المواطن

قصص إنسانية.. إسماعيل حميش: السرطان ليس نهاية العالم

 

الدار/ فاطمة الزهراء أوعزوز

 

"وإن قابل الموت عيني يومآ سأبتسم له ببرودة، وأسأله أين الحياة التي ستسرقها مني، حمداً لله على قضائه وقدره … ولنا في الحياة عقبات فطوبى لمن بادر فاجتيازها". هذه هي العبارة المشحونة بالأمل التي يرددها الشاب اسماعيل حميش، الذي تمكن من الصمود في وجه مرض السرطان، كونه قبل الخضوع للعلاج الكميائي بالرغم من التبعات التي يحدثها، وبفضل إصراره على النجاح يعطي اليوم مثالا يحتذى به في الصبر والممانعة ورفض الانقياد للخنوع أو المهانة. موقع "الدار" يقربكم من حياة إسماعيل.

 

يحكي الشاب اسماعيل لموقع "الدار"، أنه كان مثل جميع أقرانه يحيى حياة طبيعية، خالية من الأوجاع والاضطرابات النفسية، حيث كان من خيرة التلاميذ الذين يتميزون بالتحصيل الدراسي المميز، كونه كان حريصا على الحصول على الدرجات العليا في مساره المدرسي، غير أنه لم يتمكن وبشكل مفاجئ من إتمام المرحلة الثانوية بعدما اجتاز المرحلة الإعدادية بنجاح.

يقول اسماعيل لميكروفون "الدار"، إنه وفي البداية كان من الصعب تشخيص المرض الذي ظل وفي صمت ينخر جسده، مشيرا أنه خضع في الكثير من المرات للفحوصات الطبية، والتحليلات الشاملة، غير أنه وفي مثل المرات السابقة، لا يتم التوصل إلى طبيعة المرض، ليظل تدهور الحالة الصحية هو العنوان البارز الذي سيطر على حياته لفترة طويلة وهو في المرحلة الإعدادية.

وفي إحدى الأيام ظهرت بعض الأعراض التي جعلت  طبيب اسماعيل يشك في كونه قد وقع ضحية المرض الذي يسمى في المتداول اليومي بـ"المرض الخايب أو الخبيث" إنه السرطان، خصوصا وأنه أصبح فاقدا لشهية الطعام، لا يقوى على مزاولة الأنشطة اليومية بكامل قواه الجسدية، كما يشكو من الصداع النصفي للرأس، أكثر من ذلك فقد ظهرت بعض الندبات غير الطبيعية على الجلد وبالأخص على مستوى منطقة الرقبة والعنق، الأمر الذي جعله يقتنع أنه أصبح مريضا بالسرطان.

يحكي اسماعيل أنه في البدايات الأولى، قبل أن يتمكن من التعايش مع المرض، كانت الخطوة الأولى هي محاولة التعايش مع فكرة الموت الذي يمكن أن يحل به في أي لحظة، وهو الأمر الذي حمله مباشرة بعد سماع خبر الإصابة بهذا المرض، إلى شراء الكفن والتوجه للمقبرة بغرض معرفة الطريقة التي بوسعها أن تمكنه من الحصول على المكان الذي يفضل أن يدفن فيه مباشرة بعد الموت، الأمر الذي أثار استغراب الحارس الذي يعكف على حراسة المقبرة، بعدما استهجن سؤاله، ونصحه بالعودة إلى رشده بدءا بقبول فكرة العلاج الكميائي الذي بوسعه أن يمنحه حياة جديدة.

غير أن الحاجز النفسي الذي كان في البداية حائلا دون متابعته للعلاج، هو فقدانه لمريم، عمر وإبراهيم، إنهم أصدقاؤه المرضى بنفس المرض والذين جعلهم القضاء سواء في المعاناة، حيث كان يعيش كل يوم على خبر وفاة أحد أصدقائه الذين يسقطون تباعا ويغادرونه دونما رجعة للدار الأخرى.

يتابع اسماعيل حديثه بالتأكيد على أنه أصيب بداء سرطان نادر على مستوى الرأس، الأمر الذي اضطره للانتقال من مدينة السعيدية إلى فاس لتلقي العلاج ومتابعة الدراسة في الآن ذاته، لتغدو هذه المرحلة صعبة للغاية بحكم صغر سنه الذي لا يتجاوز آنذاك 17 سنة وبالرغم من ذلك فقد أصبح مكرها على تقبل الحقيقة التي أسماها "المرة".

يقول الشاب إن الفايسبوك  كان بمثابة البوابة لتبادل الآراء وإطلاع الناس عن المعاناة التي ألمت به، حيث وجد فيه مجالا رحبا للأخذ  والعطاء، مشيرا أنه أقدم على إنشاء صفحة خاصة يسرد من خلالها أهم التفاصيل التي ميزت هذه المرحلة من حياته، وقال إن التعاليق التي كان يتلقاها كانت بمثابة الشحنة الإيجابية التي تعطيه الأمل في الحياة. "وكانت النتيجة إيجابية إذ صار اسمي مبصوماً عبر جل المواقع الإعلامية وصورتي ظاهرة على العديد من المنابر الإعلامية منها التلفزيونية والإذاعية والمجلات والصحف… صار اسمي يشكل للناس كما ينعتونني بالقدوة التي يحتذى بها في الحياة" كونه اتخذ مواقف إيجابية مكنته من التغلب على المرض من خلال قبول فكرة العلاج الكيميائي بالرغم من تواتر الإنعكاسات السلبية التي تطال الحياة.

ويتابع اسماعيل "الآن أتخطى مرحلة بعد مرحلة من ناحية حالتي الصحية فقد تغلبت على المرض بنسبة %70 ، كما توجت بجائزة أحسن صفحة فايسبوك بالمغرب بمعدل تصويت 40 ألف لصالحي، … اكتسبت العديد من الأصدقاء من مختلف بقاع العالم، كونهم يتابعونني عبر مواقع التواصل الاجتماعي من جل البلدان… ولي أصدقاء عدة من شخصيات مشهورة من مغنيين ومغنيات وممثلين وممثلات مغاربة وأجانب".

أوضح إسماعيل أنه لم يفقد الأمل يوما، ويصر على متابعة العلاج بالرغم من وجود مجموعة من التعقيدات، والتكاليف المالية المرتفعة، وقد اعتد بالفيسبوك وغيره من شبكات التواصل الاجتماعي في أفق تجاوز مرحلة الاكتئاب التي كادت تنال منه، غير أنه تمكن من تجاوز المرحلة بكثير من الإصرار والأمل، وهو ما جعله ينفتح على منصات التواصل الاجتماعي، كونه اعتبر التواصل البوابة الكفيلة بمساعدته على تخطي الحالة الصحية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر + 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى