صحة

ما يُحزنك قد يُفقدك عقلك.. الفرق بين الأمراض العقلية والنفسية

منذ عام 1949، وماي شهر "التوعية والتثقيف بالأمراض العقلية" بدأت هذا التقليد المنظمة الأميركية للصحة العقلية في محاولة لرفع الوصم والعار عن المرضى وذويهم، ومساعدتهم لتقليل معدلات الانتحار بينهم، وانضمت لها عدة منظمات في دول العالم المختلفة للتوعية بالتصرفات والسلبية والمفاهيم الخاطئة التي تحيط بذلك المرض.

ويلزم للتوعية بالمرض العقلي، في البدء، التمييز بينه وبين المرض النفسي، فالكثيرون يخلطون ما بين الاثنين، وفي المجتمعات العربية يلاحق الوصم المريض ويوصف بالجنون.

ربما بسبب النظرة التاريخية التي كانت تلاحق الأمراض النفسية والعقلية باعتبارها شرا وسيطرة من أرواح خبيثة وعملا من أعمال الشيطان، وكان ينظر إلى المرضى بوصفهم أناسا منبوذين وكثيرا ما كانوا يقتلون تخلصا منهم ومن الشياطين التي تتلبسهم.

العقلي والنفسي
ليس هناك حد فاصل بين الأمراض العقلية والنفسية، والسبب أن كلا منها يؤثر في الآخر، فقد يتحول مرض نفسي مثل الوسواس القهري أو الاكتئاب إلى مرض عقلي والعكس صحيح، الأمر الذي جعل علماء النفس يميلون إلى إطلاق اسم الاضطرابات النفسية لتشمل الأمراض النفسية والعقلية، لكن بعض المتخصصين يميزون بين الأمراض النفسية والعقلية، على أساس أن الأمراض النفسية منشؤها وظيفي أما الأمراض العصبية فمنشؤها خلل في الجهاز العصبي المركزي.

أساتذة الطب النفسي، يوضحون الفارق بين الاثنين قائلين إن المرض العقلي مرتبط باضطرابات أو عطل في خلايا أو كيمياء المخ، وفي هذه الحالة يكون مرضا عقليا "أوليا" في حين أنه يمكن أن يكون المرض العقلي تابعا أو ثانويا، بمعنى أن يكون الشخص لديه مرض عضوي مثل الكبد أو السرطان يؤثر على خلايا المخ فيصيبه بمرض عقلي.

ويضيفون "بينما المرض النفسي اضطراب وجداني يرتبط بالمشاعر والمزاج والنظرة للحياة".

الاعتراف بالمرض وإنكاره
نظرا لاختلاف المرض يختلف المريض العقلي عن النفسي من حيث إدراكه لواقع مرضه والتعامل معه، حيث أن المريض النفسي مستبصر بذاته وبمرضه، أي أنه يدرك أنه مريض ويسعى أحيانا لطلب العلاج، بينما المريض العقلي لا يدرك تلك الحقيقة ولا يصدق أنه مريض، بل يعتقد أن من يطالبه بالعلاج هو المريض، "علاج المريض العقلي صعب جدا حتى لو أخذه أهله للعلاج فإنه لن يتقيد بتعليمات الطبيب خاصة ما يتعلق بالدواء، والمشكلة أن الأمراض النفسية والعقلية تحتاج إلى وعي تام من أهالي المرضى ومن المرضى أنفسهم لأن علاج المرض العقلي أو النفسي يحتاج إلى مداومة على استخدام الدواء فقد تطول المدة إلى ستة أشهر أو سنة، وربما بعض الأمراض العقلية مثل الشيزوفرينيا قد تستغرق فترة العلاج العمر كله".

ويتطلب المرض العقلي علاجا دائما ومتواصلا من أجل السيطرة على الوضع ووقف تدهور الحالة، في حين أن المرض النفسي، عادة، لا يتطلب إعطاء أدوية للمريض.

أنواع الأمراض النفسية والعقلية
يخلط الكثيرون بين بعض الأمراض معتقدين أنها أمراض نفسية لكنها أمراض عقلية، نتيجة خلل في خلايا المخ، منها السكيزوفرينيا "الفصام الذي يضم الهلاوس والضلالات" وكذلك البارانويا، جنون العظمة والاكتئاب.

حيث أن تلك الأمراض يمكن توصيفها في مراحلها الأولى على أنها أمراض نفسية، لكن مع تطورها تتحول إلى مرض عقلي لا يمكن الشفاء منه، لكن يمكن السيطرة عليه من خلال الأدوية.

في حين أن القلق في أغلب مراحله مرض نفسي يرتبط بالمشاعر والمزاج العام للشخص.

الأعراض
بعض الأعراض التي تظهر على المريض العقلي، ففي حالة مريض الاكتئاب يظهر عليه:

– تغير واضح في العادات الغذائية (نقص أو زيادة الوزن).

– شعور بعدم الجدوى.

– الكسل.

– نقص الطاقة وعدم الرغبة في إنجاز أي أمر.

– التفكير في الموت.

وفي حال استمرار تلك الأعراض على الشخص لمدة أسبوعين، أو ظهور أية أعراض نفسية تؤدي إلى إعاقة الفرد عن تأدية حياته الطبيعية، حينها يمكن توصيفها بالمرض العقلي الذي يحتاج إلى تدخل طبي فوري.

أسباب المرض
لم يتوصل الطب النفسي لتحديد الأسباب الرئيسية التي تصيب الفرد فتسبب له مرضا عقليا أو نفسيا، لكن بشكل عام يعتقد أن هناك عاملين رئيسيين لمحاولة فهم الوضع:

1- الوراثة
وجد أن المرض العقلي والنفسي يسهل ظهوره في العائلات التي يعاني فيها الأجداد والآباء من المرض، وهو مؤشر على أن الخلايا المصابة تنتقل داخل الأسرة.

2- البيئة
يظهر المرض النفسي والعقلي في البيئة التي تهيئ ظهوره، حين ينشأ طفل طبيعي مع أم أو أب مصابين بالاكتئاب مثلا، فإن البيئة التي ينشأ فيها تؤثر على نفسيته وسلوكه ويتحول إلى مريض نفسي، وفي حال عدم السيطرة على المرض وعلاجه من الممكن أن يتحول إلى مرض عقلي.

وكذلك واقع الشخص الطبيعي يمكنه أن يفقد عقله بمنتهى البساطة، ولم يتوصل العلم إلى أسباب واضحة، مضيفا "النفس البشرية معقدة للغاية، والعلم أمامها مهما تقدم ضعيف" مشيرا إلى اضطراب كرب ما بعد الصدمة، وهو مرض عقلي اكتُشف خلال الحرب العالمية الثانية، عندما وجد أن الجنود العائدين من الحرب قد تطورت لديهم أمراض معينة، وأظهروا تغيرات حادة مثل العصبية المفرطة، الرغبة في التدمير، قلق في النوم، مضيفا "اكتشف العلم حينها أن الشخص الطبيعي يمكن في لحظة صدمة معينة أن يفقد عقله ويتحول إلى مريض عقلي، في حالات يمكن أن يتم علاجه ويٌشفى، وفي حالات أخرى يفقد عقله إلى الأبد".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر + اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى