الدار/ تحليل
هي أفراح عربية هذه التي تُصنع منذ يوم الأحد تاريخ انطلاق أول كأس عالم تقام على أرض بلد عربي. احتفالية المونديال العالمي الذي أبهر العالم بحفل افتتاح غاية في الرمزية والعمق تواصلت اليوم الثلاثاء بمباراة تاريخية أجراها المنتخب السعودي في مواجهة المنتخب الأرجنتيني واستطاع خلالها تحقيق المستحيل بالفوز بهدفين لصفر. وفي اليوم نفسه يحقق المنتخب التونسي تعادلا ثمينا في مواجهة منتخب مشهود له بالكفاءة والقوة هو المنتخب الدنماركي. وغدا يواجه المنتخب المغربي نظيره الكرواتي في مباراة ستكون قمة في الإثارة وستظهر للجماهير المغربية والعربية عنفوان الكرة المغربية بكامل نجومها وسحرتها.
لن يتأخر المنتخب المغربي غدا عن موعد الانتصارات العربية وسيحرص أشبال وليد الركراكي على الحفاظ على الخط التصاعدي الذي ظهرت به المنتخبات العربية. صحيح أن ما حقّقه المنتخب السعودي من انتصار اليوم بالنتيجة والأداء في مواجهة المنتخب الأرجنتيني المرشح الأول للفوز بكأس العالم كان إنجازا تاريخيا بكل المقاييس، لكن ما يمكن أن يقدّمه المنتخب المغربي في مواجهة صبيحة الأربعاء 23 نونبر 2022 سيمثل لحظة تاريخية للذكرى كتلك التي عاشها المغاربة في مونديال 1986 في مواجهة المنتخب البرتغالي، أو تلك التي عاشوها في مونديال 1998 في مواجهة المنتخب الاسكتلندي. لن يتخلّف أشرف حكيمي ورفاقه عن انتصارات الكرة العربية ومن المتوقع أن يقدّموا مباراة تاريخية ستنضاف لسجل المشاركات العربية المميزة.
هذا التفاؤل ليس مردّه الحماس الناتج عن السعادة الغامرة بانتصار المنتخب السعودي على نظيره الأرجنتيني، وإنما هو ناتج بالأساس عن المعطيات الواقعية التي تؤكد بالملموس أن المنتخب المغربي يمرّ تحت إشراف وليد الركراكي بأفضل حالاته. يتمتع منتخبنا الوطني بوفرة على مستوى الكفاءات الدفاعية المؤهلة، التي تمزج بين خبرة المحترفين وطموح المحليين، كما أن وسط الميدان يضمّ أيضا لاعبين من طينة خاصة يستطيعون صناعة ألعاب مميزة للمهاجمين المتحمّسين للتهديف. تكرار سيناريو مباراة إسبانيا في مونديال روسيا 2018 ليس بالمستحيل بتاتا. ومثلما خضنا هذه المباراة بعطاء كبير وتهديف ودفاع وانسجام هائل فإننا قادرون غدا في مواجهة منتخب كرواتيا، صاحب الخبرة، أن نقدم أداء كرويا متميزا يسجّله التاريخ ويرضي الجماهير المغربية والعربية.
ما قدّمته دولة قطر من إنجاز تنظيمي وما استعرضه المنتخب السعودي أما الأرجنتين من أداء بطولي والنتيجة التي حقّقها المنتخب التونسي أمام الدنمارك كلها تطورات إيجابية جدا ستمنح لعناصر المنتخب المغربي طاقة إضافية على اعتبار أن تمثيلهم في هذا المونديال يتجاوز الدائرة الوطنية إلى الدائرة القومية. فأشبال وليد الركراكي لن يلعبوا مباراة الغد لتمثيل المغرب فقط، وإنما لتمثيل كل العرب، وبالتالي فإن هذا الوعي بهذه المسؤولية التاريخية يمكن أن يمثل حافزا قويا للاعبين من أجل تقديم أفضل ما لديهم. فكما استطاع المنتخب السعودي بالعزيمة والإرادة والتفاني أن يقدم مباراة للتاريخ أمام الأرجنتين بإمكان منتخبنا المغربي الذي يمتلك لاعبين أكثر شهرة وموهبة أن يهزم كرواتيا ويقدم لنا ولكل الجماهير العربية أملا إضافيا في إمكانية تأهل منتخب عربي إلى الدور الثاني.
حينها لن نبالغ إذا وصفنا هذا المونديال فعلا بأنه مونديال عربي بامتياز. عربي تنظيميا وعربي على مستوى المنجزات والنتائج، وعربي أيضا على مستوى الروح الجماهيرية العابرة للأوطان، التي تجعل الجمهور المغربي يتابع بشغف مباراة المنتخب السعودي ويفرح لانتصاره، ويتفرّج على مباراة المنتخب التونسي أمام نظيره الدنماركي ويتحسّر على ضياع فوز كان سهلا. نعتز في المغرب إذن بهذه المشاركة العربية في أرض عربية وبسواعد وكفاءات عربية. ونستطيع أن نؤكد أن منتخبنا يعد الجماهير العربية العريضة بأن رحلة الانتصارات العربية لن تتوقف وأن أسطورة الفرق الكبيرة والفرق الصغيرة ستتهدم على بوابة العزم والعمل الجاد الذي يقدمه وليد الركراكي وأشباله من أسود الأطلس.