القوات المسلحة الملكية تسير بسرعة قصوى نحو التأهيل الاستراتيجي
الدار/ افتتاحية
من المترقّب أن تبدأ بلادنا قريبا باستلام 24 طائرة من نوع أباتشي AH-64 تنفيذا لبنود الصفقة التي عقدتها قبل سنوات مع شركة بوينغ الأمريكية. كما تترقب القوات المسلحة الملكية الحصول على قذائف وصواريخ “جافلين”، بعد إعلان وزارة الدفاع الأمريكية، يوم الثلاثاء الماضي، موافقة خارجية واشنطن على الصفقة المحتملة، التي قدرت قيمتها بـ 260 مليون دولار. وخلال العام الماضي عقد المغرب صفقة غير مسبوقة ليكون أول بلد في القارة الإفريقية يتوفر على أنظمة الصواريخ المدفعية عالية الحركة “هيماريس” (HIMARS)، وهي الصواريخ التي لا تمنحها الولايات المتحدة الأمريكية إلا وفق شروط خاصة. تأتي هذه الصفقات وغيرها في الوقت الذي احتلّ فيه المغرب مرتبة متقدمة في مجال تعزيز القدرات العسكرية.
فقد حلّت بلادنا ضمن قائمة أكبر 40 مستوردا للأسلحة خلال الفترة ما بين 2019-2023، حيث جاءت في الرتبة التاسعة والعشرين عالميا على الرغم من أن حصتها العالمية لاستيراد الأسلحة تراجعت بنسبة ناقص 46 في المائة مقارنة مع الفترة ما بين 2014 و2018. هذه المعطيات تؤكد أن القوات المسلحة الملكية تواصل تأهيل قدراتها الاستراتيجية على مستوى العتاد والعدّة بالموازاة مع تطوير قدراتها البشرية من خلال العديد من المسارات التدريبية التي تجسّدها المشاركة المنتظمة للجيش المغربي في العديد من المناورات العسكرية ذات الطابع الدولي وعلى رأسها مناورات الأسد الإفريقي التي تجري أطوارها سنويا بالمغرب بمشاركة أكثر من 18 بلدا من البلدان التي تمتلك أقوى جيوش العالم.
علاوة على ذلك تدخل الخدمة العسكرية بصيغتها الجديدة مرحلة جد متقدمة وحقّقت نجاحا وانتشارا واسعين وإقبالا كبيرا من طرف الشباب المغربي الذي عبّر عن روح انتماء قوية. وبالإضافة إلى ذلك تواصل القوات المسلحة الملكية تحصين الحدود الشرقية والجنوبية للمملكة، وتنفيذ عمليات عسكرية رادعة ضد المرتزقة الذين تسول لهم أنفسهم اختراق الجدار العازل والاقتراب من المنطقة المحظورة. وقد تعزّزت هذه القوة الردعية على سبيل المثال بفضل التمكّن الاستثنائي لعناصر القوات المسلحة من إدارة أسراب الطائرات دون طيار التي تنفذ عمليات نوعية هادفة. هذه التطورات كلّها تمثل إذاً خطوات عملية لاستراتيجية واسعة تطبقها القوات المسلحة الملكية وتسير بها قُدما نحو رفع مستويات الأداء والكفاءة وتثبيت العقيدة القتالية للجندي المغربي وتمكينه من الوسائل والأدوات الحربية التي يحتاج إليها.
ومن المتوقع أن تستمر وتيرة هذا التأهيل في المدى القريب والمتوسط بالنظر إلى الرهانات الأمنية الحساسة التي تشهدها المنطقة. ففي ظل محاولات التصعيد اليائسة التي تعبّر عنها العصابة الانفصالية بدعم وتحريض من النظام الجزائري، وحالة الفراغ الأمني الذي تشهده منطقة الساحل والصحراء بفعل عدم تعاون بعض الدول وحرصها على زرع بذور الانفصال والإرهاب، تستجيب القوات المسلحة إلى التزاماتها وتظل جاهزة لأداء واجباتها الدفاعية عن الحدود وحوزة الوطن، وتحصين المكتسبات الاستراتيجية التي تحقّقت منذ طرد فلول المشاغبين من منطقة الكركرات. وهذا ما يؤكد أن الحاجة إلى تعزيز التسلّح ضرورة وليست مجرد إجراء اختياري.
الصواريخ النوعية والطائرات المتطورة والمسيّرات الفعّالة تشكل عُدّة أساسية تضمن للقوات المسلحة الملكية الحفاظ على التوازن الأمني المطلوب ولا سيّما في ظل تصاعد مشاعر الكراهية والإجراءات العدوانية من جانب الدولة الجارة على الحدود الشرقية. عندما يكون على حدودك نظام عسكري يصرّ على هدم العلاقات من خلال إغلاق الحدود البرية ثم حظر الأجواء والسعي الدائم إلى افتعال مشكلات دبلوماسية، ناهيك عن وقوفه بالمال والسلاح والدعم وراء تنظيم انفصالي يسعى إلى تقسيم بلادك، فمن الضروري أن تكون قواتك المسلحة جاهزة جهوزية كاملة ومستعدة استعدادا تاما لأي تطور قد يسير في اتجاهات لا تُحمد عقباها. قواتنا المسلحة الملكية حصن حصين لحماية حدود الوطن وسيظل رهانها الأساسي هو الدفاع، ولن تفكر أبدا في المبادرة بأي هجوم أو اعتداء، على الرغم من أنها حقّقت بفضل هذه الجهود تفوقا واضحا على كافة الأصعدة.