أخبار الدار

المغربـ الاتحاد الأوربي.. شراكة استثنائية وإرادة ثابتة لمواجهة التحديات المشتركة

كشريك موثوق به ولا محيد عنه للجوار الأوربي منذ نصف قرن، يرتبط المغرب بعلاقات قوية ومتميزة مع الاتحاد الأوربي والتي ما فتئت تتطور وتتقوى على الدوام .

ولمواجهة التحديات المتعددة والمتنوعة التي يفرضها سياق عالمي موسوم بتحولات عميقة ومتسارعة، التزم المغرب والاتحاد الأوربي في السنوات الأخيرة بالدخول في مرحلة جديدة من تعاونهما متعدد الأبعاد والعمل بالتالي على تقوية وتعزيز شراكة ترتكز على المصالح المتبادلة والقيم والمبادئ المتقاسمة والمستقبل المشترك.

وهكذا، تم تحديد قضية الهجرة باعتبارها واحدة من الأولويات الرئيسية بالنسبة للطرفين وهما يعملان معا وبشكل وثيق من أجل تكثيف الجهود المبذولة لمكافحة ظاهرة تهريب البشر والاتجار بهم.

وكان يوهانس هان مفوض الاتحاد الأوربي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسيع قد أكد مؤخرا أنه " يجب على الاتحاد الأوربي والمغرب أن يرفعا معا التحديات التي يواجهونها. فهما معا يدا في اليد يمكنهما مواجهة المهربين وإنقاذ الأرواح ومساعدة المحتاجين ".

وفي عام 2018 ، تم تخصيص 148 مليون يورو من قبل الاتحاد الأوربي لفائدة المغرب من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية في إطار صندوق الطوارئ الموجه لإفريقيا كما التزم الاتحاد الأوربي منذ عام 2014 بتخصيص مبلغ يقدر ب 232 مليون يورو عبر العديد من الصناديق والآليات من أجل دعم الإجراءات والتدابير المرتبطة بقضية الهجرة في المغرب.

وتندرج هذه التمويلات في إطار الدعم الذي خصصه الاتحاد الأوربي للاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء التي أطلقها المغرب في عام 2013 تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وقد أشاد الاتحاد الأوربي أكثر من مرة بهذه السياسة التي ترتكز على مقاربة إنسانية وتضامنية والتي مكنت من تسوية وضعية أكثر من 50 ألف مهاجر يقيمون بالمغرب.

كما أن قضية الأمن ظلت على الدوام في صلب الاهتمامات المشتركة للمغرب والاتحاد الأوربي اللذين يتقاسمان نفس الرغبة وتحدوهما الإرادة ذاتها في القضاء على آفة الإرهاب وتعزيز السلم والأمن والاستقرار في المنطقة .

ويعتمد المغرب في إطار تعاونه مع الاتحاد الأوربي في هذا المجال على استراتيجية شمولية ومتعددة الأبعاد معترف بفعاليتها ونجاعتها على الصعيد الدولي.

ولا تغطي الجهود الكبيرة والمكثفة التي تبذلها المملكة في مجال الوقاية ومحاربة الإرهاب البعد القضائي والأمني فحسب، وإنما تشمل أيضا الجوانب الأخرى المختلفة المتعلقة بإعادة هيكلة المجال الديني ودعم وتعزيز حقوق الإنسان بالإضافة إلى التنمية البشرية وذلك بهدف معالجة الأسباب الجذرية والعميقة للإرهاب.

كما أن النهج الاستباقي والشمولي الذي اعتمده المغرب قد مكنه من أن يصبح نموذجا يحتدى ومصدر إلهام لمختلف المبادرات التي تم اتخاذها من أجل تقوية وتعزيز الإسلام المعتدل والمتسامح الذي يرفض جميع أشكال التطرف ويشجع على الأمن والسلم والإخاء والتعايش بين مختلف الأديان والثقافات .

وفي هذا الإطار وضعت المملكة برامج لتكوين الأئمة الدينيين والمرشدين والمرشدات الذين تتمثل مهمتهم الرئيسية في حماية الثوابت الدينية والروحية التي تميز المغرب وهي البرامج التي تستفيد منها العديد من الدول الأوربية والإفريقية.

كما يولي المغرب اهتماما خاصا لتعزيز وتطوير التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب بصفته رئيسا مشاركا للمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب كما يعمل بمعية الاتحاد الأوربي في إطار من التنسيق والتشاور من أجل توطيد السلم والأمن في الفضاء الأورو – متوسطي وبمنطقة الساحل.

وقد جعلت هذه الشراكة المتميزة مع الاتحاد الأوربي في المجالات ذات الأولوية المملكة واحدة من المستفيدين الرئيسيين من سياسة الجوار الأوربية التي تروم دعم وتعزيز التقدم والازدهار وتكريس الاستقرار والأمن في الدول المجاورة للاتحاد على أساس القيم المشتركة مثل الديمقراطية والحكامة الجيدة ومبادئ اقتصاد السوق والتنمية المستدامة.

وإلى جانب الوضع المتقدم الذي يحظى بها المغرب فقد ساهمت سياسة الجوار الأوربية بشكل كبير في إعطاء دفعة جديدة وزخما قويا للشراكة المتينة التي تجمع بين المملكة والاتحاد الأوربي.

وقد قام الاتحاد الأوربي في عام 2015 بمراجعة هذه السياسة التي أطلقها عام 2004 وذلك بهدف ملاءمتها مع الوضع السياسي والاقتصادي الجديد لجيرانه بكل من الجنوب والشرق.

ويأتي دعم الاتحاد الأوربي للمغرب في إطار سياسة الجوار الأوربية على شكل برامج عمل سنوية موجهة يتم تمويلها كل سنة بموجب آلية الجوار الأوربية.

وقد تم تخصيص غلاف مالي يقدر ب 5 ر 807 مليون يورو للمملكة خلال الفترة ما بين 2014 و 2017 بموجب هذه الآلية.

ووجه هذا الغلاف المالي بشكل خاص إلى العديد من المجالات التي تحظى بالأولوية بما في ذلك الولوج العادل إلى الخدمات الاجتماعية والحكامة الديمقراطية والتنقل والشغل والتنمية المستدامة.

وإلى جانب هذه الشراكة الثنائية الاستثنائية مع الاتحاد الأوروبي فإن المملكة باعتبارها تشكل حلقة وصل بين أوربا وإفريقيا أضحت الآن أكثر أي وقت مضى تشكل مركزا ومحركا لشراكة ثلاثية بين المغرب والاتحاد الأوربي وإفريقيا.

وكما أكد على ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس في الخطاب الذي وجهه جلالته إلى الدورة الرابعة للقمة الإفريقية الأوربية عام 2014 فإن المغرب " ظل يدافع منذ اللحظة الأولى عن شراكة مبتكرة ومتوازنة وذات نفع متبادل بين أوربا موحدة وإفريقيا صاعدة " .

وهو الالتزام الذي ستواصل المملكة بفضل عملها متعدد الأشكال في إفريقيا من جهة وبفضل الوضع المتقدم الذي تحظى به لدى الاتحاد الأوربي من جهة أخرى المحافظة عليه والقيام به وذلك من خلال تشبثها بمركزية أوربا في سياستها الخارجية وبجذورها في إفريقيا وبعدها المتوسطي ودورها كفاعل رئيسي في العالم العربي. 

المصدر: الدار- وم ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة + واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى