المغرب نعرف جيدا أن تطاولا من هذا النوع كان متوقعا جدا خلال أشغال القمة العربية الجارية. هذا التطاول كان مقصودا لكنه في الوقت نفسه يجسد انقلاب السحر على الساحر، ويفضح الغباء السياسي لهذه العصابة، التي تزعم أنها دعت العرب إلى القمة من أجل لمّ الشمل.

هذه الصفعة مؤلمة جدا بالنسبة لنظام شنقريحة الذي أضحى مجبرًا لأول مرة أن ينشر خريطة المغرب كاملة بصحرائه وأقاليمه الجنوبية العزيزة، بما يمثّله ذلك من غيظ وضنك واحتراق لمشاعر قيادات هذا النظام وأزلامه، وبما يجسده أيضا من فضح على رؤوس الأشهاد لمؤامرات العصابة، أولا أمام شعبها وثانيا أمام الأشقاء العرب، الذين تحققوا اليوم مما كان المغرب دائما يشتكي منه، وأدركوا أن الجزائر ونظامها لا يبحثون عن لمّ الشمل العربي بقدر ما يجمعون القادة العرب من أجل زرع المزيد من الشوك والأحقاد والعوائق أمام حلم الوحدة العربية. ولأن هذه القناة الجزائرية الدولية اضطرت للاعتذار رسميا للجامعة العربية عن عدم اعتماد نسختها المسجلة للوطن العربي فإن الدبلوماسية المغربية تكون بذلك قد حقّقت من وراء هذه القمة قبل انطلاقها أهدافا عديدة.

أول هذه الأهداف كما ذكرنا هو فضح هذا النظام المدّعي الذي يحاول منذ شهور طويلة أن يعقد قمة عربية على مزاجه وبناء على أهدافه المعاكسة تماما لوحدة الصف العربي وللمصالح الاستراتيجية للعرب. أهداف بدأت بمحاولات ماراتونية من أجل إعادة النظام السوري للجامعة العربية، على الرغم من المعارضة الشديدة لغالبية الدول العربية، ثم محاولات أخرى أخبث بكثير كانت تهدف إلى دفع القادة العرب بقبول عضوية الجبهة الانفصالية ومشاركتها ولو بصفة ملاحظ في اجتماع القمة، وأخيرا توجه واضح نحو التحالف مع أكبر أعداء الأمة العربية، النظام الإيراني الذي يفعل كل ما في وسعه لتقسيم الدول العربية واحتلالها وتصدير إيديولوجيا ولاية الفقيه إليها.

الهدف الثاني هو تمحيص هذه المكانة التي أصبحت للمغرب بين أشقائه العرب. لقد تبيّن قبيل انطلاق التحضيرات للقمة العربية أن المغرب أصبح رقما صعبا داخل منظومة الدول العربية، عندما حاصر نظام العسكر بمواقف القادة العرب الذين رفض جلّهم دعوة المشاركة في هذا الحدث العربي الذي تستقبله الجزائر. لقد كان شنقريحة وتبون يعوّلان كثيرا على تمثيلية من مستوى عالي يحضرها الملوك والأمراء والرؤساء لضمان نجاح معين لهذه القمة. وكم كانت صدمتها كبيرة عندما أعلن العديد من القادة والزعماء العرب عن اعتذارهم عن المشاركة في هذه القمة، التي ستكون ربّما الأضعف في تاريخ القمم العربية على مستوى تمثيلية الدول الأعضاء في الجامعة العربية. لم تكن هذه الصدمة نابعة فقط من اجتهادات الدبلوماسية المغربية التي وضّحت للأشقاء العرب كثيرا مما كان يخفى عليهم، ولكن أيضا كان ذلك راجعا إلى غباء هذا النظام، الذي اختار أسوأ توقيت لإعلان تعزيز علاقاته مع النظام الإيراني.

الهدف الثالث الذي يتحقق اليوم بعد الاجتماع الأول التحضيري للقمة وفي سياق هذه المحاولة اليائسة للإساءة للمغرب هو اكتشاف الشعب الجزائري حقيقة النظام الذي يقود البلاد نحو الهاوية الاقتصادية والاجتماعية بينما ينشغل وينفق مقدرات الوطن من أجل تقسيم الجيران والنيل من وحدتهم الترابية. لقد وجّه وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة صفعة مباشرة لهذا النظام في قلب العاصمة الجزائرية عندما حذر من الاستفزازات التي يمكن أن تؤدي إلى فشل القمة العربية. في الأعراف الدبلوماسية الدولية عندما يحذر وزير للخارجية في اجتماع من هذا المستوى البلد المحتضن للقمة من إمكانية الفشل وفي تصريحات مباشرة للصحافة فإن ذلك يمثل دليلا قاطعا على ضعف الجهة المنظمة وارتباكها وعدم قدرتها على إنجاح حدث من هذا القبيل، وهو ما يمثّل إحراجا مباشرا لهذا النظام أمام شعبه ومواطنيه.

زر الذهاب إلى الأعلى