أخبار الدارسلايدر

الجزائر الضعيفة.. بين استعراض القوة وواقع الأزمة الداخلية

الدار/ تحليل

احتفلت الجزائر بالذكرى السبعين لثورة 1 نوفمبر 1954، في مشهد يعكس للوهلة الأولى فخرًا عسكريًا، لكن وراء هذا الاستعراض، يتسائل الكثيرون: هل الجزائر فعلاً قوية عسكريًا كما تُظهر؟ أم أن هذه العروض العسكرية مجرد واجهة تخفي التحديات العميقة التي تواجهها البلاد على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي؟

الحقائق التي نراها على الأرض تشير إلى صورة مغايرة تمامًا. ففي الوقت الذي يشهد فيه الجيش الجزائري تدابير استعراضية ضخمة، يعاني المواطنون من واقع مرير يتجسد في أزمات مرورية خانقة، وتضارب في مواعيد الرحلات الجوية، واختناقات في محطات الوقود. إذًا، ما الذي يقدمه هذا الاستعراض العسكري في وقت تُغرق فيه البلاد في مشاكل اقتصادية لا تعد ولا تحصى؟

المفارقة الواضحة تكمن في التباين بين الاستثمارات الضخمة في قطاع الدفاع وبين تدهور الوضع الداخلي. فمن جهة، يواصل الجيش الجزائري تعزيز قدراته العسكرية، مع ميزانية دفاعية قد تتجاوز 25 مليار دولار في العام 2025. ومن جهة أخرى، يواجه المواطن الجزائري ارتفاعًا في الأسعار، انخفاضًا في القدرة الشرائية، وعجزًا في الميزانية يُقدر بأكثر من 62 مليار دولار.

فهل يُعقل أن تُخصص هذه الأموال الضخمة لتطوير أنظمة تسليح قديمة، بينما يظل الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تدهور مستمر؟

الحروب الداخلية التي تخوضها الجزائر قد تكون أخطر بكثير من أي صراع عسكري خارجي. فبينما تستمر البلاد في الانغماس في صفقات أسلحة قد لا تخدم مصالحها الاستراتيجية، تجد نفسها تتعرض لهزات اقتصادية عميقة بسبب ارتفاع الدين العام واحتياج المواطن إلى أبسط ضروريات الحياة.

فيما يتعلق بالأسلحة التي يشتريها الجيش الجزائري، مثل دبابات T-90 الروسية وأنظمة الدفاع الجوي مثل S-300، تظهر بوضوح محدوديتها في مواجهة التحديات المعاصرة. فعلى الرغم من أنها كانت تعتبر في وقتٍ ما أسلحة استراتيجية قوية، إلا أن العديد من هذه الأسلحة أثبتت عدم فعاليتها في النزاعات الحالية، خصوصًا أمام الطائرات المسيرة والصواريخ المتطورة.

إذاً، أين تكمن القوة الحقيقية؟ هل في الاستعراضات العسكرية أم في الحلول التي تحتاج إليها الجزائر لمشاكلها الداخلية؟ الاستعراضات العسكرية قد تكون وسيلة لرفع المعنويات وتأكيد القوة أمام العالم، لكنها في الوقت نفسه تُخفِي هشاشة الواقع الجزائري، الذي يحتاج إلى إصلاحات شاملة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.

وفي ظل الوضع الحالي، يبقى السؤال: هل الجزائر قادرة على تجنب المصير الذي يهددها في حال استمرت في تجاهل الاحتياجات الأساسية لشعبها، والتوجه نحو تعزيز قوتها العسكرية على حساب الاستقرار الداخلي؟

زر الذهاب إلى الأعلى