هل حصلت كوريا الشمالية من ترامب على أكثر مما كانت تحلم به؟
هل منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب كوريا الشمالية أكثر مما كانت تحلم به، عندما أصبح أول رئيس للولايات المتحدة يعبر الحدود إلى تلك الدولة الواقعة في شرق آسيا؟
يرد الصحفي مايكل هيرش على هذا السؤال بالإيجاب في مقال تحليلي بمجلة فورين بوليسي الأميركية التي تُعنى بقضايا السياسة الخارجية، إذ يرى أن ترامب بعبوره الحدود إلى إحدى قلاع الشيوعية المتبقية في العالم، قد أحدث تحولا في قوانين اللعبة.
فهو -في نظر هيرش- قد خفف من التوترات مع تلك الدولة بشكل مثير ومفاجئ، إلا أن الكاتب يستدرك قائلا إن على الرئيس الأميركي أن يقدم مزيدا من الإغراءات لحث بيونغ يانغ على التخلي عن برنامجها النووي.
ووفقا للمقال التحليلي، فإن ترامب منح بخطوته تلك زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون "قدرا من الاعتراف الدولي والقبول لم يكن باستطاعة والد كيم وجده تصوره".
ويبقى السؤال هو: ما الذي سيحصل عليه ترامب بالمقابل؟ وبحسب هيرش فإن الرئيس الأميركي يدرك أنه بحاجة إلى إتباع القول بالعمل فيما يتعلق "بمباهاته" في السنوات الأخيرة بمهاراته في إبرام الصفقات.
ويشير هيرش إلى أن ترامب استأنف السبت الماضي المباحثات التجارية "المتعثرة" مع الصين، عندما التقى نظيره الصيني تشي جين بينغ خلال قمة مجموعة العشرين في اليابان.
وفي اليوم نفسه، دعا ترامب الزعيم الكوري الشمالي للقاء في قرية بنمونجوم على الحدود مع كوريا الجنوبية، واعتبر مايكل هيرش أن ترامب غامر باحتمال تعرضه لإهانة من كيم إذا لم يستجب لدعوته تلك.
واستطرد الكاتب قائلا إن الأعراف الدبلوماسية تقتضي في تلك الأحوال باستخدام قناة سرية لتوصيل مثل تلك الدعوات، لكيلا يريق الرئيس ماء وجهه.
ويزعم هيرش أن الرئيس ترامب يرمي من وراء كل تلك المبادرات للفوز بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة الأميركية العام المقبل.
ويوحي نهج ترامب في التواصل مع الرئيسين الصيني والكوري الجنوبي -كما يشير مقال فورين بوليسي- بأنه بدأ يدرك بعض الشيء ديناميكيات شرق آسيا، فبكين تمثل لكيم جونغ أون شريان حياة، إذ إنها تستأثر بأكثر من 90% من تجارة كوريا الشمالية، ثم إن ترامب ربما يكون بحاجة إلى توسط تشي جين بينغ لإبرام اتفاق مع كيم.
غير أن تشي -كما يذكر المقال- لم يبد رغبة كبيرة في ممارسة أي ضغط على زعيم كوريا الشمالية لنزع السلاح النووي، بل قدم له أحيانا العون لتفادي العقوبات التي فرضتها على بلاده كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
التنازل عن السلاح النووي
وتكمن المفارقة بطبيعة الحال في استغراق ترامب حاليا في خطب ود كيم، طبقا لمايكل هيرش.
ويسود اعتقاد لدى معظم الخبراء بأن بيونغ يانغ لن تتخلى أبدا عن برنامجها النووي طالما أنها تعيش تحت تهديد واشنطن وسول. وربما لن تتنازل عن قدر كبير من أسلحتها النووية في الوقت الراهن، رغم أن كيم عرض التخلي عن نصفها بما في ذلك تفكيك منشآتها النووية في يونغ بيون.
تجدر الإشارة إلى أن ترامب عيّن الأحد الماضي ستيفن بييغون كبيرا للمفاوضين الأميركيين في المحادثات التي استُؤنفت مع كوريا الشمالية. ويقر بييغون بأن الجانبين لم يتفقا حتى الآن على تعريف محدد لمصطلح "نزع السلاح النووي".
فمن ناحية، ظلت بيونغ يانغ تفسر تاريخيا المصطلح على أنه يعني "نزعا كاملا للسلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية"، كما يعني عندها أيضا تنازلات من جانب الولايات المتحدة، بما في ذلك سحب الآلاف من جنودها المنتشرين في كوريا الجنوبية.
ويختم مايكل هيرش تحليله بالقول إن ترامب ربما يضع في حساباته أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية سيكون بحاجة لأكثر من مجرد هدنة مؤقتة، بل لنصر يجدد مكوثه في البيت الأبيض.