أخبار الدار

غالي في حوار مع “الدار”: نعيش ردة حقوقية مع حكومة العثماني والإفطار في رمضان حق مشروع

الدار/ حاورته: عفراء علوي محمدي – تصوير: ياسين جابر  

أكد عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن الوضع الحقوقي في المغرب "متأزم ويزداد تأزما يوما بعد يوم في ظل حكومة سعد الدين العثماني"، مشيرا إلى أن الحكومة لم تحقق أي مكسب حقوقي منذ تشكيلها، "بل على العكس تماما، نرى اليوم ما يعانيه طلبة الطب المقبلون على سنة بيضاء، وهذه سابقة، بالإضافة لأزمة الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وما تتعرض له الجمعيات الحقوقية والنقابات من تضييق"، على حق قوله

وأضاف غالي، في حوار مع موقع "الدار"، أن صدر الدولة لم يعد ضيقا في وجه العمل الحقوقي فحسب، "بل أغلق تماما، وبالتالي يمكننا القول بأننا الآن نعيش ردة حقوقية حقيقية". يسجل غالي.

وكشف المسؤول الجمعوي أن الـAMDH، خلال شهر يوليوز المقبل، ستحتفل بالذكرى الـ40 لتأسيسها، مضيفا أنها "فرصة الجمعية من أجل تنظيم محاكمة رمزية للدولة، لمساءلتها حول الإنجازات الحقوقية التي قامت بها منذ أن صادق المغرب على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الخاص بالخقوق المدنية والسياسية سنة 1979".

وعن الاتهامات التي واجهها غالي بمجرد انتخابه على رأس الجمعية، وعلى رأسها كونه صيدلي شبح، أكد غالي أنه يمتلك صيدلية خاصة، ويشتغل معه فيها صيدلي مساعد، يتكلف بالتسيير العام للصيدلية، قبل أن يضيف، معلقا على من استغرب تواجد رئاسة صيدلي لجمعية حقوقية: "ما الغريب في الأمر؟ ربما الصيدلي أكثر إحساسا بحقوق الإنسان، فعندما تأتي امرأة مع طفلها الصغير إلى الصيدلية لدواء ما، وهي لا تملك ثمن الدواء، أظن أنها معاناة لا يحس بها إلا الصيدلي أكثر من أي شخص في أي قطاع آخر".

وفي تعليقه على حملة "ماصايمينش" للإفطار العلني في رمضان، أكد غالي أن "هذا النوع من الحركات هو من تجليات المجتمع"، مشيرا إلى أن الجمعية تطالب دائما بإلغاء الفصل 222 الذي يجرم الإفطار، وبسبب هذا الإجرام لا يمكن للشارع إلا أن يثور يوما، وهذا ما سيكون.

وأضاف "نحن نتضامن مع كل من يطالب بحق من الحقوق مادام لا يمس الآخر، والحق في الإفطار مشروع، لكننا في المغرب نقدس رمضان أكثر من الشعائر الأخرى، و نتعامل بقسوة مع الذي يفطر ولا نتحدث عن الذي لا يصلي ولا يدفع الزكاة، إذن تقديس هذا الشهر وراءه ما وراءه، وبالتالي يمكننا أن نقول أننا لسنا مسلمين بقدر ما نحن رمضانيون".

من جهة أخرى، تحدث غالي عن تطبيق جديد وضعته الجمعية الذي "تستطيع من خلاله الجمعية التواصل مع المواطنين في مجالين أو فضاءين، الفضاء الأول يستطيع فيه المواطن تتبع عمل الجمعية وأنشطتها، والفضاء الثاني يمكن المواطن من إبلاغ الجمعية بوجود خرق حقوقي من خلال الفيديو أو الصورة أو الكتابة، لنقوم بمتابعته ووضع حد له"، حسب قوله.

وفي ما يلي نص الحوار الكامل:

–  كيف مرت أجواء المؤتمر الثاني عشر للجمعية وما هي أبرز خلاصاته؟

اتسم التحضير للمؤتمر الـ12 للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أولا باستمرار "تضييق العمل علينا، إذ لم نتوصل بترخيص عقد المؤتمر إلا قبل 48 ساعة لعقده، وهذا شكل عائقا كبيرا لاشتغالنا، لكن بمجرد توصلنا بالترخيص، ابتدأ المؤتمر بالندوة الفكرية الصباحية، التي اتسمت بحضور عائلات معتقلي احتجاجات الحسيمة، وتلك كانت إشارة قوية على أن الجمعية ستستمر في الدفاع عن هذا الملف بشكل فعلي".

