أسود الأطلس في مواجهة كرواتيا لإسدال الستار على مونديال مغربي بامتياز
الدار/ افتتاحية
في مواجهة المنتخب الكرواتي يُسدل أسود الأطلس اليوم الستار على حلم عاشته الجماهير المغربية والعربية والإفريقية منذ 20 نونبر الماضي في أول مشاركة يصل فيها المنتخب الوطني إلى نصف نهاية كأس العالم المنظمة بقطر، ويرسمون بذلك آخر مشهد من مشاهد الحضور الأسطوري الذي أبهر العالم وشرّف العرب والأفارقة، وأعاد للمغاربة الثقة في الكفاءات والأطر الوطنية. وعلى الرغم من أن المباراة التي ستجري اليوم على ملعب استاد خليفة الدولي لم تحظ باهتمام جماهيري كسابقاتها إلا أنها تشكل فرصة تاريخية أخرى أمام الأسود من أجل التقدّم أكثر على مستوى الإنجاز وتحصيل الرتبة الثالثة التي ستشكل أحسن إنجاز إفريقي وعربي في تاريخ المشاركات في بطولات كأس العالم.
وتشكل مباراة الترتيب أمام المنتخب الكرواتي مناسبة لأسود الأطلس والمدرّب وليد الركراكي من أجل إثبات وتأكيد جدارة النخبة الوطنية بما بلغته من مستوى عالمي خلال المباريات الستّ السابقة، والتي تمكن فيها المنتخب الوطني من دحر منتخبات كبرى من القارة الأوربية كبلجيكا وإسبانيا والبرتغال، ولعب مباراة بطولية أمام المنتخب الفرنسي حامل اللقب، الذي كان من الممكن أن يلقى المصير نفسه، لولا الفضيحة التحكيمية التي تسبب فيها الحكم المكسيكي سيزار راموس وأدت إلى حرمان المنتخب من ضربتي جزاء واضحتين، والتأثير بشكل مباشر على نتيجة اللقاء.
ويبدو عناصر النخبة الوطنية أكثر تحرّرا من الضغط في هذه المباراة التي ستجري اليوم. ويستفيد أشبال وليد الركراكي من امتياز العامل النفسي والذهني بالنظر إلى أن الإنجاز الذي حققوه يمثل حافزا قويا من أجل الظهور بمزيد من التألق في مواجهة منتخب كرواتي يفتقد للحافز بعد أن كان يمنّي النفس بإحراز الكأس الذهبية وبلوغ المباراة النهائية للمرة الثانية على التوالي. ويبدو أن الأداء الباهت الذي قدمه الكراوتيون أمام المنتخب الأرجنتيني في نصف النهائي يعكس أيضا خسارة وصيف بطل العالم للكثير من مستويات الجاهزية التي أظهرها في الدور الأول والأدوار السابقة، بعد أن أجرى مباريات مطوّلة استنفذ فيها اللاعبون الكثير من الطاقة.
وبالنظر إلى أن المواجهة السابقة التي تقابل فيها المنتخبان في الدور الأول انتهت بالتعادل، تبدو مباراة اليوم أيضا في مستوى واضح من التكافؤ، كما أن المنتخبين المغربي والكرواتي أصبحا خلال هذا المونديال عنوان لتقارب مدرستين كرويتين واقعيتين تعتمدان بالأساس على الانضباط التكتيكي مع القدرة الهائلة على التحوّل الهجومي. ومثلما تمكن المنتخب المغربي من هزم كبار القارة الأوربية بهذا الأسلوب، فقد استطاعت كرواتيا أيضا التأهل إلى نصف النهائي بالأسلوب نفسه، الذي بدا أكثر في مباراتها في ربع النهاية أمام المنتخب البرازيلي الموهوب الذي يستحوذ على الكرة.
وسيقف اليوم الجمهور المغربي والعربي وقفة تقدير واحترام لرفع القبعة لهذا المنتخب الوطني الذي رفع سقف الطموحات القارية إلى أقصى مدى، بشكل سيتعب المنتخبات الإفريقية والعربية في المستقبل، بحيث أنها ستصبح مجبرة على الاجتهاد من أجل بلوغ مرحلة نصف النهائي على الأقل أو تجاوزها في بطولات كأس العالم المقبلة. وبعد هذه المشاركة المميزة التي قدمها أسود الأطلس نتيجة وأداء وانتماء للراية الوطنية سيعيش الجمهور المغربي اليوم مباراة أشبه بمباراة تكريم للاعبين والمدرّب وليد الركراكي الذين يستحقون كل الشكر والامتنان على ما قدّموه لنا طوال خلال منافسات كأس العالم بقطر.
وعلى الرغم من الأهمية القصوى التي يشكلها الفوز في هذه المباراة من أجل إحراز الميدالية النحاسية وراء كل من فرنسا والأرجنتين، إلا أنه ومهما كانت نتيجة المباراة فقد نجح الأسود في سرد حكاية كروية مشوّقة فتحوا من خلالها آفاقا جديدة أمام كرة القدم الوطنية التي ينتظرها مستقبل واعد بعد أن دخلت التاريخ من أوسع أبوابه وبما تمتلكه من رصيد فني وتقني وكفاءات ومواهب متميزة.