المواطن

شاب كفيف: النجاح ممكن حينما تنظر للعالم برؤيتك الخاصة

 

الدار/ فاطمة الزهراء أوعزوز

 

لطالما كانت الإعاقة أو العاهات المستديمة على اختلاف أصنافها، حاجزا يحول دون استمرار الحياة على النهج العادي، أكثر من ذلك فإنها تكون سببا في الحد من فعالية المرء في متابعة دراسته أو اشتغاله، خصوصا في المجتمعات التي لا توفر لهذه الفئة المستضعفة الولوجيات الكفيلة بضمان العيش الكريم، لكن وفي حالات أخرى تصبح الإعاقة دافعا أساسيا لخوض غمار تحديات يتعذر على الأصحاء تحقيقها. موقع "الدار" يقربكم من قصة محمد الشاب الكفيف والحاصل على شهادات في الدراسات العليا.

 

بكثير من العزم والإصرار تمكن الشاب محمد أولغازي  البالغ من العمر 27 سنة، من التغلب على عاهته المستديمة (العمى أو فقدان البصر)، التي رافقته منذ الطفولة، والتي كانت نتيجة إصابة بالخطأ من قبل أحد الأطفال حينما كانوا بصدد اللعب في شوارع مدينة مكناس مسقط رأسه.

تمكن محمد من تحقيق مجموعة من الأهداف التي يعتبرها سبقا غير مشهود، يعجز عنه حتى بعض الأصحاء الذين أتيحت لهم جميع الظروف المادية وكذلك الصحية، غير أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى مبتغاهم على حد تعبيره، واليوم وبعد عناء طويل يقول محمد في حديثه لموقع "الدار": بعدما تمكنت من قطع مجموعة من المراحل الحاسمة في حياتي، تمكنت اليوم من تحقيق الهدف المنشود وهو الرضا عن الذات، نعم إنه ذاك الإحساس الذي يشعر به المرء عندما يثبت قدرته على الصبر والتحمل، وحينما يعلن عن نفسه حربا ضروسا تأبى من أن تضع أوزارها إلا بعد الظفر بالهدف المنشود.

ويتابع محمد أنه تمكن من الحصول على مجموعة من الشهادات الجامعية، التي بوسعها أن تجعله يتبوأ المكانة التي يستحقها، لكونه حصل على شهادة البكالوريا في العلوم الاقتصادية، ثم الإجازة في العلوم الاقتصادية وأخرى في التواصل السياسي، واليوم هو بصدد التحضير لمناقشة رسالة ماجستير في العلوم السياسية، حيث يؤكد لـ"الدار: أنه ينجذب لها بحكم الأهمية التي يكتسيها هذا المجال والذي يمكن من اكتساب نظرة شمولية عن طبيعة الأحداث التي يعرفها المجتمع المغربي، والتي تحكم المعيش اليومي للمواطن المغربي.

لم يكتف محمد بتحمل مشاق وتبعات التحصيل الدراسي فحسب، بل دأب على الجمع بين الدراسة الجامعية والعمل في إحدى المكتبات المجاورة لمقر سكناه في الرباط وهو طالب، وذلك بهدف دفع مصاريف وتكاليف الدراسة، إلى جانب مساعدة أهله الذين ينتظرون تخرجه بفارغ الصبر حتى يتمكن من إعالتهم، خصوصا وأنه ينحدر من أسرة فقيرة تعلق عليه الآمال، حتى يتمكن من مساعدتها في الاستجابة لتكاليف العيش.

ويضيف محمد أنه بوصوله إلى هذا  المستوى الدراسي من خلال تحصيل الشهادات الجامعية يعتبره سبقا بالنسبة لمن هم في وضعيته، حيث لم يخف فخره واعتزازه بنفسه رغم غياب الوسائل المساعدة، وخاصة الولوجيات الكفيلة بتحقيق هذا المطلب.

وعن فرص العمل والتشغيل، يقول محمد إنه ليس بالضرورة الاعتماد بالدرجة الأولى على الوظيفة العمومية التي يمكن أن تتحقق بعد طول انتظار، لكن مجال الاستثمارات والمقاولات الخاصة حتى لو كانت صغيرة يعتبر أمرا مربحا، وهو الأمر الذي بادر إلى الشروع فيه. ومن ثم فقد تمكن من تحقيق ذاته، معبرا أثناء ذلك عن قدرته في الجمع بين الدراسة والعمل الخاص، حيث لم تقف الإعاقة حائلا بين وبين الوصول إلى مبتغاه، بل أكثر من ذلك فقد أصبح شخصا فاعلا في توجيه أصدقائه من الطلاب الذين اعتمدهم كمساعدين له في مقاولته الخاصة المتمثلة في محل تجاري صغير لبيع الأثاث المنزلي القديم، وبالرغم من كونه مجرد مشروع صغير إلا أنه تمكن من تحقيق الاستقرار المادي لمجموعة من الأصدقاء الذين يعتمدون عليها كمصدر للدخل المادي يساعدهم على إتمام دراساتهم العليا بمدينة الرباط.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 − 8 =

زر الذهاب إلى الأعلى