من جهة أخرى، تميزت المداخلات بالتطرق للرهانات المطروحة، لا على الجمعية ولا على الإطارات الحقوقية بشكل عام، لنمر إلى انطلاق أشغال حفل الافتتاح، الذي قدم فيه الضيوف انتظاراتهم حول المؤتمر الوطني وخارطة طريق عمل الجمعية خاصة، والعمل الحقوقي بشكل عام، كما تميز المؤتمر أيضا بتكريم عائلات المعتقلين السياسيين، إذ عبرت من خلالها الجمعية عن دعمها للأمهات، والاعتراف بالدور الذي يقمن به.

هذا ومرت أشغال المؤتمر بشكل سلس، يغلب عليه طابع النقاش الديمقراطي الذي أعطى مجموعة من الخلاصات، المتعلقة بالعمل الوحدوي والتركيز على ميثاق الجمعية، وكذلك على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي لم نكن نتعامل معها بشكل قوي في السابق، والآن من الواجب على الجمعية الاهتمام بهذه الحقوق.

– تتحدثون كثيرا عن التضييق على الجمعية، ما سببه في نظركم؟ وكيف تواجهونه؟

أسباب التضييق تتمثل في أن الدولة لم تعد تقبل صوتا حرا ومستقلا يعبر عن رغبته في إعمال حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، في كونيتها وشموليتها، ولأن صدر الدولة ضاف بعمل الجمعية، لذلك، فعوض أن تعمل على ضمان الحقوق وتكريسها، تتجه إلى نهج سياسة التضييق، والنتيجة تكمن في حرمان الجمعية من القاعات العمومية والخاصة منذ سنة 2014، ونحن نواجه هذا التضييق الممنهج بكصير من الصمود، والمزيد من الوحدة والعمل، ولا خيار لنا غير ذالك.

– ميزة جمعيتكم أنها معارضة، هل ستبقى هذه الصفة لصيقة بها؟ أم أن لديكم نية لتغيير الوضع بصفتكم رئيسا جديدا؟

نحن لسنا جمعية معارضة، فنحن لا نعارض من أجل المعارضة، الميزان الذي نقيس به الإنجازات أو ما تقوم به الدولة يرتكز على مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، فما يمكن أن تعتبره الدولة إنجازا كبيرا، حينما نقيسه بميزان المعاهدات الدولية، نجد أنه ليس إنجازا، وبذلك نظهر مواقفنا وقراراتنا على أنها تخالف بعض الإطارات أو تخالف ما تقوم به الدولة.

أما في ما يخص الاستمرار على خطى الجمعية، لا أظن أن رئيسا جديدا لجمعية سيغير شيئا ما في عملها الأصلي، لأن الجمعية منذ سنة 1979 إلى الآن تملك منهاج عمل محدد تطور على مر 40 سنة، وستستمر عليه، وفي شهر يوليوز المقبل، ستحتفل الجمعية بالذكرى الـ40 لتأسيسها، ونتمنى أن توفر لنا الدولة القاعة للقيام به، وسنقوم من خلال هذا النشاط تقييم عمل الدولة الحقوقي منذ تأسيس الجمعية، وتحديدا منذ أن صادق المغرب على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية سنة 1979.

– تعرف جمعيتكم تقلصا في عدد أعضائها، ألا تفكرون في ضخ دماء جديدة وتجديد هياكل الجمعية التقريرية؟

تجديد الأعضاء يتم عبر أنشطتها، فنحن منذ سنة 2014 ممنوعون من القاعات العمومية والقاعات الخاصة، كما يتم التضييق على فروعنا، إذن من أين سيأتي هؤلاء المناضلون؟ تمتد الجمعية في واقع الحال حينما يكون لها برنامج اشتغال، فمثلا، عندما كنا ننظم برنامج "مشتل" المتعلق بالتربية على حقوق الإنسان أو الأطفال، كنا نستطيع تجميع ما يزيد عن 34 ألف طفل، لما كنا ننظم برنامج "الأمل" المخصص لحقوق الإنسان بالنسبة للشباب، وكنا نستقطب أزيد من 10 آلاف شاب، والتضييق على الجمعية الآن هو الذي أدى إلى هذا تقلصها، بالرغم من أنها لا تزال أكبر جمعية حقوقية في إفريقيا، وفي  منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

