أخبار الدار

تحليل إخباري: هل تؤثر أحزاب “الشعب” الأوروبية على علاقات المغرب- الاتحاد؟

الدار/ رشيد عفيف

أظهرت النتائج الرسمية الأولية لانتخابات البرلمان الأوروبي أن الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة والمشككة في الوحدة الأوروبية حققت مكاسب قوية على حساب الوسط واليسار، في وقت كانت التداعيات فورية لبعض الدول التي تمت فيها الدعوة إلى انتخابات جديدة. وجرى الاقتراع في كل دول الاتحاد الأوروبي الـ 28 على مدى أربعة أيام بداية من الخميس وحتى الأحد، وكان يحق لنحو 436 مليونا التصويت لاختيار 751 نائبا بالبرلمان الأوروبي، وقد فاقت نسبة المشاركة 50%، وهي الأعلى في عشرين عاما.

ورغم أن النتائج ضمنت ليمين الوسط والاشتراكيين الاستمرار على رأس قائمة التيارات السياسية في البرلمان الأوربي إلا أن الاختراق الذي حققه اليمين المتطرف وأنصار الانسحاب من الاتحاد الأوربي خصوصا في بريطانيا وفرنسا وإيطاليا يعتبر مصدر قلق لبلدان الجوار وعلى رأسها المغرب الذي يعد من بين أهم شركاء الاتحاد في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. وتصدر اليمين المتطرف ممثلا في التجمع الوطني بفرنسا وحزب الرابطة بإيطاليا، في وقت تصدر دعاة الخروج من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، والقوميون المناهضون للهجرة في المجر بزعامة رئيس الوزراء فيكتور أوربان، وأحرز المدافعون عن البيئة مكاسب مهمة بعدة دول بينها فرنسا.

وعلى الرغم من أن النتائج المعلنة قد تساعد في تشكيل مفوضية أوربية من أغلب التيارات اليسارية والليبرالية المتحالفة حاليا والتي كانت تحتفظ بعلاقات جيدة وطبيعية مع المغرب، إلا أن وجود المزيد من البرلمانيين الأوربيين الشعبويين واليمينيين قد يطرح بعض المفاجآت بالنسبة للمصالح المغربية مع الاتحاد الأوربي. وتعتبر ملفات الهجرة والصيد البحري والصحراء المغربية أكثر الملفات حساسية في علاقات الطرفين. في فبراير الماضي صوت البرلمان الأوروبي بغالبية نوابه على اتفاق جديد حول الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. وجاء هذا التصويت بعد رفض محكمة العدل الأوروبية الاتفاق السابق. وكان للبرلمانيين الاشتراكيين والليبراليين الدور الأهم في المصادقة على هذا الاتفاق دون مسايرة الأطروحات الانفصالية.

لكن تشكيل اليمينيين والشعبويين المحتمل لجبهة معارضة واسعة داخل البرلمان الأوربي أمر متوقع وقد يمثل عامل تشويش في علاقات الاتحاد الأوربي، خصوصا بدول شمال إفريقيا. وتدافع هذه الأحزاب عن فكرة إنهاء الهجرة وضرورة احتواء الجاليات الأجنبية وخصوصا المسلمة وكذا طرد كافة المهاجرين غير الشرعيين من أراضي الاتحاد. ويعيش في دول الاتحاد الأوربي أكثر من ثلاثة ملايين مهاجر مغربي. ويتصدر المهاجرون المغاربة قائمة الجاليات الأجنبية في إسبانيا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا بينما يحتلون المرتبة الثانية في فرنسا بعد الجالية الجزائرية. وتمثل الجالية المغربية قوة اقتصادية مؤثرة إذ تعتبر تحويلاتها المالية من بين المصادر الثلاثة الأكثر أهمية للعملة الصعبة.

ووقع الاتحاد الأوروبي مع المغرب اتفاق شراكة في عام 1996، دخل حيّز التنفيذ في عام 2000. وحصل المغرب على مكانة "الشريك المميز" في أكتوبر 2008، في ظل الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي. ويعتبر الاتحاد الأوربي أن الهدف من تمكين المغرب من هذه المكانة هو تعميق العلاقات السياسية، والاندماج في السوق الداخلية عبر تقريب التنظيمات التشريعية، وتعزيز التعاون القطاعي والجانب الإنساني للشراكة. ويتصدر المغرب قائمة البلدان المستفيدة من سياسة الجوار الأوروبية والمساعدة المالية التي تصل إلى حوالي 200 مليون يورو سنويا.

وبالإضافة إلى المصالح الاقتصادية تجمع المغرب والاتحاد الأوربي الكثير من التحديات المشتركة يأتي على رأسها تحديات تدبير  موجات الهجرة التي تعرفها المنطقة خصوصا منذ 2011 عقب انهيار بعض الأنظمة العربية تحت ضغط الربيع العربي. كما يواجه الطرفان أيضا تحديات أمنية بسبب التهديدات الإرهابية المتنامية في المنطقة. ويمثل التعاون المغربي الإسباني خلال العامين الماضيين نواة مهمة بالنسبة للاتحاد الأوربي من أجل الحفاظ على تميز العلاقات مع المغرب. إذ نجح الطرفان في الحد بشكل كبير من تدفق قوارب الهجرة السرية على السواحل الأوربية وهو ما دفع مدريد قبل أيام إلى مطالبة الاتحاد الأوربي بتخصيص دعم مالي قار للمغرب للمساعدة على تحقيق أهداف التعاون في محاربة ظاهرة الهجرة السرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى