الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء: صدمة هزت النظام الجزائري وأدخلته في حقبة من الهذيان الدبلوماسي
الدار/ تحليل
جاء اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء ليشكل زلزالًا سياسيًا هز أركان النظام الجزائري، وكشف عن عمق الأزمة التي يعاني منها هذا النظام في مواجهة التحولات الكبرى على الساحة الدولية.
لم يكن رد الفعل الجزائري على هذا الاعتراف سوى سلسلة من التصريحات المستغربة التي تجاوزت السياسة لتصل إلى نوع من الهذيان الدبلوماسي.
التفاصيل التي سربتها وسائل الإعلام الجزائرية، والمتمثلة في ادعاءات عن مؤامرة فرنسية تقودها المخابرات الفرنسية داخل السفارة الفرنسية في الجزائر، تعكس حالة من الإنكار الجماعي لنكسة الدبلوماسية الجزائرية.
يبدو أن النظام الجزائري، الذي طالما حاول أن يظهر بمظهر القوة السياسية في المنطقة، لم يستطع استيعاب الهزيمة التي تلقاها في هذا الصراع الإقليمي الممتد لعقود.
الرد الجزائري لم يكن مقتصرًا على تصريحات معزولة، بل تم التوسع فيه ليشمل استدعاء السفير الفرنسي عبر الصحافة، وهو ما يعكس حالة الفوضى والارتباك التي يعيشها النظام الجزائري. في خطوة تفتقر إلى الحد الأدنى من البروتوكولات الدبلوماسية، اختار النظام الجزائري أن يتعامل مع الموقف عن طريق وسائل الإعلام بدلًا من إصدار بيان رسمي عبر وزارة الخارجية.
كان من المتوقع أن يتسم رد الفعل الجزائري بنوع من الرزانة والجدية، لكن ما تم الإعلان عنه عبر الجرائد كان أبعد ما يكون عن الدبلوماسية الراقية.
هذه الحادثة، التي تعكس حالة من التصدع في العلاقات الجزائرية-الفرنسية، تطرح تساؤلات كبيرة حول مستقبل الجزائر في الساحة الدولية.
فقد أصبح النظام الجزائري، بفضل سياساته غير المدروسة وسوء إدارته للأزمات الخارجية، في عزلة دبلوماسية تاريخية قد تساهم في تراجع نفوذه في المنطقة.
لم تعد الجزائر، التي كانت تعتبر ركيزة أساسية في السياسة الإقليمية، تملك سوى ماضيها في مواقفها العدائية تجاه المغرب.
وفي الوقت الذي يعاني فيه النظام الجزائري من ارتباك داخلي على الصعيدين السياسي والاقتصادي، يبدو أن تداعيات هذا الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء ستظل تطارد الجزائر لعقود قادمة.
لا شك أن الاعتراف، الذي يعتبر بمثابة ضربة قاصمة للموقف الجزائري، يمثل بداية جديدة في السياسة الإقليمية، حيث تتضح أكثر فأكثر خطوط الفصل بين الدول التي تسعى للاستقرار والآخرين الذين اختاروا العزلة والهروب إلى الأمام.
النظام الجزائري اليوم يواجه تحديًا كبيرًا في التعامل مع هذه الصدمة. هل سيستطيع تعديل مساره الدبلوماسي؟ أم سيستمر في سياسة الهروب إلى الأمام، مما يعمق أزماته الداخلية والخارجية؟
المستقبل القريب قد يحمل الإجابة، لكن الحقيقة الواضحة الآن هي أن الجزائر قد دخلت حقبة جديدة من العزلة، والتي تذكرنا بتجارب دول أخرى عانت من نفس السيناريو، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
الطريق أمام الجزائر الآن ليس مفروشًا بالورود، بل يعكس واقعًا قاسيًا يتطلب مراجعة جذرية لسياساتها الداخلية والخارجية، إن كانت ترغب في استعادة مكانتها الإقليمية على الأقل.