أخبار الدارسلايدر

صفعة إسبانية للكابرانات.. لا يمكن الاستغناء عن المغرب من أجل براميل غاز

الدار/ افتتاحية

كيف ينظر الكابرانات اليوم إلى هذا الاحتفاء التاريخي الذي تعرفه العلاقات المغربية الإسبانية؟ بيدرو سانشيز الذي كان جنرالات المرادية يروجون إلى أنه سيرضخ لإملاءاتهم وسيركع أمام إغراءات وضغوطات التزويد الغازي، يعود إلى المغرب ملتزما بما تم الاتفاق عليه سابقا مع جلالة الملك محمد السادس ليدشن زيارة تاريخية جديدة ستمثل خطوة عملية في طريق تنزيل كل قواعد التعامل الجديدة التي تم إقرارها منذ الرسالة التي بعث بها رئيس الحكومة الإسبانية في أبريل الماضي وأعقبتها قمة مع العاهل الملكي. سيتابع الكابرانات ما يجري هذين اليومين بين المغرب وإسبانيا بمزيد من الأسى والحسرة، وهم الذين كانوا يمنّون النفس بأن تقطع إسبانيا علاقاتها مع المغرب وتسير في اتجاه الدفاع عن الطروحات الانفصالية.

هذا عهد قد ولّى، وعلى الكابرانات أن يستعدّوا لمفاجآت أكثر إيلاما في المستقبل القريب. إسبانيا أخذت الغاز الجزائري وعصابة العسكر ملزمة بتوصيل الإمدادات المتفق عليها بين البلدين ولو على حسابها الخاص بعد أن فضّلت تعطيل أنبوب غاز المغرب العربي العابر لبلادنا. ولا يستطيع النظام الجزائري بحكم الاتفاقات الملزمة أن يتوقف عن ضخ ما تنص عليه عقود التجارة الدولية بين البلدين. أما أسطورة توقيف التعامل التجاري مع إسبانيا فقد تبيّن بسرعة أنها مجرد زوبعة في فنجان. مدريد تجمعها بالمغرب علاقات تجارية واسعة وممتدة، وهي موقنة بأن ولوج الأسواق الإفريقية لا يمكن أن يتأتى لها بسلاسة إلا عبر تعزيز الشراكات الاقتصادية والتجارية مع المملكة الشريفة. فليس لدى الكابرانات ما يقدمونه في هذا المجال.

عليهم اليوم أن يحصوا عدد الاتفاقيات الثنائية التي تم التوقيع عليها بين بيدرو سانشيز ونظيره المغربي عزيز أخنوش. 19 اتفاقية تشمل شتى المجالات من الضمان الاجتماعي والماء والنقل مرورا بقطاعات البيئة والسكان والطاقة والتنمية المستدامة والزراعة وصولا إلى ميادين الرياضة والتربية والتعليم والتكوين المهني والمقاولات الصغرى والمجال العلمي والثقافي والتشغيل والصحة والسياحة. تعاون واسع شامل وواعد سيزيد من توطيد وتثبيت العلاقات المغربية الإسبانية التي لا محيد عن تطويرها بالنسبة للبلدين، على الرغم من كل المكائد والوشايات التي حاول الكابرانات من خلالها توتير الأجواء بين الرباط ومدريد.

لا يمكن لرئيس الحكومة الإسبانية أن يوقع كل هذه الاتفاقيات دون أن يكون واعيا كل الوعي بأن مستقبل إسبانيا في إفريقيا وفي المغرب العربي يمرّ أولا وقبل كل شيء عبر علاقات متميزة مع المغرب. الوفد الإسباني الذي رافق بيدرو سانشيز لم يتنقل إلى الرباط بهذا الحجم الرسمي الهائل إلا لأن مدريد تريد أن تؤكد للمغرب فعلا التزامها النهائي والتام بما تم الاتفاق عليه في السابق. لا إجراءات أحادية الجانب، ولا قرارات دون استشارات متبادلة بين البلدين، والأهم من هذا وذاك، القطع مع كل المبادرات أو القرارات أو التصريحات التي يمكن أن تسيء لأحد البلدين أو لوحدته الترابية وسلامة أراضيه.

عودة إسبانيا إلى رشدها وإلى الاقتناع والإيمان بأهمية تمتين العلاقات مع المغرب وتطويرها سيمثل رصاصة رحمة موجهة إلى عصابة الكابرانات، الذين عليهم اليوم أن يحصوا خسائرهم الهائلة التي كانوا يظنون أنها ستفضي على الأقل إلى انقلاب في الموقف الإسباني وضغط على المغرب وعلى سيادته واستقراره. اليوم تتضاعف فاتورة الالتزام بتوصيل إمدادات الغاز نحو إسبانيا، وفي الوقت نفسه لا يستطيع الكابرانات بحكم التزاماتهم التجارية الدولية أن يوقفوا هذه الإمدادات وإلا فإن السلطات الجزائرية ستصبح تحت طائلة العقوبات الأوربية أو الدولية.

“لا تيتي لا حبّ الملوك”، هذا هو حال الكابرانات اليوم. فلا هم وفّروا تكلفة التصدير الكبيرة للغاز الجزائري إلى إسبانيا بالاستمرار في الاعتماد على أنبوب المغرب العربي، ولا هم استطاعوا استمالة الحكومة الإسبانية إلى صفهم وإلى تأييد مواقفهم العدائية تجاه المغرب وتجاه وحدته الترابية واستقراره. وليس من المستغرب أن يتلقّى الكابرانات هذه المهانة بالنظر إلى الغباء السياسي المزمن الذي يعانون منه. كان بإمكانهم دونما حاجة إلى شرح أو توضيح أن يفهموا أنه من المستحيل أن تغامر إسبانيا بعلاقاتها مع المغرب لأنها تعلم جيدا أن زعزعة استقراره أو دفعه نحو نزاع مسلح أو حرب سينعكس بالدرجة الأولى على استقرار إسبانيا وأمنها وسلامتها أيضا.

ولكنّ غباء الكابرانات صوّر لهم في لحظات تاريخية معينة أن إسبانيا من الممكن أن تذهب بعيدا في دعم أطروحاتهم العدائية المفضية إلى الحرب أو النزاع المسلّح، ونسوا أن هذا المنطق التخريبي والعدواني هو علامة تجارية جزائرية بالأساس. لا يوجد بلد أو حكومة عاقلة في الدنيا يمكن أن تستفز جيرانها وتدعم عوامل النزاع والشقاق داخلها لأن ذلك سيعني بالدرجة الأولى تهديدا لأمنها أيضا واستقرارها. لقد عادت إسبانيا من جديد إلى دائرة المنطق والعقلانية وها هي ذي زيارة بيدرو سانشيز تتوج المسار الجديد الذي دخلته علاقات المغرب وإسبانيا، وتقدّم ضمنيا درسا بليغا للكابرانات مفاده أن المغرب دولة قوية لا يمكن الاستغناء عنها من أجل برميل غاز.

زر الذهاب إلى الأعلى