الدار : منارالطوسي
تحرص ساكنة بني ملال كلما حل شهر رمضان على تكريس وترسيخ عادات وتقاليد توارثها الإباء عن الأجداد التي تبرز التشبث بالأصالة والهوية المغربية احتفاء بالشهر الكريم.
ويشكل رمضان لدى الأسر الملالية، مناسبة دينية تكتسي دلالات تقتدي بالسنة النبوية الشريفة للتقرب إلى الله، باستمرارية الاحتفال بطقوس وعادات تعكس الخصوصية الثقافية المحلية التي تزخر بها المنطقة.
وتتجلى هذه العادات المتوارثة في اهتمام ساكنة المنطقة بتنظيف وتزيين المساجد وتهيئتها من أجل توفير الظروف الملائمة للمصلين الذي يحرصون طيلة هذا الشهر على أداء صلواتهم بالمساجد وخاصة صلاة التراويح مما يجعلها سمة بارزة في هذا الشهر، وتخصيص إفطار خاص ومتميز للأطفال الذين يصومون رمضان لأول مرة، إلى جانب زيارة الأهل والأحباب.
وتشهد مساجد المدينة إقبالا مكتفا للمصلين بغية في أداء شعائرهم الدينية طالبين للأجر والمغفرة والثواب، وكذا حضورهم لدروس الوعظ والإرشاد والمحاضرات والندوات الدينية التي تلقى بالمساجد والأماكن المخصصة للممارسة الشعائر الدينية.
ويجسد الملاليون كذلك، مظاهر التشبث بالأصالة المغربية المتمثلة في اللباس التقليدي الأصيل اذ يكثر عليه الإقبال خلال هذا الشهر، حيث يرتدي الرجال، الشباب، والأطفال اللباس التقليدي من جلباب، جابدور، دراعية، وبلغة، فيما تقبل النساء والفتيات على ارتداء القفطان المغربي، الجلابيب، والبلغة (الشربيل).
وتزين العائلات الملالية مائدة الإفطار الرمضانية، بأطباق محلية متنوعة كالفطير المشهور محليا (بالشيار) الممزوج بالعسل والزبدة، والفطائر بمختلف أصنافها مثل ” البغرير” و”المسمن”, وأصناف الحلويات (الشباكية والمخرقة) إضافة إلى مختلف أنواع التمور والتين التي تقدم إلى جانب شربة (الحريرة) باعتباره الطبق الرئيسي ضمن مكونات مائدة الإفطار في شهر رمضان.
ويعد طبق (سلو) أيضا من الأطباق الأساسية التي تؤثث مائدة الإفطار في رمضان، إلى جانب الأسماك، العصائر، البقوليات، البيض، الأجبان، الحليب، ومثلثات اللوز، كما نجد الشاي وبعض الحلويات التي تقدم بعد صلاة التراويح.
ودأبت أسر مدينة بني ملال على إحياء العادات والطقوس الغذائية المرتبطة باحتفالات ليلة القدر، حيث تسهر على إعداد طبق الكسكس كوجبة تقدم للمصلين المرابطين في المساجد.
وتبقى هذه التقاليد، على الرغم من التطور الهائل الذي يعرفه نمط العيش، جزء من تاريخ الشعب المغربي الضارب في عمق الحضارة العربية والإسلامية، والتي تستدعي مزيدا من الاهتمام من قبل الباحثين والمهتمين من أجل توثيق التراث المحلي كواجب ثقافي وطني وإنساني، وتشجيع البحث السوسيولوجي والفني والأدبي والتاريخي والأنثروبولوجي المحلي.