أخبار الدار

في المجلس الوطني لـ”البام”.. بنشماش يعدّد مساوئ حزبه ويعترف بفشله

الدار/ عفراء علوي محمدي

قرر حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، خلال كلمته أمام أعضاء حزبه في مجلسه الوطني، اليوم الأحد، بسلا، الحديث "بلغة تؤلم لكن ستساهم، ربما، في مداواة ومعالجة حال الحزب"، الذي أصبح يتخبط في التشنجات والمشاكل، ما أدى إلى  انقسامه لتيارين متعارضين، أحدهما موال للأمين العام، والآخر لنائبه الأول، أحمد اخشيشن، هذا الأخير الذي أصبح يأمل قلب الأمين العام منصب قيادة "الجرار" في أقرب وقت.

في المجلس الوطني الذي انعقدت أطواره في جو محموم تخللته مشادات كلامية حادة بين الأعضاء، حاول بنشماش تهدئة الوضع ورأب التصدعات، من خلال الاعتراف بأن "البام" يعيش نوعا من الأزمة، لكن الحزب من الممكن أن يتجاوزها "بالوعي والإرادة وتحمل المسؤولية"، وأن جميع المشاكل التي يتخبط فيها لا تكاد تكون سوى "مشاكل تنظيمية"، وفق تعبيره.

واعترف بنشماش بأن حزب الأصالة والمعاصرة أبان في الآونة الأخيرة على نوع من التقصير على المستوى التنظيمي، "حيث لا يقيم وزنا للتنظيم إلا انطلاقا من علاقته بالانتخاباات والفوز السريع"، حتى "حول بذلك الحزب الانتخابات إلى الغاية والهدف الأول"، على حد قوله.

ومن مساوئ الحزب التي اعترف بها بنشماش "فتح حزب الأصالة والمعاصرة الباب لكل من هب ودب في عالم كسب الأصوات الانتخابية"، مع الإحجام عن التكوين والتأطير للأجيال الجديدة من الملتحقين بصفوف الحزب، والابتعاد عن مبدأ الحكامة الجيدة في تدبير الأمور الداخلية،  والتخلي عن وعوده والتزاماته على مستوى سياسة القرب.

وتابع بنشماش "لست أفشي سرا إذا قلت بأن الحزب يقف اليوم على عتبة مفترق الطرق، لأنني أتحسس وأرى أمامي طريقين لا ثالث لهما: طريق الانحدار التدريجي وهذا ما لا نرضاه ولا نريده وما سوف نكافح من أجل ألا يحدث، وطريق انبعاث جديد وهذا ممكن وممكن جدا ومطلوب بإلحاح شريطة أن نتحمل مسؤوليتنا أمام الله وأمام الوطن وأمام من وضعوا يوما ثقتهم في هذا المشروع".

ودعا المتحدث نفسه إلى ضرورة الانتباه إلى جسامة التحديات المحدقة بالبلاد، وبالتالي تأسيس مبادرة قادرة على إحياء وتعزيز ثقة المواطن في المؤسسات، واحتواء حالة الإحباط والتشاؤم التي بعرفها الحقل السياسي، من خلال الاشتغال على بلورة ما سماه بـ"فكرة الوطنية الثانية"، التي "ستقوم على المواطنة الدستورية ذات البعد الدامج، بكل أبعاده السياسية والثقافية والاجتماعية والمجالية".
وتقوم الوطنية الثانية، حسب بنشماش، على إرث الوطنية الأولى، المتمثلة في الحركة الوطنية التي لا تحمل فكرة التنوع الثقافي واللغوي للمغاربة، وبالتالي فالوطنية الثانية، بالنسبة إليه "ستراعي آمال المصالحات الثقافية والمجالية ومع آمال التحديث التي حملها"، مشيرا إلى أن فكرة تأسيسها لهذا الشكل مرتبطة بسردية تأسيس حركة لكل الديمقراطييين، ثم تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة بعدها.

ومن هذا المنطلق، أكد بنشماش أن البلاد في حاجة لحزب الأصالة والمعاصرة، بالمواصفات التي أسس لأجلها منذ 10 سنوات، "وباستقبال نطلعات المواطنين والجواب عليها ضمن مخرجات على شكل مبادرات واقتراحات وسياسات ومواقف تعبر عن تلك التطلعات. حينها سيصبح للحزب معنى، حينها سيصبح الحزب أداة ديناميكية متفاعلة، نابضة بالحياة، وأداة للتغيير، لا ملاذا للطموحات الشخصية الغارقة في الانتهازية"، حسب تعبيره.

وعن الأداء الحكومي الذي وصفه بـ"الهزيل" اجتماعيا واقتصاديا، أكد بنشماش، خلال مجلس حزبه الوطني دائما، أن الحكومة أهدرت الكثير من الزمن السياسي "خلال سبع سنوات ونصف عجاف من التدبير"، وعدّد المشاكل التي تتخبط فيها البلاد بسبب سوء التدبير الحكومي في "ما توقعه البنك الدولي الذي كشف بأن معدل النمو لن يتجاوز 3 في المائة في أفق 2021، والمديونية التي أغرقت الحكومة البلاد بها بالانتقال من 331 مليار درهم سنة 2011 إلى ألف و46 مليار درهم مع متم سنة 2019"، وكل ذلك ساهم في "حالة من الانتظارية المخيفة المهيمنة على الطبقة السياسية وعلى المشهد العام برمته"، وفق تعبيره.

من جهة أخرى، انتقد بنشماش "استمر الإسلام السياسي، بجميع تلاوينه وتمظهراته، في التشويش على التطور الطبيعي للبلاد، ورفض الانتقال الديمقراطي القائم على الوعي الحداثي المشبع بالأصالة المغربية"، مبرزا أن هؤلاء "يدعون الطهرانية الأخلاقية لكسب الأصوات، وذلك لا يمكن أن يرقى إلى تصور يجسد مشروعا مجتمعيا ينهض الهمم ويشحذ العزائم ويتجاوز شعور التردد العام وفقدان الثقة في العمل السياسي كأداة للتغيير المجتمعي"، على حد قول الأمين العام لـ"البام". 

ووجد بنشماش الفرصة لانتقاد تصرف بعض الفاعلين الحزبيين الذين يحاولون التقرب من المؤسسة الملكية، بالقول إن جميع الإنجازات ساهم فيها الملك، بدون استثناء، حيث قال: "هناك أحزاب تنقصها الحجة والحضور والامتداد التاريخي، تتخصص في انتظار الإشارات، وفي ضرب مبدأ تحمل الفاعل الحزبي والمؤسساتي للمسؤولية، عن طريق الادعاء بأن كل ما يتم إنجازه في المغرب يعود حصرا إلى المؤسسة الملكية، هؤلاء لا يعطون معنى للمحاسبة، بقدر ما تعنيهم استراتيجية القرب المريح الذي يهم مصالحهم الضيقة قبل مصالح المواطنين".

وفي ختام كلمته، أكد بالنشماش أن الأصح في هذه المرحلة ألا يلقي الحزب باللائمة على الآخرين، وأن يراجع أوراقه، بل "يجب أن يقر بالمسؤولية كذلك في تنفير المواطنين بوعي أو بدون وعي من الثقة في العمل السياسي" حسب تعبيره، مؤكدا أن مؤتمر الحزب القادم "سيكون مناسبة لتشخيص أعطاب الحزب وأمراضه ومعالجتها في مختلف الميادين، لا ساحة لاحتفالية تواصلية زائفة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 + 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى