الدار/ طنجة
وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، رسالة سامية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة، التي انعقدت بمدينة طنجة يومي 20 و21 دجنبر الجاري. وقد أبرز جلالته في هذه الرسالة الأهمية الكبرى التي يوليها لهذا الورش الاستراتيجي باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز الحكامة الجيدة على المستويين الوطني والمحلي.
وأكد جلالة الملك أن الجهوية المتقدمة ليست مجرد خيار إداري، بل هي رؤية تنموية شاملة تهدف إلى معالجة الفوارق المجالية وتحقيق التوازن بين مختلف جهات المملكة. وشدد على أن النسخة الأولى للمناظرة الوطنية سنة 2019 قد وضعت الإطار التوجيهي لممارسة الجهة لاختصاصاتها، إلا أن المرحلة الحالية تستوجب المرور إلى السرعة القصوى لتجسيد هذا الورش ميدانيا.
وأشار جلالته إلى ضرورة إجراء تقييم شامل للجهود المبذولة حتى الآن، مع الوقوف عند التحديات التي تواجه تحقيق الأهداف المرجوة من الجهوية المتقدمة. وفي هذا السياق، دعا الملك إلى تركيز الجهود على سبعة تحديات كبرى، منها الإسراع بتفعيل الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، الذي يعاني من تأخر في تنزيله، خاصة فيما يتعلق بنقل الاختصاصات إلى المستوى الجهوي لتبسيط الإجراءات الإدارية وتعزيز جاذبية الاستثمار. كما أكد على أهمية تدقيق وتفعيل اختصاصات الجماعات الترابية، وتحقيق التكامل بين مختلف الأطراف المعنية لضمان فعالية هذا الورش.
وفي رسالته، شدد جلالة الملك على أهمية إشراك المواطنين والمجتمع المدني في اتخاذ القرار العمومي على المستوى الجهوي، بما يعزز الديمقراطية التشاركية التي نص عليها الدستور. كما دعا إلى اعتماد مبادئ الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة في تدبير الشأن الترابي، بهدف تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد.
كما حث جلالته على ضرورة الارتقاء بجاذبية الجهات لاستقطاب الاستثمار المنتج، من خلال استراتيجيات متكاملة تسهم في توفير بنية تحتية حديثة، وتحفيزات ملائمة، وتأهيل الموارد البشرية. وأكد على الحاجة إلى ابتكار آليات تمويلية جديدة، بالنظر إلى محدودية التمويل التقليدي، مع تعزيز دور الجهات في تدبير المخاطر والاستباق للأزمات، مثل الإجهاد المائي وتطوير النقل والتحول الرقمي.
وفي ختام رسالته، دعا جلالة الملك المشاركين إلى الخروج بخارطة طريق واضحة وواقعية تحدد توجهات المرحلة المقبلة، بما يضمن تفعيل الجهوية المتقدمة كرافعة حقيقية للتنمية المستدامة والشاملة. وأعرب عن أمله في أن تسهم توصيات هذه المناظرة في تحقيق تطلعات المغاربة نحو مستقبل أفضل، يضمن العدالة المجالية والعيش الكريم في كل ربوع المملكة.