المخيمات التربوية محاكاة لصفوف الدراسة والتربية
مع نهاية شهر يونيو، يتغير الروتين اليومي للأسر المرتبط بمواعيد الأكل والنوم ليتلاءم مع العطلة الصيفية. غير أن الأمر ليس كذلك بالنسبة لجميع الأسر المغربية، فبعضها يواصل بعد انتهاء السنة الدراسية، أو على الأقل، خلال شهر يوليوز، اتباع نفس العادات التي ألفها طيلة السنة.
فالموسم الدراسي لا ينتهي بالنسبة لجميع التلاميذ في نفس الموعد، لأن العديد من الأسر تواصل إرسال أبنائها إلى مدارسهم التي تظل أبوابها مفتوحة خلال العطلة الصيفية، أو تسجيلهم في ما يطلق عليه "المخيمات التربوية الصيفية" التي أضحت رقعة انتشارها تتسع أكثر فأكثر.
وبين راغب في استمتاع أبنائه بهذه التجربة الصيفية الممتعة التي تجمع بين التعلم والترفيه، ومضطر بسبب عدم وجود شخص يرعى أبناءه خلال العطلة، فإن النتيجة هي ازدهار ملفت سنة بعد أخرى لهذه الفضاءات التربوية التي يقترح القائمون عليها أنشطة تربوية وترفيهية في نفس الآن في إطار ممتع يحاكي المخيمات الصيفية ومراكز الاصطياف العادية.
سلمى، أم لبنتين ( 8 و 10 سنوات)، اختارت تسجيل ابنتيها في مدرسة تتكلف برعاية الأطفال طيلة اليوم، وتقترح أنشطة متنوعة تمزج بين تلقين اللغات والقرآن الكريم والألعاب التربوية تحت شعار "صيف المتعة والاستفادة". تقول سلمى في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هاجسها الأول لم يكن إيجاد من يرعى ابنتيها خلال العطلة الصيفية. فهي ربة بيت ومتفرغة لرعايتهما. لكن هدفها الأوحد كان استمتاعهما بتجربة ممتعة واكتسابهما لمهارات إضافية على مستوى اللغات والرياضيات في جو جماعي تفاعلي بعيد عن الإطار الذي تعودتا عليه طيلة الموسم الدراسي.
كما تؤكد أنه من بين الأمور التي شجعتها على خوض هذه التجربة، هو كونها ستمسح لابنتيها بتكوين صداقات جديدة والقيام بأنشطة متنوعة بعيدا عن شاشات التلفاز واللوحات الالكترونية بمضارها التي لا تعد ولا تحصى. وعلى العكس من ذلك، تقول رجاء، وهي أم لطفلين (6 و9 سنوات)، إن تسجيل ابنيها في مخيم تعليمي صيفي كان الخيار الوحيد المتاح أمامها لإيجاد من يرعى أبناءها خلال فترة العطلة الصيفية.
لا تخفي رجاء التي تصطحب ابنيها إلى المدرسة من الثامنة والنصف صباحا وحتى الخامسة مساء، حزنها وعدم رضاها عن قرارها هذا الذي لم تجد بدا منه "يعز علي أن يستيقظ أبنائي يوميا في وقت مبكر في حين يستمتع أقرانهم بالنوم والراحة. لكن لا بديل لدي. لا يهمني ما يتلقونه من مهارات بهذه المدارس أكثر مما يهمني أن أجد مكانا يأويهم إلى حين حلول موعد عطلتي السنوية".
ومهما كانت الأسباب التي تدفع الآباء لتسجيل أبنائهم في هذه المخيمات التعليمية الصيفية، فالأكيد بالنظر للإقبال المتزايد الذي أصبحت تحظى به خلال السنوات الأخيرة، أن أمامها مستقبلا زاهرا.
وفي سعيها لاستقطاب أعداد متزايدة من الأطفال، تضع غالبية هذه الفضاءات متعددة الخدمات برامج مفصلة تعرض من خلالها برامجها التربوية والترفيهية والورشات التي تقترحها في الرسم والنحت والأعمال اليدوية والطبخ والتي تتناسب مع متطلبات الأطفال بكل فئاتهم العمرية.
وتختلف رسوم التسجيل التي تعتمدها هذه المؤسسات حسب الخدمات والأنشطة المقدمة، بالإضافة إلى المأكل وخدمة النقل. وإذا كان بعض الآباء يرون أن الأثمنة مناسبة إلى حد ما، فإن البعض الآخر يؤكد أن هذه الرسوم مرتفعة جدا ويتهم القائمين على هذه الفضاءات باستغلال الظروف الاجتماعية للآباء لتحقيق مكاسب مالية.
وفي هذا الصدد، تؤكد السيدة مريم، وهي مديرة مؤسسة للتعليم الخصوصي تفتح أبوابها خلال العطلة الصيفية، أن هذا القرار جاء استجابة للرغبة التي عبر عنها العديد من الآباء الذين لا تمكنهم ظروف العمل من رعاية أبنائهم في هذه الفترة من السنة، مشيرة إلى أن التلاميذ يعيشون أجواء رائعة رفقة أصدقائهم ويستمتعون بعطلتهم داخل مختلف الورشات التربوية والترفيهية التي يتم إعدادها بعناية من طرف طاقم تربوي متخصص يحرص على مزج المعرفة بالمتعة.
وبخصوص واجبات التسجيل التي يؤكد العديد من الآباء أنها مبالغ فيها، تقول المسؤولة التربوية إن الأثمنة تتناسب أولا مع نوعية الأنشطة التي نقدمها (ورشات، مسبح، خرجات تربوية، مسرح ..)، معتبرة في الآن نفسه أنه من الطبيعي أن تكون الأثمنة مرتفعة بعض الشيء مقارنة بباقي أشهر السنة بالنظر لما يتطلبه الأمر من تعبئة للموارد البشرية خلال العطلة الصيفية
وسواء أمضى الأطفال عطلتهم الصيفية داخل منازلهم أو بمؤسسات تربوية، فالأهم هو إتاحة الفرصة لهم للاستمتاع بفترة راحة من الواجبات المدرسية والاستعداد لموسم دراسي جديد، مع استثمار هذه الإجازة الطويلة في أنشطة مفيدة وعدم قضاء اليوم في مشاهدة التلفاز واللعب بالأجهزة الالكترونية.