التعديلات الحكومية في الجزائر .. في ضل عدم الاستقرار صراعات الاستحقاق الرئاسي مستمرة
أحمد البوحساني
بعدما أنهى الرئيس الجزائري مهام الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن في قرار مفاجئ، وعيّن بدلاً عنه في ذات المنصب مدير ديوان لدى الرئاسة نذير العرباوي، قرر تبون قرر عبد المجيد تبون إقالة وزير الزراعة والتنمية الريفية ووزير النقل، بعد نحو أسبوعين فقط من تعيين رئيس الوزراء الجديد.
وحسب بلاغ صادر عن الرئاسة الجزائرية نشرته وكالة الأنباء الرسمية فقد قرّر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إنهاء مهام وزير الفلاحة والتنمية الريفية محمد عبد الحفيظ هني .
وأضاف نفس البلاغ انه و بعد استشارة الوزير الأول نذير العرباوي، عيّن الرئيس، يوسف شُرفة وزيرا للفلاحة والتنمية الريفية، كما عيّن محمد لحبيب زهانة وزيرا للنقل.
وبهذا التعديل ، يكون الرئيس الجزائري قد ادخل سابع تعديل وزاري على الحكومة، منذ يونيو 2021، و الأول منذ تعيين رئيس الحكومة الجديد نذير العرباوي قبل أقل من أسبوعين ، مما يؤكد إستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي الجزائري، خصوصاً انه كان من المنتظر تعيين حكومة جديدة وفقاً للأعراف المعمول بها بعد إقالة رئيس الحكومة السابق ، لكن تبون اكتفى بهذا التعديل الحكومي الذي مس وزارتين فقط ، في وقت يتوقع فيه المراقبون أن تستمر سلسلة التعديلات الحكومية خلال الفترة القصيرة المقبلة .
هذا التخبط الواضح ، وكثرة التعديلات يؤكد حالة الإرباك السياسي الذي يعيشه النظام الجزائري قبل شهور من موعد الانتخابات الرئاسيه رئاسية المصيرية التي يسعى من خلالها الرئيس الجزائري الحالي لولاية رئاسية جديدة ، وهو ما جعله يحاول من خلال حركة التغييرات في الحكومة كسب ثقة الشارع التي اهتزت بسبب عدم وفائه بالوعود الانتخابية للعام 2019.
وما يؤكد هذا الاحتمال ، أنه قبل إقالة رئيس الحكومة السابق أيمن بن عبدالرحمن، لم تظهر أي علامات على إهماله للمهام أو استياء منه من قبل الرئيس. بل كان قرار إقالته مفاجئ لأفراد الحكومة والشعب الجزائري.
هذه التغييرات تثير تساؤلات حول نطاقها وتأثيرها على الاستقرار السياسي في الجزائر. هل لها صلة بالتنافس داخلي في السلطة أو بين مؤسسات الرئاسة والجيش، خاصة بعد جهود الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لتحييد بعض الجنرالات ومحاكمة آخرين؟
وهل تفتح هذا التغيير أيضًا الباب لتكهنات حول إمكانية توسيعه في المستقبل، مما قد يشمل شخصيات أخرى في حكومة نذير العرباوي، الذي يواجه تحديات تهدد الاستقرار.
ويؤكد المراقبون للشأن الجزائري أن التعديلات المتكررة تتعلق بأهداف انتخابية، حيث يُفترض أن تكون الدوائر الرئاسية تُسهم في تغيير تشكيلة الحكومة للأفراد الذين قد يُرى أداؤهم على أنه غير متناسب مع توجهات الرئيس، مما قد يثير استياء الرأي العام.
وتهدف بذلك الدوائر المقربة من الرئاسة إلى إبعاد المنافسين المحتملين في الانتخابات الرئاسية القادمة، بما في ذلك وزير الخارجية السابق صبري بوقادوم، الذي تم تعيينه سفيرًا لدى الولايات المتحدة، وهي خطوة تُعتبر محاولة لإبعاده عن المنافسة الرئاسية. وهي خطوة تثير تكهنات بشأن احتمال ترشح بوقادوم في الانتخابات، ورغم عدم صدور أي تصريح رسمي بهذا الشأن، إلا أن تعيينه سفيرًا لدى واشنطن أعاد إلى الواجهة هذا الاحتمال.
إقالة رمطان العمامرة ثم بعده أيمن بن عبد الرحمن جاءت في سياق صراع الأجنحة في الحكومة، دفعت بأقطاب الرئاسة إلى التحكم في العمل الحكومي. وتظهر أن هذه الإقالة لم تكن مجرد جزء من الصراع بين أقطاب السلطة، وإنما كانت جزءًا من استراتيجية لتعزيز موقع الرئيس تبون في ظل التحضيرات المبكرة للانتخابات، يُعزز هذا الرأي أيضًا باختيار تبون لنذير العرباوي، مدير ديوانه، لخلافة رئيس الحكومة المستقيل، وذلك بدون سابق انذار قبل عام من موعد الانتخابات الرئاسية.