– هناك من يلاحظ سيطرة حزب النهج الديمقراطي على جل هياكل الجمعية، وتغييب التنظيمات السياسية الأخرى عن واجهتها، ما ردكم على ذلك؟

من يقول هذا الكلام لا يعرف الجمعية، لجنتنا الإدارية لا يهيمن عليها تيار معين، فالنهج لا يمثل سوى 50 في المائة فوسط 95 عضو داخل اللجنة الإدارية، إذن أين هي هذه الهيمنة، ولذلك فالدولة تسوق هذه الإشاعات وهذه الأخبار فقط من أجل التضييق على الجمعية، والقول بأن هناك تيارا مسيطرا على الجمعية حتى ينفر الناس منها، وحتى لا يلتحق بها أحد، ونحن ننفي ذلك، فليس هناك تيار مهيمن على أجهزة الجمعية، لا على مستوى المكتب المركزي، ولا على مستوى اللجنة الإدارية، بل هناك تمثيلية للجميع.

– إذن فما هي التنظيمات السياسية الأخرى التي تتألف منها الجمعية؟

النهج الديمقراطي، ثم اليسار الاشتراكي الموحد، فضلا عن مناضلي حزب الطليعة، وحزب المؤتمر الاتحادي، ومناضلون آخرون مستقلون، كما أن هناك بعض التركيبات السياسية الصغيرة الحاضرة بالجمعية، ولكن أهم شيء أننا عندما نشتغل في الجمعية نشتغل كمناضلين حقوقيين، ولا نشتغل بـ"كاسكيط سياسي"، ولا يمكن لنا كذلك أن نطلب من مناضلي الجمعية التخلي عن القبعة السياسية فقط لأنهم في الجمعية، الفرق الوحيد الذي لدينا أننا لا نستطيع التمييز بين المواقف الحقوقية والمواقف السياسية.

– بغض النظر عن التضييق الذي تحدثتم عنه، ما هي قراءتكم للوضع الحقوقي إجمالا في ظل الحكومة الحالية؟

متأزم ويزداد تأزما يوما بعد يوم، ويمكن أن نقول أننا نعيش ردة حقوقية وأن صدر الدولة، لم يعد ضيقا، بل أغلق بشكل كامل أمام العمل الحقوقي.

– ألا تجدون أن حكومة سعد الدين العثماني قد حققت، على الرغم من ذلك، بعض المكتسبات الحقوقية منذ تشكيلها؟

أين هي هذه المكتسبات، لو كانت لتبنيتها، نرى الآن ما يعانيه طلبة الطب وهم الآن مقبلون على سنة بيضاء داخل كلية الطب، وهذه سابقة، كذلك يتلقى الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد من القمع الكثير، قس على ذلك ما تتعرض إليه النقابات من تضييق، وما تتعرض له الأحزاب السياسية كذلك، أنا شخصيا لا أرى أي إنجاز حققته حكومة العثماني على المستوى الحقوقي.

– عكس البدايات الحقوقية مع الجمعية والمنظمة والعصبة، نلاحظ في السنين الأخيرة إنشاء جمعيات غير منظمة، هل هذا صحي أم أنه تمييع للمشهد الحقوقي؟

كما استطاعت الدولة تمييع العديد من الإطارات، يدخل هذا أيضا في هذا الإطار، لكن بالنسبة إلينا نحن داخل الجمعية نشجع على بروز مثل هذه التنظيمات، وندعو الجميع للعمل في إطار وحدوي، على أساس واضح، للدفاع عن حقوق الإنسان، وأظن أن العمل الحقوقي يعطي الفرصة للعديد من الجمعييات للاشتغال، ونحن داخل الجمعية لا نهتم كثيرا بما يقال حول الإطارات الأخرى التي تشتغل في الساحة الحقوقية، لأننا نعتبر أن هذا المجال مفتوح للجميع، ولا يصح إلى الصحيح.

– من ضمن هذه الجمعيات الناشئة "حركة ماصايمينش" التي تتأهب لتنظيم إفطار علني في رمضان الأحد المقبل، ما تعليقكم على هذه التظاهرة؟

بروز هذه الحركات تجل من تجليات المجتمع، فطبيعة الحال حينما نطالب بإلغاء الفصل 222 الذي يجرم الإفطار، ردود فعل الشارع لا يمكن أن تكون إلا هكذا، هناك تجمعات تظهر من أجل الدفاع عن حقها، وإفطار رمضان يدخل في إطار حرية المعتقد، فإذا كانت دولة متشددة كالسعودية ترخص الإفطار العلني في رمضان، فما بالك بدولة تتحدث عن حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دولها، ونحن كجمعية حقوقية نتضامن مع كل من يطالب بحق من الحقوق مادام لا يمس الآخر، كما أننا في المغرب نقدس رمضان أكثر من الشعائر الأخرى، وفي الوقت الذي نتعامل بقسوة مع من يفطر ولا نكترث لشخص لا يصلي ولا يدفع الزكاة، إذن قتقديس هذا الشهر وراءه ما وراءه، كما يمكننا القول أننا في المغرب لسنا مسلمين بقدر ما نحن رمضانيون.

– لكن ثبت أن بلاغ وزارة الداخلية السعودي الذي يبيح الإفطار في رمضان مفبرك..

أنا أقرؤه بشكل آخر، يبدو أنه وضع على سبيل التجريب.

– مباشرة بعد انتخابكم، انتشرت معلومات حول صفتكم المهنية كصيدلي شبح، ما ردكم على هذا الاتهامات؟

أنا صيدلي صحيح، وأمتلك صيدلية خاصة، ولدي صيدلي مساعد، ولذلك لست مضطرا لأن أكون في الصيدلية، لأن القانون يعطي للصيدلي الحق في أن يشغل معه صيدليا آخر، والصيدلي المساعد الذي يشتغل عندي يحمل الدكتوراه في الصيدلة، وهو المكلف بالتسيير العام للصيدلية، لذلك يمكن القول أنني فعلا صيدلي شبح، أو بالأحرى "باطرون" شبح.

– وماذا حول من يستغرب وجود صيدلي على رأس جمعية تدافع عن حقوق الإنسان؟

ما الغريب في الأمر؟ فربما الصيدلي أكثر إحساسا بحقوق الإنسان، فعندما تأتي امرأة وطفلها الصغير لشراء دواء لا تملك ثمنه، أو يأتي مواطن فقير بورقة طبية تحمل 150 درهم من الدواء، وهو لا يتوفر سوى على  20 درهما، يمكن الإحساس عندها بمعاناة هذه الفئة، وأظن أن الصيدلي هو الوحيد القادر على فهم مثل هذه الحالات.

– هل لكم أن تقربونا أكثر من تطبيق الجمعية للتبليغ عن حالات انتهاك حقوق الإنسان؟

التطبيق هو أحد الأجوبة على تضييق الدولة على الجمعية، فبسببه كان من المفروض أن تجد الجمعية سبلا أخرى للتواصل مع المواطنين، لتتوصل إلى إنشاء تطبيق "AMDH" الذي يمكن تحميله بسهولة على الأجهزة الذكية، ويمكن الإشارة أننا أول جمعية في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط التي تتوفر على تطبيق مماثل، تستطيع من خلاله الجمعية التواصل مع المواطنين في مجالين أو فضاءين، الفضاء الأول يستطيع فيه المواطن تتبع عمل الجمعية وأنشطتها، والفضاء الثاني يمكن المواطن من إبلاغ الجمعية بوجود خرق حقوقي من خلال الفيديو أو الصورة أو الكتابة، لنقوم بمتابعته ووضع حد له.

كذلك هناك تطبيق منصة إلكترونية أخرى وضعتها الجمعية تم إطلاقها، تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في المجال الرقمي، فأي شخص تعرض للتضييق على المستوى الرقمي يمكن أن يبلغ الجمعية بنفس الطريقة، ويمكنه أن يرسل البيانات، ونحن بدورنا سنصدر تقريرا سنويا حول مرتبطا بالانتهاكات الحقوقية على مستوى المجال الرقمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى