أخبار الدار

هل يطوى ملف الريف في عيد العرش أم عيد الأضحى؟

الدار/ رشيد عفيف

في بداية شهر ماي الماضي كانت كثير من الشروط الموضوعية والذاتية قد نضجت ودفعتنا إلى توقع الإفراج عن كثير من المعتقلين على ذمة احتجاجات الريف خصوصا بعد أن خطا السجناء خطوة تعبر عن النوايا الحسنة. جاء الجواب بعد شهر واحد بالتمام والكمال بمناسبة عيد الفطر عندما شمل العفو الملكي 107 أشخاص من المعتقلين على خلفية احتجاجات الريف وجرادة. واستفاد من ذاك العفو 60 معتقلا أدينوا على خلفية "حراك الريف"، و47 آخرين دينوا في إطار احتجاجات جرادة.

ورغم أن البلاغ الرسمي لوزارة العدل حاول حصر فئة السجناء المستفيدين من العفو بكونهم "مجموعة من المعتقلين الذين لم يرتكبوا جرائم أو أفعالا جسيمة في هذه الأحداث" إلا أن هذه الخطوة كانت عربونا واضحا على رغبة المغرب في طي هذه الصفحة.

وتزداد المؤشرات السياسية تراكما أكثر في الأسابيع القليلة الماضية لما يمكن تأويله بقرب الطي النهائي لهذا الملف بالعفو عما تبقى من السجناء المعتقلين على خلفية حراك الريف على الخصوص. كانت بداية هذه المؤشرات بنشر المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان أحمد شوقي بنيوب التقرير الرسمي الأول حول تقييم "أحداث الحسيمة وحماية حقوق الإنسان"، ورغم أن الجزء الأكبر من مضامين التقرير سار في اتجاه تزكية المقاربة الأمنية التي تم نهجها، إلا أن إنهاءه في هذا التوقيت وإخراج مضامينه قد يعتبر أول خطوة في مسلسل الطي النهائي للملف. ولم يتردد بنيوب خلال إعلانه عن صدور التقرير في الحديث عما سماها مفاجأة حقوقية يحضرها مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، موضحا أنه سيقدم تقريرا حول حقوق الإنسان على ضوء دستور 2011.

وفي سياق المؤشرات السياسية الإيجابية دائما كانت أقوى إشارة تهم ملف معتقلي الريف تلك التي قدمها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في حواره مع قناة “فرانس 24” يوم الثلاثاء الماضي عندما قال رئيس الحكومة إن عفو الملك على سجناء حراك الحسيمة وسجناء الاحتجاجات بجرادة وعلى عدد من معتقلي ما يسمى السلفية الجهادية، "هو سلوك سياسي مغربي"، مؤكدا، أن هناك "خطوات ستأتي في المستقبل"، للعفو عن باقي المعتقلين. ومن الواضح أن إعلان رئيس السلطة التنفيذية لهذا الخبر لن يكون إلا مستندا إلى معطيات واقعية ملموسة يتم التحضير لها بعلم الحكومة وبتنسيق معها. ويأتي هذا التصريح في وقت تتواصل فيه اللقاءات التي دشنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان مع عائلات المعتقلين.

وكانت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمينة بوعياش قد استقبلت يوم الاثنين 17 يونيو بالرباط مجموعة من أمهات وعائلات المعتقلين على خلفية أحداث في إطار سلسلة لقاءات مماثلة باشرها المجلس ابتداء من 20 ماي الماضي. وتنعقد هذه اللقاءات تفعيلا لدعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتاريخ 12 أبريل 2019 للاستماع إلى عائلات المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة وجرادة والتفاعل معهم بخصوص ظروفهم ووضعية المعتقلين ومتابعة أوضاعهم. و سيواصل المجلس، خلال الأيام المقبلة، لقاءاته مع باقي عائلات المعتقلين وفاعلين مدنيين.

وكان المعتقلون على خليفة أحداث الريف قد أقدموا في بداية شهر ماي الماضي على مبادرة توقيف إضرابهم عن الطعام، الذي دام لأسابيع، وأصدروا ما يشبه بيانا لحسن النوايا يمزج بين مطالبهم الخاصة وما اعتبروه مصلحة للوطن. وظهر من لهجة البيان الصادر بطنجة الرغبة في تهدئة الأمور، وانطوى على إدراك واضح من النشطاء أن لهجة التحدي في مواجهة الدولة ومؤسساتها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقود إلى انفراج في هذا الموضوع وإنهاء معاناة الأسر.

وعلى أبواب مناسبتين مهمتين تعرفان عادة إصدار عفو ملكي بانتظام عن السجناء، يتبادر السؤال عن المناسبة التي يمكن أن تطلق فيها السلطات عفوا شاملا عن بقية المعتقلين لطي هذا الملف طيا نهائيا. ويصدر العفو الملكي عادة في المناسبات والأعياد الوطنية مثل عيد العرش المرتقب في نهاية يوليوز الجاري، وكذا في المناسبات الدينية كعيد الأضحى المرتقب في شهر غشت المقبل. ويصدر العفو الملكي عن السجين إما بناء على طلب المعتقل أو أحد أقاربه أو أصدقائه أو محاميه أو من طرف المصالح الدبلوماسية أو القنصلية. كما يكمن أن يصدر بناء على التماس من النيابة العامة أو اقتراح من المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج. كما يمكن لقاضي تطبيق العقوبات أيضا أن يقترح العفو، إضافة إلى إمكانية صدوره بناء على توصية من اللجنة الإقليمية لمراقبة السجون.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى