علوم وتكنولوجيا

ديدان صغيرة تصدر أكثر الأصوات صخبا في المحيط

عندما نفكر في الأصوات الصاخبة تحت الماء، يرد بأذهاننا تلك الأصوات العالية التي تصدر عن العديد من الحيوانات المائية، بما في ذلك الثدييات والأسماك والقشريات والحشرات.

لكننا لا نتوقع أن تصدر دودة بحرية صغيرة بطول 29 مم وذات جسم رخو أصواتا صاخبا مميزة، وذلك لأن إصدار مثل تلك الأصوات يتطلب وجود آليات طاقة متطورة لتخزينها وإطلاقها.

أصوات صاخبة أثناء القتال
كشفت دراسة حديثة نشرت في دورية كارنت بيولوجي بتاريخ 9 يوليوز من عام 2019، عن ديدان بحرية مفصصة من نوع ليوكراتيديس كيموراوورام تصدر أصواتا صاخبة عالية، وذلك أثناء سلوك متكرر أطلق عليه الباحثون اسم "القتال الفموي".

وقد قام عالم الأحياء البحرية ريوتارو جوتو مع زملائه من جامعة كيوتو بقياس شدة هذه الأصوات الصادرة عن تلك الدودة الرخوية الصغيرة.

وقد وجدوا أن ضغط تلك الأصوات يصل إلى 157 ديسيبل، أي ما يقدر بـ 1 ميكرو باسكال لكل متر واحد، كما أنها كانت مصحوبة بترددات في نطاق 1 – 100 كيلو هرتز، وتظهر إشارة قوية عند 6.9 كيلو هرتز.

ولفهم معنى هذه الترددات، لك أن تتخيل أنه بإمكان البشر سماع أصوات منخفضة تصل إلى 10 ديسيبل، إلا أن الأصوات تصبح مؤلمة ومؤذية لآذاننا عندما يصل ضغطها إلى 130 ديسيبل.

صوت الروبيان قادر على كسر الزجاج 
يمكن مقارنة هذه الأصوات الصادرة عن الديدان الصغيرة بتلك التي تصدر عن الروبيان عند اصطياده لفريسته، والتي تعد من أكثر الأصوات البيولوجية كثافة جرى قياسها في البحر.

إذ يصدر الروبيان صوتا بضغط يصل إلى 189 ديسيبل ليصرع فريسته ويتمكن من اصطيادها، ويقدر الباحثون بأن هذا الضجيج قادر على كسر لوح من الزجاج.

سيناريو مقترح للصوت الصاخب
وقد اقترح فريق الدراسة سيناريو جديدا لتفسير آلية توليد هذه الحركات الفائقة السرعة والأصوات العالية التي تصدر عن ذلك الحيوان الرقيق.

حيث افترض الباحثون أن جدران البلعوم العريضة السميكة تعمل على تخزين الطاقة، كما أنها تقدم قوة الدفع اللازمة لإطلاق مثل تلك الأصوات.

وهذا يسمح بتوسيع سريع وكبير للبلعوم داخل جسم الدودة أثناء حدوث القتال الفموي، مما ينتج عنه صوت طقطقة مكثف (من المحتمل أنه يصدر عن طريق التجويف) يصاحبه تدفق سريع للماء.

ويرجح العلماء أن تلك الحيوانات ذات الأجساد الرخوة، التي لم تكن معروفة بأصواتها العالية من قبل، ربما تستخدم هذه الأصوات للتواصل النوعي فيما بينها.

وتبقى آلية قيامها بإصدار هذا الصوت لغزا مثيرا. وقد وضعت هذه الدراسة تفسيرا محتملا لها، وهو الاكتشاف الذي يبشر بنوع جديد من البيولوجيا المتطرفة التي تستدعي المزيد من الأبحاث والدراسات المكثفة لحل ألغازها.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الديدان كانت قد صنفت للمرة الأولى عام 2017، حيث تعيش ضمن ثغرات في الإسفنج البحري على طول ساحل المحيط الهادئ في اليابان، وتنتظر فريستها هناك، كما أنها تدافع بقوة عن مخبئها هناك.

المصدر / وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة + اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى