ثلاثة عوامل تساهم في تنظيم حرارة أجساد الحمر الوحشية
هل سألت نفسك يوما عن السر وراء الخطوط البيضاء والسوداء على أجسام الحمر الوحشية؟ وهل تساهم تلك الخطوط وحدها في تنظيم حرارة أجسادها كما كان العلماء يعتقدون، أم أن هناك عوامل أخرى تساهم في هذا الأمر؟
في منتصف الشهر الجاري، وتحديدا في 13 يونيو 2019، جاءت دراسة حديثة في "جورنال أوف ناتشورال هيستوري" بأدلة جديدة، تبين أن الخطوط البيضاء والسوداء وإن كانت تساهم في تنظيم حرارة أجسام حمار الزرد، فإن هناك عوامل أخرى تساعد في تلك الوظيفة المهمة لحياة تلك الحيوانات في الأجواء الشديدة الحرارة.
الدراسة في الموطن الأصلي
ففي سابقة هي الأولى من نوعها، قام عالِم الحيوان ستيفن كوب بالتعاون مع زوجته اختصاصية الأحياء أليسون كوب، بقياس درجة حرارة جلود حمارين وحشيين من نوع غرانت يعيشان في موطنهما الأصلي في أدغال أفريقيا الشرقية بدولة كينيا.
استخدم الباحثان مقياس حرارة رقميا (ترمومتر) يعمل بالأشعة تحت الحمراء، وقاما بقياس درجات الحرارة كل 15 دقيقة خلال ساعات النهار من عدة مناطق في جسم الحمار، منها منطقة الرقبة والجانب والردف، وقد كررا هذه التجربة على أيام متفرقة.
ووجدا أن الخطوط السوداء ترتفع درجة حرارتها مع ارتفاع حرارة الجو، أعلى بمقدار 15 درجة مئوية عن الخطوط البيضاء.
ووجدا أن هذا التفاوت في درجات الحرارة بين الخطين، قادر على خلق تيارات حمل حرارية بسيطة في أنسجة جلود الحمر الوحشية، وتعتمد هذه التيارات على عمليتي التبخير والتكثيف، مما يساعد في بقاء أجساد الحمر الوحشية باردة.
تقول أليسون "لقد قضينا سنوات عديدة في أفريقيا، كنا دائما نذهل من قضاء الحمر الوحشية وقتا طويلا في الشمس، لذا رأينا أن الخطوط -بشكل ما- قد تكون وسيلة للتحكم في حرارة أجسامها".
وأوضحت أليسون قائلة "إنني لم أقتنع قط بالتجارب التي أجريت منذ أربعين سنة، والتي تمت بوضع قماش مخطط على ظهور الخيول، أو بنشر جلود طبيعية وأخرى صناعية -تفتقر للعضلات والأوعية الدموية والدهون والغدد العرقية تحتها- على براميل تحت الشمس مملوءة بالمياه، فرأيت أن من الضروري أن أراقب نمط الخطوط وتأثيرها على الحمر الحية، إذ لن ينجلي تأثير التيارات الحرارية على جلود غير حية".
ثلاثة عوامل وليس عاملا واحدا
وبالفعل قام الباحثان بدراستهما على الطبيعة، ووجدا -كما أشرنا- أنه أثناء قيظ الظهيرة في أفريقيا تكون الخطوط السوداء أكثر سخونة من البيضاء، مما يتيح مرور تيارات حرارية ضئيلة.
وعلى نحو مشابه، كان الفرق في درجات الحرارة بين الخطين الأبيض والأسود 16 درجة مئوية في التجارب السابقة على الجلود غير الحية، مقارنة بفروق تتراوح ما بين 12-15 درجة مئوية في الجلود الحية. لكن ما لاحظاه أن حرارة الخطوط السوداء لم تتوازن بتجارب الجلود غير الحية خلال النهار الشديد الحرارة، حيث سجلت الحرارة في الجلودالحية 57 درجة مئوية فقط، بينما ارتفعت في الجلود غير الحية إلى 73 درجة مئوية.
هنا توصل الزوجان إلى استنتاجين، الأول أن التيارات الحرارية في أجساد الحمر الوحشية تعتمد أيضا على تعرق أجسامهم، إذ تتسع مساحة المياه على جلودهم، ومن ثم تزيد سرعة عملية التبخر، أي تنتج تيارات حرارية.والاستنتاج الثاني بني على ملاحظتهم لوجود شعر يكسو الخطوط السوداء، يحتفظ بهواء الصباح البارد، ويساعد في تبخر العرق نهارا، أي أنه يحتفظ بالحرارة داخل أجسام الحيوانات أو يتخلص منها حسبما تقتضي الحاجة.
ومن ثم خلص الباحثان إلى أن التعرق والخطوط البيضاء والسوداء والشعر، ثلاثة عوامل تساهم في إبقاء أجساد الحمر الوحشية باردة في حرارة أفريقيا، ولا يتعلق ذلك بعامل واحد فقط هو ألوان الجلد كما كان يعتقد سابقا.
وشددت أليسون على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات حول ماهية الخطوط البيضاء والسوداء وعلاقتها بالعمليات البيولوجية الداخلية، والاتزان الحراري لدى الحمر الوحشية، وأشارت إلى أنه تحد صعب وممتع في الوقت نفسه.